التفلّت الأمني في مخيّم البداوي… نحو انفجار اجتماعي

إسراء ديب
إسراء ديب

إشتباكٌ مسلّح جديد سلّم مخيّم البداوي برمته لساعات إلى كفّ عفريت نشر حالة من الفوضى والقلق، خوفًا من التطوّرات الأمنية التي قد تنتج عن الإشكال الذي وقع عند حاجز حركة الانتفاضة الفلسطينية في المخيّم بين عدد من الأشخاص وعناصر الحاجز.

وبعد اشتباكات عنيفة، أدّت إلى وفاة “إبراهيم مهاوش” وإصابة شخصين آخرين، ونجاح مساعي الفصائل الفلسطينية في الحدّ من تداعيات هذه التطوّرات الأمنية، يعيش أهالي المخيّم حالا من الرّعب، مما دفع بعضهم إلى قطع الطريق الرئيسية داخل المخيم بحاويات النفايات والصناديق والحجارة، احتجاجًا على الإشكال.

استفزاز مشترك

بشكلٍ عام، قد تحصل اشتباكات في المخيّم وهي لا تتجاوز كونها اشتباكات فردية، أمّا هذا الإشكال فقد وقع، وحسب مصدر مسؤول في المخيّم، بسبب خلافات على الممتلكات والصلاحيات والمكاتب، أيّ أنّها مشاكل ناتجة عن الاستفزازات.

ويقول المصدر لـ”لبنان الكبير”: “إنّ الحاجز يتبع لحركة الانتفاضة الفلسطينية، هذا التنظيم المنشق عن حركة فتح الانتفاضة، أمّا الإشكال فقد حصل مع المنشقين، مما أدّى إلى حصول توتر بين الطرفين لكن الخلاف لم يكن سياسيًا بقدر ما كان خلافًا على الصلاحيات، وهي خلافات ليست بجديدة وقد يكون أحد الأشخاص شاربًا للخمرة مما أدّى إلى تفاقم هذه المشكلة ووصول التوتر إلى هذه المرحلة”. ويُضيف: “عُقدت اجتماعات متوالية للفصائل، مع تسليم شخصين للجهات الأمنية اللبنانية التي تدخلت عبر هذه الفصائل وجرى تسليمهما للمخابرات”.

إنّ حالة الخوف هذه التي رافقت الإشكال، اشتدّت عند دفن مهاوش بعد إطلاق الرصاص خلال التشييع مما أدّى إلى إصابة أحد الشبان بخاصرته، وذلك خلافًا لما تمّ نشره على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ أكّد الكثير من المتابعين مع عدد من الصفحات الإخبارية إصابة أحد الأطفال في المخيّم برصاص طائش، لكن بعد التأكّد من صحة هذه المعلومات من شخصيات مسؤولة في المخيّم، أكّدوا لنا إصابة أحد الشبان في خاصرته، واصفين إصابته بالطفيفة.

كما يُشدّد المصدر على أنّ تسليم الشخصين للقوى الأمنية فضلًا عن مرور الدفن بسلام (بغض النظر عن آفة إطلاق الرصاص الطائش في الهواء عشوائيًا)، كلّها أمور ساهمت فعليًا في دخول المخيّم في حال من الهدوء، لافتًا إلى أنّ هذه الأزمة غير قابلة للتجدّد حاليًا، لأنّ المخيّم لديه ما يكفيه من الهموم والمصاعب التي يُواجهها، ولم يكن إطلاق الرصاص إلّا من بعض الشبان الغاضبين لكن “غيمة وانزاحت عن هذا المخيّم الحزين”.

وعن حال الجرحى، يُؤكّد المصدر أنّ حالهما حرجتان، فأحدهما دخل في غيبوبة والآخر حاله صعبة وهما في مستشفى طرابلس الحكومي الذي يقوم بما يلزم لعلاجهما. وخلال تلقّي الجريحين العلاج داخل المستشفى، ظهرت الكثير من الشائعات الالكترونية التي تمّ تداولها بين الناس وأشارت إلى أنّ الجريح الذي كان في غيبوبة قد توفي، لكن بعد التواصل مع أحد المعنيين في المخيّم، أكّد لنا أنّها مجرّد شائعات وهو ما زال حيًا (حتّى لحظة كتابة هذا الموضوع)، لافتًا إلى خطورة وضعه الصحيّ.

انفجار اجتماعي متوقّع

من يُتابع الأحداث المختلفة التي تحصل في مخيّم البداوي، سيُشير بلا أدنى شكّ إلى صعوبة الوضع الاجتماعي والاقتصادي الذي يعيشه أهالي المخيّم منذ سنوات وهم يتحمّلون مثلهم مثل المواطن اللبناني هذه الابتلاءات التي أنهت الحياة الكريمة في لبنان بكلّ جدّية وحزم.

ويُمكن التأكيد أنّ ما يُواجهه الفلسطينيون في لبنان هو أصعب بكثير ممّا يتخيّله الآخرون، ذلك لأنّهم محرومون من الكثير من الحقوق التي تضعهم على الخريطة الإنسانية ولا سيما مع قرب حلول فصل الشتاء، فضلًا عن “تقصير الأونروا المسؤولة عنهم، وهي تُقدّم مؤخرًا مساعداتها لكن وفقًا لمعايير معيّنة بينما يحتاج كلّ اللاجئين الفلسطينيين اليوم إلى مساعدات لأنّ جميعهم يتساوون في الفقر والعوز… وإنّ أيّ تقصير سيزيد من حدّة الاحتقان، مما يُؤدي في حقيقة الأمر إلى حصول انفجار اجتماعي وشيك بسبب الضغوط التي يُواكبها هذا الشعب منذ زمن، وبالتالي إنّ الاشتباكات المسلّحة تزيد الطين بلّة ولا تُريح الفلسطينيين الذين يخشون من التطوّرات الأمنية ويحسبون الحسابات لمواجهتها ولا سيما مع التردّي الاقتصادي الحاصل في لبنان”، حسب متابع لملف اللاجئين لـ”لبنان الكبير”.

شارك المقال