الفانات خالية في طرابلس… والموظفون في خطر!

إسراء ديب
إسراء ديب

لم تتمكّن كلّ الأزمات التي مرّت على لبنان واللبنانيين من إحباط عزيمتهم وطموحهم في السعيّ نحو الأفضل، ممّا كان يدفعهم إلى الانتقال من منطقة إلى أخرى سعيًا للبحث عن مصدر رزقهم أو تعليم ينفعهم، لكن يبدو أنّ الأزمة الأخيرة مع تجاوز سعر صرف الدولار الـ21 ألف ليرة لبنانية وارتفاع الأسعار الجنوني بلا حسيب أو رقيب، ستكون هي العنصر الرسمي الذي سيقضي على هذه العزيمة التي جعلت هذا الشعب بلا أمل وبلا طموح يُذكر.

وللطرابلسيين الحظ الأوفر من هذه الأزمات المختلفة، إذ ليست المرّة الأولى تقع هذه المدينة “ضحية” لكلّ ريح عاتية تعصف بهذه البلاد التي لم تعرف يومًا كيف تُحافظ على مواطنيها وتصون كرامتهم. وفي صباح السبت، استفاق الطرابلسيون على مشهدٍ لم يروه من قبل ويتمثل في وجود عدد كبير من الفانات التي توصل إلى بيروت في ساحة التلّ لكن بلا ركّابها. أمّا عن أصحاب هذه الفانات وسائقيها، فكانوا يعيشون ولا سيما عند الصباح الباكر الذي عادة ما كان يعجّ بالنّاس، حالة من الغضب والحزن الكبيريْن، بسبب غياب الزبائن الذين اعتادوا مناداتهم يوميًا ليتوجهوا بهم إلى العاصمة.

الخوف من دفع تعرفة النقل

باتت تعرفة النقل من بيروت إلى طرابلس والعكس، من التفاصيل اليومية التي تُخيف المواطنين، فهي ما تزال غير ثابتة من جهة، كما أنّ قيمتها تُعدّ ضخمة مقارنة بالأجور التي يتلقّاها المواطنون، بخاصّة أنّ الجهات الرسمية لم تُقدّم خططًا أو مشروعًا محدّدًا لتحسين هذا الراتب الذي يكاد لا يكفي حتّى لشراء الحاجات الرئيسية لأيّام معدودة، من جهة ثانية.

ويُمكن القول بأنّه إذا كانت كلفة التوجه إلى مناطق أخرى وصلت إلى 35 ألفاً بالفانات مثلًا، فهي تُكلف ما يُقارب الـ 40 ألف ليرة عند وسائل نقل أخرى في طرابلس، كما لا يُمكن التأكيد على هذه القيمة التي قد ترتفع أو تنخفض بحسب التوقيت والحاجة التي يستغلها بعض السائقين عند الزبون الذي يُريد العودة إلى مدينته، فبالتأكيد إنّ كلفة النقل عند الصباح ستكون مختلفة عنها عند الساعة الثالثة والنصف بعد الظهر وقد يكون أجرها مضاعفًا، الأمر الذي يُربك المواطن ويجعله في حيرة من أمره.

ويقول أحد أصحاب الفانات لـ”لبنان الكبير”: “هذه المرّة الأولى نواجه ضيقة اقتصادية كبيرة لا يُمكن التغافل عن نتائجها، وبتنا ضحايا مع الزبائن الذين نشير إلى احتمال تركهم لوظائفهم في الآونة الأخيرة بسبب ارتفاع كلفة النقل بشكلٍ كبير، ولا يُمكن إلقاء اللوم علينا أبدًا فكلّنا نعيش في خندق واحد في ظلّ هذه الأزمة التي لم تنته أبدًا على الرّغم من صعوبتها وقسوتها…”.

تراجع في الإقبال على النقل العمومي

يُؤكّد نقيب السائقين العموميين في الشمال شادي السيّد أنّ هذه الصور التي انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي صباح السبت للحديث عن عدم توجه النّاس إلى بيروت، هي صور طبيعية وذلك لأنّ الناس لا تتوجه إلى بيروت يوم السبت بل تعود منها إلى مناطقها شمالًا، أمّا ظهر الأحد يتوجه النّاس مباشرة إلى بيروت، وهي عادة روتينية للعاملين في العاصمة.

ولا يُخفي السيّد وجود عراقيل ومشاكل تُؤدّي إلى تراجع العمل عند السائقين العموميين، ويقول لـ”لبنان الكبير”: “إنّ عدد الركاب تراجع بنسبة 60% والسبب هو الغلاء المعيشي مع ارتفاع أسعار المحروقات بشكلٍ كبير ونحن ننتظر يوم الاول من كانون الأوّل لإقرار كلّ ما يتعلّق بالسائقين العموميين ممّا يُسهّل عملهم أكثر عند إقرار خطة النقل التي يستفيد منها كلّ من السائق والمواطن، لكن ما يُواجهه المواطن وتحديدًا العسكريين اليوم صعب للغاية لأنّهم يضطرون مؤخرًا إلى اللجوء إلى حافلات الدّولة أو اللجوء إلى سيارة أحد الموظفين مثلًا للعودة إلى منازلهم”.

ويُضيف: “الأسبوع المقبل، سنجتمع مع وزارة الداخلية، ولا بدّ من التحدّث عن أزمتين تُواجهان السائق أيضًا عمل بعض الأشخاص من دون ترخيص قانوني، وعمل آخرين من جنسيات أخرى لكن بلا أطر قانونية تفسر آلية العمل بشكلٍ شرعيّ”.

أمّا عن احتمال استقالة الحكومة وتأثيرها في إقرار الخطّة، فيُشدّد على أنّ النقابة لا تعلم ماذا سيحدث حاليًا لكن “نؤكّد خطورة الأوضاع عند استقالة الحكومة، لأنّ المواطن والسائق العموميّ يُعانيان الكثير في هذا الوطن”.

شارك المقال