حق الوصول إلى المعلومة… حبر على ورق!

آية المصري
آية المصري

لا تحبذ معظم المنطقة العربية قانون الحق في الوصول للمعلومات، كما لا تقبل إقراره، أو تقرّه مع وضع استثناءات وقيود عدة عليه… أجل ثمّة الكثير من اللاءات المفروضة على هذا النوع من القوانين.

وبالنسبة إلى البلاد العربية فحجب المعلومات وعدم إبقائها متاحة يتم بواسطة استخدام حيل لا تعد ولا تحصى، بغض النظر عن إيجابيات هذا القانون ووظائفه التي تخدم المصلحة العامة، وتساهم في إبقاء البلاد في وضع مستقر.

والحق في الوصول إلى المعلومة أساسي، ومن الضروري السعي لقانون يضمنه، بما لديه من قدرة على المساءلة وممارسة الرقابة المجتمعية، ومكافحة الفساد من خلال تكمين المواطن والصحافيين من الوصول إلى مصدر المعلومة، وإلزام الإدارات بالعلنية في كل أنشطتها وقراراتها. كما يضمن الحق في التعبير عن الرأي وفي حرية العمل الصحافي.

أقر قانون الحق في الوصول إلى المعلومة في لبنان في شباط 2017، والمادة 14 منه أعطت مهلة 15 يوماً للرد على طلب المعلومات، مع إمكان تمديد هذه الفترة لمرة واحدة في حال كان يتضمن الطلب العديد من المعلومات. لكن معظم الإدارات الرسمية رفضت إعطاء المعلومات بحجة عدم صدور مرسوم تطبيقي للقانون على الرغم من أن القانون كان يعتبر نافذاً من تاريخ إقراره اي منذ 2017.

وفي هذا السياق، تُطرح تساؤلات عدة، منها: هل يطبق هذا القانون في لبنان؟ ام الاستثناءات ابقته حبراً على ورق؟ وهل من تعديلات تخدم المصلحة العامة بدأت تظهر عام 2021؟ وكيف يقسم هذا القانون؟ وماذا عن المدة الزمنية المحددة للحصول على المعلومة؟

في لبنان، الوضع مأساوي في ظل غياب الشفافية، وثقافة الحكم المهيمنة تعدّ من ابرز المعوقات للوصول الى المعلومات، وعدم تطبيق القانون بالشكل الجيد. هذا القانون مقسم الى جزأين، الأول مرتبط بطلب المعلومة، بحيث يذهب الفرد الى اي إدارة فيها موظف للمعلومات فيتسلم الطلب وهناك مهلة 15 يوماً، وفي حال يريد التعليل فيكون بحاجة الى 15 يوما اضافيا. اما في حال إنقضاء المدة ولم يتسلم الفرد المعلومة، فمن حقه التوجه الى مجلس شورى الدولة. وهناك عدد من الأفراد والجمعيات المدنية حصلوا على المعلومات اللازمة بعد قصد مجلس شورى الدولة، لكن خلال عملية التطبيق الفعلية ظهر التعنّت، ورفضت معظم الادارات الرسمية تطبيق هذا القانون. اما الجزء الآخر من القانون، فهو مرتبط بالنشر الحكمي للموازنة على سبيل المثال، بحيث امتنع عن إنشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد واستخدمت الادارات الرسمية هذه الحجة كثيرا، وعدم انشاء هذه الهيئة تعيق تطبيق القانون.

وبالنسبة إلى المدير التنفيذي في الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية – لا فساد (LTA) جوليان كوروسون، فيرى ان هناك الكثير من الذرائع، وبعد التعاون مع احد النواب في المجلس النيابي، اتفق على سحب هذه الذرائع، والقيام بدراسة قانونية بالعديد من التوصيات لتعديل القانون، بحيث تم النجاح في هذا الشق، وصوّت البرلمان اللبناني هذه السنة (2021) على تعديل قانون الحق في الوصول الى المعلومات. وتم إدخال العديد من التعديلات عليه، منها عدم وجود أي صفة او مصلحة لطالب المعلومة، واي مستند إداري في حال وجوده لدى الادارات المقصودة ليس بالضرورة العودة الى سلطة الوصاية… ناهيك بإصدار قانون الشراء العام، الذي يوحّد الشراء العام، وينشر حكماً في أكثرية البيانات والمستندات المتعلقة بالمشتريات العامة، بغض النظر عن الاستثناءات التي يُعمل عليها لقوننتها بشكل واضح وممنهج.

بغض النظر في موضوع الإستثناءات داخل القانون، وبخاصة المتعلقة بمواضيع الأمن والاقتصاد. تعمل جمعية لا فساد مع منظمات المجتمع المدني على تعديل هذا الجزء، من خلال وضع منهجية واضحة، تابعة للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، بحيث تكون مهمتها التدقيق في المعلومات، ومعرفة اذا كانت تلك تضر في المصلحة العامة أم لا. وخلال المرحلة المقبلة سيكون التركيز على تعديل مواد القانون من خلال التخلص من القيود، والتعديلات ستكون متناسبة مع المبادئ والدستور اللبناني.

الوضع في لبنان متأزم، ويجب التخلص من الضبابية السياسية في الحكم، والنهوض والاصلاحات لن تكون الا من خلال تطبيق الشفافية والتخلي عن المحسوبيات والتقسيمات.

شارك المقال