ماذا يحدث في وادي الجاموس العكارية؟

إسراء ديب
إسراء ديب

ضجّت المواقع الإخبارية كما مواقع التواصل الاجتماعي بخبر سقوط قتلى وجرحى في اشتباكات مسلّحة عنيفة بين عائلتيْن في بلدة وادي الجاموس العكارية، وهي ليست المرّة الأولى يحصل هذا النوع من الاشتباكات بين عائلتيْ “الطرطوسي” و”السيّد” في المنطقة عينها، لكن خبر سقوط القتلى وانتشار خبر عجز الجيش اللبناني عن دخول هذه المنطقة نزل كالصاعقة على أهالي الشمال الذين حاولوا معرفة تفاصيل هذه الحادثة، والسبب الذي يُؤدّي إلى حصول هذه المعارك التي لم تكن وليدة اللحظة.

يُمكن التأكيد أنّ عملية الاستفزاز التي حصلت بين هاتيْن العائلتين بدأت منذ شهر نيسان الفائت وتحديدًا في شهر رمضان، حين حصلت مواجهات بين العائلتين بعد خلاف على “أفضلية المرور”، ليسقط حينها قتيل من آل السيّد مع عدد من الجرحى.

ويبدو أنّ هذه الحادثة لم تمرّ مرور الكرام، بل تحوّلت إلى محاولة للأخذ بالثأر، ممّا جعل المنطقة كلّها في توتر مستمرّ وخوف من تفاقم حدّة الاشتباكات التي عادت واندلعت بالفعل بين العائلتين بعد تعرّض “المواطن أحمد محمّد الطرطوسي إلى عملية قتل فجراً منذ نحو يومين تقريبًا، نقل على اثرها إلى مركز اليوسف الاستشفائي في حلبا، ودخل إلى الإنعاش للعلاج لكنّه ما لبث أن فارق الحياة في اليوم التالي، مما أدّى إلى اندلاع اشتباكات عنيفة بين العائلتين وسقوط 4 ضحايا من آل الطرطوسي أحدهم بحالة حرجة”، وفق ما يقول رئيس بلدية وادي الجاموس الشيخ خضر عكاري لـ”لبنان الكبير”.

ولم تًصرّح بعد عائلة السيّد عن مسؤوليتها في عملية قتل الطرطوسي، لكن كلّ المنطقة باتت تُشير إلى احتمال تحمّلها لهذه المسؤولية لأنّها أرادت التمسّك بالانتقام من أجل ابنها الذي قتل أيضًا منذ أشهر عديدة، وفق ما يرى الأهالي.

ولا يُخفي عكاري وجود صعوبات في تدخل الجيش عند وقوع هذه الاشتباكات التي أدّت إلى إحراق وتحطيم آل الطرطوسي لعددٍ من السيارات والمنازل في البلدة، “لكن الجيش تمكّن من التحكّم بكلّ المنطقة وسيطر على الأوضاع، والمنطقة كلّها في هدوء حذر، ونحن لا نتوقّع تجدّد هذه الاشتباكات حاليًا لا سيما بعد تدخل الجيش الذي ألقى القبض على نحو 9 أشخاص من آل السيّد”.

من جهته، يتوقع مصدر عكّاري اندلاع مواجهات جديدة بين العائلتين بعد فترة زمنية، لكن تدخل الجيش خفّف من حدّة المواجهات التي ستعود إلى الواجهة من جديد بلا أدنى شكّ، مشيرًا إلى احتمال حصول إطلاق نار عند دفن الجثث ممّا سيُؤدّي إلى تجدّد التوتر عند الأهالي، “لكن لا قلق من مواجهات جديدة بالعنف عينه الذي حصل منذ ساعات مع عملية الدفن”.

عملية الثأر واستخدام الأسلحة

يستغرب رئيس البلدية كما أحد المتابعين للملف العكاري وجود آفة الثأر في بلدة وادي الجاموس وغيرها من المناطق والبلدات اللبنانية كافّة، من هنا، يقول عكاري: “نحاول تهدئة الوضع قدر الإمكان، لأنّنا لن نتحمّل المزيد من هذه الاشتباكات التي أرعبت الأهالي وأدّت إلى وقوع خسائر مادية وبشرية ذلك بعد استخدام أسلحة ثقيلة كالقذائف الصاروخية في اليوم الأوّل من الاشتباكات، لكن في اليوم الثاني استخدم الرصاص أيّ الأسلحة الخفيفة خلافًا لما كان يُنشر في مواقع التواصل الاجتماعي”.

أمّا أحد المتابعين، فيُؤكّد أنّ هذه الأزمات التي يُواجهها اللبنانيون مؤخرًا تأتي بسبب الجهل، ويقول لـ”لبنان الكبير”: “عدم المعرفة يدفع البعض إلى استخدام الأسلحة ومقاتلة بعضهم بعضًا بعنف وبلا رحمة، ولا نتحدّث هنا عن آفة تُواجهها وادي الجاموس وحدها بل باتت مشكلة عامّة تصرّ على نشر ثقافة الثأر بين العشائر والقبائل عبر استخدام الأسلحة غير الشرعية تمهيدًا لفرض منطق العشوائية وعدم الاحتكام إلى القوانين الرسمية في البلاد، وبعدما كنّا منارة للشعوب، صرنا في مكانة يُرثى لها بسبب سلوكيات البعض التي تُريد فرض الفوضى لا النّظام، ما حصل في وادي الجاموس كان بمثابة خلافات عائلية بسيطة إلى درجة السذاجة ولا تحتاج إلى سقوط قتلى وجرحى ولا إلى ترويع الأهالي في أيّ بلدة أياً كان موقعها ومهما كثرت الأسباب”.

وصدر عن قيادة الجيش – مديرية التوجيه بيان جاء فيه: “وقع إشكال في منطقة وادي الجاموس – عكار بين أفراد من عائلتي السيد والطرطوسي، مما أدّى إلى وقوع عددٍ من القتلى والجرحى وذلك على خلفية إشكال كان قد وقع بتاريخ 17 / 10 / 2021 بين أفراد من العائلتين المذكورتين لأسباب ثأرية قديمة. تدخلت وحدات الجيش المنتشرة في المنطقة وعملت على توقيف المتورطين وإعادة الوضع إلى ما كان عليه”.

شارك المقال