علّة بيروت بلديتها

نديم بيضون
نديم بيضون

لم يعد خافياً على أحد، علامات الأسئلة حول أسلوب ادارة شؤون الناس وأموالهم في بلدية بيروت. أسئلة حول حقيقة انغماسها بالشبهات والصفقات والسمسرات في التلزيمات التي تحمل طابعاً قانونياً مبرراً بدفاتر شروط مفصلة على قياس بضعة متعهدين، لا يتجاوز عددهم عدد أصابع اليد وموافقات رسمية من ديوان المحاسبة والداخلية. أسئلة حول محافظة بيروت وأسلوب إدارتها.

فهل برع القيمون على بلديتنا الممتازة بكيفية تمرير التعهدات وتدوين شروطها وآلية تنفيذها مستخدمين كلمة السر: “إذا مش هون، شوف فوق”؟

هي جملة يرددها المبررون للتهرب من المساءلة المحقة عن التلزيمات المشبوهة، التي تمر وكلفت حرماناً وتخلفاً بحق بمدينتنا بيروت.

لم يدرك الفاسدون من السماسرة الكم الهائل من الأذى، الذي لحق بمدينتهم ومستقبل أولادهم وأحفادهم وصيت عائلاتهم، عندما رضوا أن يكونوا مشاركين أو صامتين عما جرى ويجري.

كما أبدع “الشبيبة” بترك الأمور على ما هي، بحجة “أننا لا نستطيع فعل شيء” أو البلدية حالتها صعبة.

فلم يسألوا عن بيروتيتهم بفوج الحرس مثلاً بعديده الـ ٦٠٠ الموزعين جوائز ترضية، فيما يدفع أهل بيروت أجرهم الشهري، ولا يلتزم جزء كبير من الحرس بدوامهم الفعلي.

لم يجرؤ أحد على ان يبادر ويسأل كم هي حصة أبناء بيروت من التوظيف في بلديتهم؟ وكيف تدار الأمور داخل الإدارات المهترئة؟ وكيف لفوج حرس المدينة أن تكون قيادته غير بيروتية؟ وكيف يمكن أن يكون فوج الإطفاء مهملاً بهذا الشكل؟

ولا يجب أن نغفل السؤال البشع الذي كان يردده الناس من زمن بعيد، وهو: “بتعرف حدن يزبطلنا الصبي بالبلدية يشتغل أي شي المهم يقبض معاش؟”.

تخيل معي لو عرف السائلون حقوقهم و”اشتغلت” وكان أداء بلدية بيروت كبلدية اسطنبول مثلاً، كيف كانت الصورة: باصات نقل مشترك، انترنت في الساحات العامة، مونة غذائية سنوية، منح تعليمية، مراكز طبية لكل منطقة، دعم المشاريع الصغيرة، رعاية مسنين، اهتمام بالحيوانات، تشجير، زينة أعياد، فرق خدمات إنمائية، صيانة سريعة، تزفيت طرق بشكل دوري وغيرها من مشاريع سياحية على طول واجهة بيروت البحرية المحتل جزء منها. وكل ذلك لا يغفل مسؤولية دور المحافظة من باب وصايتها على المجلس البلدي وكممثلة السلطة التنفيذية في بيروت، فضلاً عن الحاجة إلى ان تتحرك بديناميكية وعصرية تتناسب مع تطلعات اهالي وسكان بيروت.

لكن وللأسف كل هذه الخدمات لا يمكن أن تتوافر إلا بوجود مسؤولين صادقين لا صامتين، مبادرين مشاركين أقوياء في تغيير نظام الإدارة، لا مستفيدين مثلما سمعنا مؤخراً عن فضيحة تبديل اللوحات الإرشادية في شوارع العاصمة، التي أثارت جملة أسئلة حولها:

تمت المناقصة في 17/8/2017 ووافق عليها المجلس البلدي في 22/9/2017 ووافق عليها ديوان المحاسبة في26/12/2017

وينص العقد على مدة محددة لتنفيذ العقد لا تزيد عن الـ ١٦ شهراً، فلماذا لم ينفذ المشروع ضمن المهلة المعينة؟ ألا يترتب على المقاول بنود جزائية في حال عدم التنفيذ في المهلة المعينة في العقد؟

ثم إن المناقصة كانت لتغيّر الإشارات فلماذا تم استبدال الأعمدة أيضاً؟

وحسب اختصاصيين ومراقبين، فإن الأعمدة القديمة كانت بحالة جيدة ومن نوعية أفضل من الجديدة…

والسؤال الأخير: ما مصير الأعمدة القديمة؟

جملة اسئلة نضعها برسم المعنيين بمحافظة بيروت وبلديتها لعلّ جواباً يصلنا.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً