أسعار القرطاسية تحلّق… والكتب المستعملة أحد الحلول!

احمد ترو
احمد ترو

يستقبل الطلاب عاماً دراسياً جديداً مليئاً بالعوائق وعدم جهوز الأساتذة والأهالي واستعدادهم للانخراط بمتاعب الدراسة، وما زال مصير العام الدراسي محفوفاً بخطر التوقف على الرغم من فتح بعض المدارس الخاصة أبوابها.

لا أمل، بل إن أجواء البلد وضعت الطلاب على سكة الضياع والخوف على مستقبلهم، أما الأساتذة والأهل فأصبحوا محاطين بكل ما هبّ ودبّ من أزمات معيشية تجعلهم غارقين فيها غير قادرين على التخلص منها، إذ لا يمكنهم سوى مواجهتها وتحمّلها حتى يحلّ الفرج.

كل ذلك يترافق مع تحليق أسعار الكتب والقرطاسية والأقساط المدرسية بشكل يجعل من الصعب على الأهالي تحمّل تبعاتها. فمن من الأهالي كان يتوقع شراء القرطاسية لأولاده بالحبة بدلاً من الدزينة؟

بكداش: جاهزون في أي وقت

يقول صاحب مؤسسة “OPP” لصناعة الورق زياد بكداش لـ”لبنان الكبير”: “مؤسستنا تعمل على تصنيع الدفاتر حالياً على أساس القرار الذي أصدره وزير التربية السابق بعودة الطلاب حضورياً، لكن حتى الآن الصورة ملتبسة ويعود السبب لاعتراض الأساتذة على قراره رافضين العودة الى التدريس، وبسبب هذه التطورات نسير جزئياً في عملية تصنيعنا لنكون مهيئين لتلبية الحاجات في أي وقت”.

ويتابع: “قدرة الأهل الشرائية تراجعت بشكل هائل بسبب تراجع سعر صرف الليرة مقابل الدولار، لذلك الأصناف المشهورة والاجنبية من القرطاسية لن تُباع بشكل كبير في السوق هذا العام لأن أسعارها مرتفعة، وبالتالي سيلجأ الاهالي إلى شراء الأصناف الأقل سعراً عن غيرها، ويعتبر (OPP) كمنتج لبناني أرخص من أي منتج مستورد”.

ويختم بكداش: “لن نضيع وقتنا بطلب دعم القرطاسية لهذه السنة من مصرف لبنان، لأن الدعم سيرفع عن كل شيء، وحتى الـ100 مليون دولار التي كانت مخصّصة للصناعيين خفّضها مصرف لبنان الى 60 مليوناً”.

دفتر “الكارنيه” بـ 17000 ليرة

يقول صاحب إحدى المكتبات: “كان سعر قلم البيك 250 ليرة والسبعة أقلام بألف ليرة، وفي معظم الأحيان كنا نشعر بالخجل عندما نأخذ ثمن القلم الواحد من الزبون. اليوم أصبح سعر القلم الواحد 2000 ليرة، ودفتر الـ”كارنيه” الذي كان بـ2000 ليرة صار سعره 17000 ليرة، لذا أصبحت أقول للزبون لا يوجد دفاتر للبيع لأن لا أحد سيشتريه بهذا السعر”.

خطاب: نظام تبديل الكتب

ويقول مدير مدرسة عمر بن الخطاب: “اتّبعنا في مدرستنا نظام تبديل الكتب بين التلاميذ، أي الطالب الذي أنهى صفه عليه أن يسلّم كتبه القديمة إلى المدرسة ليحصل على كتب جديدة، فمثلاً كتاب مادة الرياضيات سعره 180 ألف ليرة، الأمر الذي دفع جميع الأهالي لتبديل الكتب والاستغناء عن شراء كتب جديدة، وبالتالي من لا يملك ثمن الكتب لأولاده سنؤمن له المستعمل منها وستكون مجانية”. وأكد أن “الجمعيات لم تقدم أي مساعدات للمدارس، فقد سعينا للحصول على مساعدات من عدة جهات لكن لم يتجاوب أحد معنا”. في ما خص القرطاسية، أوضح: “طالب المتوسط أو الثانوي يحتاج نحو تسعة دفاتر، لذا طلبنا من الأهالي تأمين الدفاتر لأولادهم من خارج المدرسة لأن كلفتها أقل”.

وختم: “أدنى صف تبلغ كلفة كتبه 400 ألف ليرة فيما أعلى كلفة تصل إلى المليون ونصف المليون، وأسعار الكتب مرتبطة بدور النشر فهناك دار نشر أسعارها مرتفعة جدا، والمدارس لا تؤمن كتبها من دار معينة فكل نوع من الكتب له دار، هذا فضلاً عن المدارس التي تستورد كتبها من الخارج وتدفع قيمتها بالفريش دولار”.

نادين: سنضحي معاً

نادين أم لأربعة أطفال أكبرهم لا يتجاوز الـ16 عاماً والوالد موظف في إحدى الشركات، وراتبه لا يتجاوز المليوني ليرة، الأمر الذي يضع هذا المعيل في مأزق شراء كتب لأولاده الأربعة، ناهيك بدفع الأقساط المدرسية، وإيجار باص المدرسة وتأمين لقمة العيش.

تقول نادين: “أنا لم أتابع دراستي بسبب الحرب الأهلية التي شهدها البلد في الماضي، وما زالت حتى اليوم الحسرة في قلبي بسبب عدم تمكني من متابعتها، واليوم سأضحي بكل ما أملك من أجل تعليم أطفالي مع العلم أن حال زوجي المادية معدومة لكننا سنضحي معاً”.

وتختم: “أسعار الكتب تحلق، والمدارس باتباعها نظام تبديل الكتب وفرت الكثير من الأعباء على الأهالي، لتبقى أسعار القرطاسية عائقا أمامنا، فأقل دفتر سعره نحو 15 ألف ليرة وكل ولد من أولادي يحتاج إلى نحو تسعة دفاتر، معنى ذلك أن وحدها كلفة الدفاتر تتخطى المليون ليرة”.

شارك المقال