الكلاب الشاردة… هل تستحقّ كلّ هذا القلق؟

إسراء ديب
إسراء ديب

تُقلق الكلاب الشاردة، لا سيما تلك الموجودة في أحياء ومناطق طرابلسية مختلفة، المواطنين بشكلٍ كبير، فهم يخشون فعليًا من خروجهم أو خروج أحد أبنائهم مساءً أو فجرًا خوفًا من احتمال تعرّضهم لهجوم من الكلاب الشاردة التي ازداد عددها بوضوح في الأشهر القليلة الماضية.

لا يخشى كلّ المواطنين من هذه الكلاب التي قد لا تتعرّض لهم بشكلٍ عام، لكن وجودها بهذه الأعداد أخيراً بات مؤشرًا يُقلق الكثير من الناس ويُرعبهم في ظلّ الحديث عن أزمة عدم القدرة على توفير اللقاح المضاد لعضة الكلب بشكلٍ شبه كامل في هذه البلاد التي تُواجه أزمة اقتصادية متفاقمة.

وليست خافية المناشدات التي ظهرت لتُنادي بضرورة تأمين اللقاحات المضادّة لهذا الداء، لا سيما وأنّ معظم هذه الكلاب التي أقلّ ما يُقال عنها أنّها” مسكينة” لأنّها تُظلم كما يُظلم كلّ شيء في هذه البلاد، ازداد عددها لسببيْن: الأوّل قيام عدد من العائلات أو الأفراد بالتخلّي عنها بعد مواجهتهم لظروف اقتصادية قاسية ومع غلاء المأكولات المخصّصة لهذه الحيوانات الأليفة والعجز عن القيام بتفاصيل ضرورية مرتبطة بها كأهمّية اصطحابها إلى الطبيب دوريًا وغيرها من الأمور التي لا يُمكن إهمالها، أمّا السبب الثاني فهو يكمن في ربط ارتفاع عدد الكلاب بمراحل التزاوج بفضل وجودهم معًا لا سيما الكلاب التي تعرف بعضها جيّدًا، ممّا يجعل أيّ بيئة تحتضنها” شاهدة” على ارتفاع هذه الأعداد مرارًا.

يُمكن القول، أن لا حرج على أيّ إنسان عندما يخشى من هذه الكلاب، فالخوف منها قد يكون فطريًا بسبب الطفولة أو خوف أحد أفراد العائلة منها، وقد يكون أيضًا مرتبطًا بحادثة أو تجربة مريرة معها، لكن الحرج الأكبر والخطر العظيم هو محاولة الكثير من المواطنين ارتكاب جرائم مختلفة بحقّ هذه الحيوانات الأليفة التي لا تقتصر على وجود وتكاثر الكلاب فحسب، بل تشمل القطط أيضًا وغيرها من الحيوانات التي تعرّضت للعنف وهي ستكون عرضة لمزيد من الأخطار لسبييْن أيضًا: الأوّل إهمال الكثير من البلديات لهذا الموضوع، والاكتفاء فقط بعرض بعضها لفكرة تسميم الكلاب (ولو بطريقة غير مباشرة، لا سيما وأنّها الوحيدة التي تملك هذا السمّ)، أمّا الثاني فهو يُشير إلى عدم وجود وعي كاف عند المواطنين حول ضرورة حماية هذه الحيوانات والحدّ من العنف إزاءها، لكن في الوقت عينه السعي إلى إيجاد حلول قد تكون بديلة “موقتًا” عند عجز البلديات أو تقاعسها أحيانًا.

جمعية كارما: لدينا حلّ ولكن!

إنّ الكلاب الشاردة لا سيما في طرابلس” لا تُشكّل خطرًا على المواطنين، لأنّنا نطعمها جيّدًا ودائمًا ما نقوم بتقديم الأطعمة والأدوية لهذه الكلاب”، وذلك وفق ما تقول زينب رزوق رئيسة جمعية ” كارما” التي تُعنى بحقوق الحيوانات الأليفة.

إنّ هذه الجمعية التي أسستها رزوق منذ أعوام، تتضمّن مجموعة من الموظفين وطلاب الجامعات وهم يسعون دائمًا إلى جمع الأموال اللازمة شهريًا كمبالغ دورية (كلّ بحسب مقدرته) بهدف مساعدة الحيوانات الشاردة ووضع أكثر الحالات صعوبة في الملجأ، وبالتالي إنّ هذه الجمعية تحصل من الكثير من الناس على تبرعات لكن بالليرة اللبنانية ممّا يجعلها في وضع صعب في الأشهر الأخيرة.

وما يزيد الطين بلّة، أنّ الأعداد المرتفعة مؤخرًا لهذه الحيوانات ستدفع الجمعية قريبًا إلى إعلانها عن عجزها استيعاب المزيد منها، مما يُهدّد مصير هذه الحيوانات التي سيكون مصيرها الموت لا سيما عندما تقوم عائلة ما بتربيتها بفترة سابقة في منازلها، ممّا جعلها معتادة على أطعمة معيّنة وأسلوب حياة محدّد، وبالتالي إنّها لن تتمكّن قطعًا من إدراك كيفية فتح كيس قمامة حتّى خارج المنزل، عدا عن تعرّضها للهجوم من الحيوانات الأخرى…

وتُضيف رزوق قائلة:” نتمنّى أن نتعاون مع بلدية طرابلس لفتح ملجأ كبير للحيوانات الأليفة، وقد تقدّمت بمشروع للبلدية منذ سنوات يقوم على فكرة إخصاء الكلاب في وقتٍ كانت تكلفة الإخصاء لا تتجاوز 30 ألف ليرة لبنانية، ووضعها في مشاع كبير شرط ألّا تكون قاحلة تمامًا ممّا يحدّ من تكاثرها من جهة، ويمنع من التعدّي عليها وقتها من جهة ثانية، لكن لم يتفاعل معنا أحد ولم يتمّ الوصول إلى نتيجة بخاصّة وأنّ هذه العملية باتت تُكلف ما يراوح بين مليونين أو 3 ملايين ليرة حاليًا، فضلًا عن قيام بعض المواقع الإعلامية بتكريس صفحاتها وأخبارها للتهجم على الكلاب وإظهارها على أنّها شرسة ومؤذية فحسب، وهذا ما يزيد من حدّة المشكلة في ظلّ غياب سلطة إعلامية تُراقب مضمون الإعلام وتحدّ من الشائعات والافتراءات التي لا تمتّ للواقع بصلة”.

وتُؤكّد أنّ الكلاب ليست شرسة لا سيما عندما يتمّ إطعامها أو حين تتمكّن من إيجاد غذاء لها وأنّ معظمها لا يتهجم على النّاس بل تُفضّل الابتعاد والهرب منهم”، وهذا ما رصدناه جلّيًا عندما قمت بتصوير أناس على كورنيش الميناء وكانوا يُرحبون بهذه الكلاب وهذا ما يجب التركيز عليه كي لا تقع جرائم قتل شنيعة أبرزها تسميم الكلاب التي تحصل دائمًا ونحن لا نريد الوصول إلى هذه المرحلة”، مشدّدة على أنّ العدد الأكبر من الكلاب موجود في منطقة أبي سمراء الطرابلسية وهي تُقدّر بالآلاف وهي غير منضبطة من جهة أعدادها وانتشارها بسبب كثرة المشاعات ومساحتها الكبيرة مقارنة بالميناء التي تُعدّ محدودة بشكلٍ أكبر نوعًا ما.

وإذ يُعاني شمال لبنان عمومًا من نقص واضح في عدد الملاجئ، تُشير رزوق إلى كثرة الجمعيات التي تُعنى بهذه الاهتمامات لكن على بلدية طرابلس إيجاد حلّ جذري والتعاون معنا كما تعاونت بلدية الميناء مثلًا “ولولا قانون “حماية الحيوانات والرفق بها” الذي وقّع في 29 آب 2017، لكنّا وجدنا ربما جرائم أكبر وأفظع بكثير بحقّ الحيوانات الأليفة”، وفق ما تقول لـ “لبنان الكبير”.

شارك المقال