زيت الزيتون… يتربّع على عرش الكماليات!

جنى غلاييني

مَن قال إنه سيأتي يوم تخلو فيه بيوت اللبنانيين من زيت الزيتون في عز موسمه؟ ففي ظل الارتفاع الذي يسجّله الدولار مقابل الليرة اللبنانية تسجل الأسواق ارتفاعاً هائلاً في أسعار تنكة زيت الزيتون، لتندرج هي الأخرى في خانة “للأغنياء فقط”!

على الرغم من غلاء سعر التنكة حالياً، حلّ موسم القطاف بوفاض خال ليزيد الطين بلةّ، وتؤكد المزارعة التي تعمل في حقل الزيتون نوال بزيع ذلك بحديث لـ”لبنان الكبير” قائلةً إن “موسم الزيتون لا يشبه سابقه، فكمياته ضئيلة جداً هذه السنة، الأمر الذي يؤثّر تدريجياً في ارتفاع سعر تنكة الزيت، وحتى الآن هناك إقبال جيد على شرائها لأنّه لا يمكن الاستغناء عنها في أي بيت لبناني، إذ يُعتبر الزيت من أساسيات موائدنا، وتسعيرة التنكة لم تتغير وبقيت 100 دولار، أما الفارق المعلوم الذي أوصلنا إلى هذا الوضع الصعب فهو عدم استقرار الليرة وتراجع قيمتها”.

الكنز الأصفر يتخطى أضعاف الحد الأدنى للأجور، ويشرح لنا صاحب معصرة زيتون في الجنوب حسن قنديل واقع الحال أنّ “لا تسعيرة موحدة لتنكة زيت الزيتون، فسعر التنكة ممكن أن يصل الى المليونين ونصف المليون أو أكثر حتى!”. ويتابع: “الطلب لم يتأثر، لأنّ الزبائن أنفسهم غير متأثرين بارتفاع الأسعار، وعلى هذه الحال أعتقد أنّ الكل مرتاح ماديّاً، وعلى الرغم من ذلك قُمنا بتخفيض 10 دولارات من كلفة التنكة، المبلغ الذي كان يذهب إلى صيانة آليات المعصرة، وذلك بهدف التوفير على الزبائن وضمان استمراريتنا في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد”.

وتروي إحدى الفتيات من منطقة البقاع معاناتها: “إنني مقبلة على الزواج قريباً، والمنزل يحتاج إلى الكثير من الأساسيات التي يصعب علينا شراؤها بسبب الغلاء الفاحش، ومنها زيت الزيتون الذي نستخدمه بكثرة في مناطقنا الريفية، كالهواء والماء لا يمكننا العيش من دونه، والمفاجأة أن سعرها في السابق لم يكن يتخطى الـ100 ألف إلى 150 ألف ليرة لبنانية كحد أقصى، بينما أصبحت اليوم السعة عينها بسعر لا يقل عن المليون ونصف المليون أي ما يساوي راتبي الشهري”.

وتضيف: “نحن لا نستطيع شراءه، فما بالكم بأصحاب الأراضي المزروعة من أشجار الزيتون، خسارتهم كبيرة، وجنى عمرهم يذهب أمام عيونهم بأرخص مما كانوا يتوقعون، الوضع مزرٍ وصعب من كافة النواحي الحياتية، ولا نرغب بالاعتياد عليه ونتمنى من أصحاب النفوذ والسلطة إيجاد حل جذري قريب”.

وفي السياق عينه، تصف هالة الشامي، الأم لثلاثة أولاد، معاناتها بأنّها تعمل طوال الشهر في مهنة المحاسبة لتتقاضى مليون و500 ألف ليرة نهاية الشهر الذي لم يعد يكفي لشراء تنكة زيت الزيتون. وتضيف: “الحالة تعتير وقرف! أصبحت أشتري زيت زيتون مغشوشاً بدلاً من الأصلي”.

الأوضاع من سيئ الى أسوأ، خصوصاً بعد انضمام زيت الزيتون إلى الكماليات على الموائد اللبنانية، وبات حكراً على الأغنياء فقط. فبعد انقطاع الحليب وغلاء المواد الغذائية حتى الوطنية منها، فهل سيأتي يوم نطبّق فيه مقولة “شحّدتونا الملح!”.

شارك المقال