تحفيز الشركات المتعدّدة الجنسية يشجّعها على العودة

نور فياض
نور فياض

أصبح لبنان بلداً فارغاً إلا من مواطنيه غير القادرين على السفر، وغائباً عن التكنولوجيا والتطوّر، إذ لوحظ أخيراً هروب شركات متعدّدة الجنسية بسبب الظروف الاقتصادية القاهرة التي يمرّ بها الوطن. ولم يقتصر الرحيل عليها فقط، بل سبقتها أدمغة كانت أساساً السبب الرئيسي لاستقطابها.

أغلقت العديد من الشركات أبوابها من دون أن تأبه الدولة للحالة الاقتصادية والاجتماعية التي ستترتب على ذلك، وأقفلت 40% منها مثل “بيتزا هوت” و”سي أم إي” وغيرها من الشركات العالمية. وكان من الممكن تحفيز هذه الشركات على البقاء من خلال تقديم تسهيلات قانونية واستثمارية، مثل تعديل بعض القوانين المتخصصة كما اقترح النائب طوني فرنجية الذي تقدّم بقانون معجل مكرر في 25 آب 2020 يتعلق بحماية هذه الشركات.

ويؤكد فرنجية لـ”لبنان الكبير” أهمية القانون المقترح، شارحاً بعض تفاصيله، فهو يرمي إلى إضافة مادة جديدة بعد المادة السابعة عشرة إلى القانون الرقم 360 (تشجيع الاستثمارات في لبنان) المعدّل بموجب القانون رقم 771 تاريخ 11/11/2006 على الشكل التالي:

“يحق للشركات الأجنبية أن تتمتّع بتسهيلات استثنائية لمدة 25 سنة قابلة للتجديد عند نقل الفرع الإقليمي لها إلى لبنان ومنها:

  • إعفاء كامل للضريبة على أرباح الشركات.

  • إعفاء كامل للضريبة على الأرباح الناتجة من بيع الأصول الثابتة، بما في ذلك الأصول المالية.

  • إعفاء كامل لرسوم تسجيل العقارات التي تتم ممارسة النشاط منه…”

ويؤكد فرنجية أنّ هذا القانون تستفيد منه الدولة عبر استقدام رؤوس الأموال الأجنبية للاستثمار في الدول النامية بالتحديد، في محاولة منها لتخفيف مشكلة البطالة وإنعاش الدورة الاقتصادية ومحاولة الدول المستثمرة تأمين أسواق تجارية جديدة وتحسين حركتها التجارية مع العالم الخارجي، أي تطوير حركة التجارة فيها وإدخال العملات الصعبة التي يعاني لبنان من نقصها، مما يهدّد قيمة الليرة اللبنانية.

وأوضح فرنجية لـ”لبنان الكبير” أنّ “هذا القانون ما زال في أدراج البرلمان وكان وُضع مرة واحدة على جدول الأعمال وانتهت الجلسة قبل التصويت عليه، لكن سيُفرج عنه عند استئناف جلسات المجلس”، آملاً تمريره.

من جهته، قال رئيس “الجمعية اللبنانية لترخيص الامتياز” يحيى قصعة لـ”لبنان الكبير”: “40% من الشركات المتعددة الجنسية أغلقت متاجرها بشكل كلي والبعض الآخر بدأ تسكير بعض فروعه كمرحلة أولى قبل الإغلاق التام. وفي السنوات الأربع الأخيرة، شهد هذا القطاع أزمة هائلة جرّاء ما يمر به لبنان، وبالتالي لا يمكن الشركات أن تستمر بعملها كالمعتاد”.

وأردف: “في المقابل، نلحظ ولادة شركات لبنانية بغية تعويض فراغ الأجنبي مع العلم أنّ اللبناني سابقاً كان يفضّل تلك الماركات الغربية. لكن اليوم، وبسبب انخفاض القدرة الشرائية للمواطن، بات بديله الماركات المحليّة التي تتنافس على الجودة لتكثيف الإقبال عليها. لذلك، أشجّع على الاقتصاد الحر لخلق تنافس والحصول على منتج مبتكر ومتطور. وآمل أن تحمل هذه الحكومة الرؤية الواضحة ليبقى هذا القطاع صامداً.”

وفي هذا الصدد، يقول الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان لـ”لبنان الكبير” أنّ “لهروب الشركات المتعددة الجنسية سلبيات وإيجابيات. فهجرتها من لبنان تؤدّي إلى شبه انقطاعنا عن العالم، فهي كانت رابطاً وجسراً اقتصادياً بين الداخل والخارج. أما إيجابياتها، فمنها زيادة الإنتاج الداخلي ليسدّد الفجوة كمنتجات شبيهة بتلك التي كانت تباع، وإما خدمات محلية بديلة فتخلق بذلك فرص عمل وتحرك العجلة الاقتصادية”.

التعامل مع الخارج أمر ضروري لا غنى عنه، لكنه يجب أن يقوم على أساس النديّة والعلاقات المتكافئة مع الآخر. كما يمكن الكثير من بلدان العالم الثالث، إحداث نقلة تكنولوجية تلعب دوراً في تقليص الهوّة مع العالم الصناعي، وذلك بالسماح للشركات المتعددة الجنسية باستثمار أموالها في مشاريع منتجـة، والقيام بتأهيل أعداد كبيرة من المواطنين في هذه البلدان. لذلك، على المسؤولين دعوة العقول المهاجرة للعودة للقيام بواجباتها الوطنية، لكن في وطننا لا وجود لأدنى الحقوق الحياتية ولا تطبيق لقوانين تحمي وتعزّز دور هذه الشركات.

فهل ستستيقظ الدولة لتفادي هبوطنا تحت خط الانهيار أم الوصول إلى القاع بات واقعاً لا مفرّ منه؟

شارك المقال