فيلم نصب مبكّل… والحصيلة 4 ملايين دولار

إسراء ديب
إسراء ديب

لم يتوقّع عمر مسيكة، والد المواطنة ساندي مسيكة، المتهمة بتنفيذ عملية نصب واحتيال في المنية يُقال أنّها جمعت من خلالها نحو 4 ملايين دولار، أن تقوم ابنته بهذه الخطوة التي جعلت سيرتهم “على كل لسان” في شمال لبنان. وبين من يؤكد خبر قيامها بالنصب ومن ينفيه، تعيش عائلة ساندي، لا سيما والدها في حال صعبة وحرجة، محاولة التواري عن الأنظار لعدم حصول أي إحراج لها بخاصة أنّ الضحايا يجرون غالبًا اتصالاتهم بوالدها لإلقاء المسؤولية عليه أحيانًا، ممّا دفعه إلى نشر بيان توضيحي يؤكد فيه أنّه لا يتحمّل هذه المسؤولية الملقاة على عاتقه.

في الواقع، تضج مواقع التواصل، كذلك المنية بخبر قيام مسيكة (من الميناء) بتنفيذ مشاريع لجمعية تابعة للأمم المتحدة، موهمة ضحاياها من المنية أنّ أموالهم التي يضعونها لمصلحة هذه المشاريع ستعود إليهم بشكلٍ مضاعف. ووفق عدد من الضحايا، فإنّ ساندي تتمتّع بأسلوب إقناعيّ ودهاء اجتماعي، تمكّنت من خلاله “من إيقاعهم بفخّ كبير” لن يتمكّنوا من نسيانه، لا سيما أنّها تمكّنت من التعامل وإقناع شخصيات مهمّة في المنية وخارجها أيضًا.

في هذا السياق، يقول أحد المسؤولين في المنية لـ”لبنان الكبير”: “صحيح أنّ هذه الضربة كانت قوية وقاسية على أهالي المنية، إلا أنّها تبقى غير واضحة المعالم حتّى اللحظة وذلك لتورّط شخصيات كبرى فيها، وهذا ما علمناه أخيراً بعد اجتماعنا مع عددٍ من الفاعليات”.

والدها: شوّهت سمعتي

ينفي كلّ المقرّبين من عائلة مسيكة تورّط أحد أفراد العائلة بما قامت ساندي به، معتبرين أنّه “لا تزر وازرة وزر أخرى”. كما يلفت مسؤول تربوي لـ”لبنان الكبير” إلى أنّ والدها الذي يعمل رئيساً للجنة الأهل في مدرسة سابا زريق في مدينة الميناء، هو شخص خلوق للغاية ويحترم أصول مهنته.

من هذا المنطلق، أجرى “لبنان الكبير” اتصالًا بوالدها الذي يؤكّد لنا أنّه غادر وعائلته (من دون ساندي) الميناء، لكنه ما زال في طرابلس، وذلك للحدّ من الإحراج الذي تسبّبت به ساندي للعائلة، مشيرًا إلى أنّه لا يعرف شيئًا حتّى اللحظة عن ابنته التي لا يعلم مكان إقامتها حاليًا. ويُشدّد مسيكة على أنّ ساندي لم تُغادر الأراضي اللبنانية، “لأنّ الدكتور وائل سكاف من المنية كان قد أخذ جواز سفرها لأنّه كان أحد ضحاياها”.

وبغصّة كبيرة، يؤكد والدها أنّه لم يكن يعرف ما اقترفته ساندي، مستغرباً ولائماً بعض الضحايا الذين سلّموا أموالهم لها من دون أي مستند أو وثيقة رسمية، ويقول لـ”لبنان الكبير”: “للأسف تغيّرت ابنتي علينا منذ نحو 6 أشهر تقريبًا، إذ كانت تخرج من المنزل صباحًا ولا تعود إلّا في ساعات المساء، وتُؤكّد لنا أنّها تعمل جاهدة وأنّ لا همّ لها حاليًا إلّا عملها، وكانت معلّمة في المنية سابقًا، لكنّها تركت التعليم منذ أشهر. وتُشدّد على أنّها موظفة وتعمل على تطوير نفسها، لكن لا علم لنا ما إذا كانت موظفة في الأمم المتحدة كما تداولت الصفحات أم لا، لأنّها لم تقل لنا هذه المعلومات أبدًا”.

ويضيف: “لقد تغيّرت تصرفاتها أخيراً، بخاصة أنّني كنت مضطرًا إلى السفر كلّ فترة إلى إسطنبول حيث يدرس ابني لمساعدته أحيانًا، فأسافر وأعود لكن حين عدت أخيراً لم أكن أتوقع هذه المصيبة الكبيرة التي حلّت علينا، فأنا لم أدخل الى بيتي قرشًا محرّمًا أبدًا، ومنذ 20 عامًا عملت في المدرسة وكلّ الطاقم التربوي يحترمني وكل الناس تُقدّر عمر مسيكة المعروف بمساعدته للآخرين، فكيف فعلت هكذا بنا؟ ما حصل حرام وخطيئة لا تُغتفر، فوالدتها ذائبة من الحزن وإخوتها يبكون من شدّة المصيبة، أمّا أنا فسأموت بحسرتي بسببها”.

ويتابع: “لم تُدخل ساندي أموالها الى منزلي أبدًا، فصحيح أنّ راتبي لا يكفيني، لكن زوجتي تساعدني كثيرًا وأهلها؛ كذلك ابنتي الكبيرة التي تعمل وتساعدني في المنزل، حتّى سيارتي فهي عندي منذ 12 عامًا، فلو كانت تغيّرت حالي بسببها لكنت بدّلتها وتحسّنت أحوالنا”، مؤكدًا وقوفه إلى جانب الضحايا الذين يراهم أنّهم محقّون في صرختهم.

لا ادعاءات

خلافًا لم تمّ تداوله الكترونيًا، يلفت مصدر أمني لـ”لبنان الكبير” إلى أنّ العائلات المتضرّرة لم تدّعِ على ساندي حتّى اللحظة، مؤكّدًا احتمال توجّه الأهالي إلى النيابة العامّة بدءًا من الاثنين لتقديم شكوى لتتّجه بعدها إلى فصيلة الميناء، وهي إجراءات ستستمر زهاء يومين، لافتًا إلى تأكيد الرسميين أنّ ساندي سرقت نحو 5 ملايين دولار.

فيلم هندي “مبكّل”

يُشير أحد العاملين في عدد من الجمعيات المحلّية والمنظمات الدولية، إلى أنّه منذ 6 أشهر، سأله أحد الأشخاص عن ساندي وعملها وبعد شرحه التفاصيل، “أكدّت له أنّها نصابة كبيرة لأنّ المنظمات لا تُديّن أو تتديّن ولا تقدّم أموالًا 100 بالمئة، وما حصل هو عملية ربا يعاقب عليها القانون، ليقوم وبكل ذكاء بسحب أمواله وخداعها، وقال لها أنّه سيعود بمبلغ أكبر، فأعادت له ماله مع ربح وصل لنسبة 15 بالمئة”.

كما لا يُخفي أنّ الأرقام المتداولة مبالغ فيها، إلّا إذا تضمّنت الأرباح والتأخيرات وغيرها، والتي حصلت عليها بسبب ثقتهم بها ممّا أغرقهم في هذا المستنقع.

وعن احتمال كونها موظفة في الأمم المتحدة، يُشدّد على أنّه لو كانت فعليًا موظفة في الأمم أم لا، لكانت المنظمة أصدرت بيانًا توضيحيًا تنفي أو تُؤكّد ذلك، وهذا لم يحصل حتّى الساعة، ويقول لـ”لبنان الكبير”: “هناك احتمال أن تكون عملت معها عبر “تجميع البيانات” في مشروع ما، لكن على المنظمة توضيح ذلك أمام الرأي العام…”.

مناورات احتيالية

ولمعرفة الرأي القانوني، تُؤكّد المحامية عتيْبة مرعبي أنّه وحسب الوقائع والمعطيات، فإنّها عملية احتيال تراوح عقوبتها ما بين 6 أشهر و3 سنين، مع ضرورة دفع عطل وضرر (غرامة مالية) لأنّها تسبّبت بأذى للناس مع ضرورة ردّ الأموال إلى أصحابها. وفي حال صرفت هذه الأموال أو بعضها، يُحاسبها القانون أيضًا.

وتقول لـ”لبنان الكبير”: “ليس من السهل إثبات جرمها الذي يندرج تحت جرم المناورات الاحتيالية، إلّا إذا أقرّت به أو في حال وجود شهود عند إجراء العملية، وللأسف حالهم صعبة، لكن أنصحهم بالتقدّم بشكوى وحسب نتيجة التحقيقات يُحوّلها القاضي إلى المحكمة عند إثبات الجرم. وفي حال عدم الإثبات تُحفظ في النيابة العامّة، متمنّية على المواطنين ضرورة الاعتماد على المستندات والأوراق لحماية أنفسهم لتجنّب الوصول إلى هكذا قضية صعبة”.

ووفق المادة 655 من قانون العقوبات، فإنّه من المناورات الاحتيالية:

1- الأعمال التي من شأنها إيهام المجني عليه بوجود مشروع وهمي أو التي تخلق في ذهنه أملًا بربح أو تخوفًا من ضرر.

2- تلفيق أكذوبة يُصدّقها المجني عليه نتيجة تأييد شخص ثالث ولو عن حسن نية أو نتيجة ظرف مهد له المجرم أو ظرف استفاد منه.

3- التصرّف بأموال منقولة أو غير منقولة ممن ليس له حق أو صفة للتصرف بها أو ممّن له حق أو صفة للتصرّف، فأساء استعمال حقّه توسلًا لابتزاز المال.

4 – استعمال اسم مستعار أو صفة كاذبة للمخادعة والتأثير، ويطبق العقاب نفسه في محاولة ارتكاب هذا الجرم.

شارك المقال