نجّارو بعلبك نحو الإقفال!

آية المصري
آية المصري

لا تنتهي الأزمات والانهيارات، فمعظم القطاعات التجارية تكافح للبقاء، بعضها أعلن إفلاسه وإغلاق ورشه، وبعضها الآخر يريد فقط الاستمرارية حتى لو كلّفه الأمر الكثير. وظاهرة إغلاق الورش عند نجّاري بعلبك بدأت تظهر ملامحها بشكل كبير في الآونة الأخيرة، فما هو الواقع اليوم؟ وهل الطلب عليها في انخفاض مستمر؟ وماذا عن الشركات الكبيرة؟ هل بات الزبائن يقصدون المحلات التجارية ويفضّلون الأثاث الجاهز؟ أم يفضّلون تفصيل الأثاث المنزلي؟

النجّارون: سنغلق قريباً

اعتبر النجار أبو محمد أنّ “الوضع من سيئ إلى أسوأ. فبعدما كان يعمل لديّ 5 عمال و3 دهانين، لم يعد لديّ سوى عامل واحد يساعدني في حالة الضرورة. والطلب عند النجّار اختلف عن السنوات السابقة ما يقارب 90%. أما الزبائن سواء كانوا عرساناً جدداً أو غير ذلك، فباتوا يتوجّهون نحو البضاعة الجاهزة من غرف نوم وأبواب وغرف الطعام… وهذا يفيد المحلات التجارية لأنّ معظم بضاعتها عبارة عن ستوك Stock”.

أما أحمد، صاحب ورشة أخرى، فأكد أنه في حال استمرار الوضع على ما هو عليه فسيتّجه إلى الإقفال، علماً أنه صاحب هذه المصلحة والورشة ملكه ولا يدفع إيجاراً، لكن في السابق كان يوصل ليله بنهاره، كي ينجز المطلوب منه. أما اليوم، فيعمل لزبون واحد وبمجرّد الانتهاء من طلبه، لا يعلم ما ستؤول إليه الأوضاع، وإلى أي قرار سيتّجه حينها”.

وتابع: “شراء القطع والأدوات الأولية من الشركات بات صعباً، كل شيء يُسعّر ويُباع بالدولار. مما يجبرنا كنجّارين على التسعير للزبائن بالدولار، إضافة إلى أنّ الغرف الجاهزة لا تكلّف مثل الأثاث المصنوع عند النجّارين، لأنه غير مفصّل وفق ذوق الزبون وطلبه؛ والخشب لا يكون من النوع المستخدم لدينا، فكلّه مُغلّف وعبارة عن خشب رقيق يجذب الزبائن بالشكل. أما نحن فهذه مهنتنا ونستطيع التمييز بين النوع الجيد والرخيص”.

من جهته، رأى صاحب إحدى الشركات المهمّة التي تبيع الأدوات للنجّارين في البقاع أنّ “الواقع في تغيّر مستمر، وكل يوم تتراجع نسبة المبيع، وفي بعض الأحيان تكون خجولة جداً، فالربح قليل وبات الأمر متعلقاً بالاستمرارية وباسم الشركة. “اليومية” في السابق أصبحت تساوي في هذه الفترة شهراً بكامله، ونسبة الخسارة تجاوزت 60%”. ولفت إلى أنّ “الشركات المتخصّصة في بيع أدوات النجارة، لا تتجاوز عدد أصابع اليد في منطقة البقاع، وبعد فترة من الزمن ستتّجه إلى الإقفال، لأنه من الصعب الاستمرار بهذه الوتيرة، فلا قدرة على تعويض الخسارة اليومية، ولا قدرة على دفع الرواتب وأجور العمّال”.

الزبائن يفضّلون الجاهز

واعتبر رضا، عريس جديد يُجهّز منزله، أنّ “الأسعار لدى النجار لا تُحتمل، فبعدما كان كل شيء يُسعّر باللبناني بات اليوم بالفريش دولار. صحيح أنّ أسعار الغرف الجاهزة والأبواب وغيرها في المحلات التجارية بالدولار، لكن أن تشتري غرفة نوم بـ400 دولار على سبيل المثال، يبقى أقل كلفة من شراء خشب السرير الذي يكلّف 400 دولار”.

بالنسبة إلى بشير وفرح، النجّار كان الأفضل، وهما يحبّان التفصيل الخاص وليس الموديل الجاهز في السوق، لكن مع ارتفاع الدولار وبلوغه عتبة الـ20 ألف ليرة، اشتريا الخشب للنجّار كي يقوم بتفصيل الرفوف الخشبية لغرفتي الجلوس والصالون، وهنا العملية أقل كلفة لأنهما يملكان الخشب، والنجّار يأخذ أجرته فقط.

من الواضح أنّ كل القطاعات متأثرة بالوضع الاقتصادي والمالي المنهار، ولم يعد بإمكان صاحب المصالح التجارية الاستمرار، وبات الإقفال سيد الموقف.

شارك المقال