البالة منتشرة في بعلبك… وفي السوق السوداء!

آية المصري
آية المصري

من منا لا يعرف البالة، التي لطالما كانت الملجأ لكل طبقات المجتمع من الفقير إلى الغني، تلك الملابس المستعملة المستوردة من الخارج؟ وفي الآونة الأخيرة، باتت تطال كل أنواع السلع، من الثياب إلى الأدوات المنزلية المستعملة والمتوافرة بأسعار رمزية جداً.

لكن اليوم، تبّدلت الحال، وأصبحت البضاعة تُسعّر على الدولار الأميركي، وكثُرت المحلات. في منطقة بعلبك، كان عددها لا يتعدّى العشرة، أما اليوم فأصبح هناك العديد من البالات، وباتت مطلوبة بكثرة. وكل شخص يملك مبلغاً من المال يلجأ لافتتاح محل من هذا النوع. هذه الظاهرة الجديدة والمنتشرة بشكل كبير في بعلبك والجوار، لماذا لجأ أصحابها إلى البيع بالدولار؟ وما رأي مَن يقصدها؟

“لا يمكننا البقاء على اللبناني”

اعتبر حسن صاحب بالة في منطقة بعلبك، أنّ “الأوضاع لم تعد كالسابق. فكل شيء صار يسعّر بالدولار. وبعدما كانت الإيجارات لا تتعدّى الـ300 ألف ليرة، أصبحت اليوم مليوناً ونصف مليون. وبعدما كانت أسعار الحاويات تدفع بالليرة اللبنانية، أصبحت اليوم تسعّر أيضاً بالدولار، ناهيك باشتراكات المولدات، فالخمسة أمبير بمليون ليرة. كل هذه الأسباب ساهمت في زيادة الأعباء والضغوط علينا، وبالتالي بزيادة سعر القطع وبتسعيرها بالدولار، علماً أنّ الأسعار لا تتجاوز الـ10 دولارات. كيف يريدون منا أن نبقى على اللبناني وكل المبيع يتم بالفريش؟”.

أما صاحب بالة أخرى، فلفت إلى أنه لم يعد بإمكانه الاستمرار باللبناني، لأن الحاويات تباع بالدولار وهناك جزء يراوح ما بين 10 و15 في المئة يُرمى بسبب قلة جودته. وإضافة إلى هذه الخسارة، لدينا إيجار المحل واشتراك الكهرباء الذي يرتفع كل شهر. لا يمكننا الصمود أمام كل هذه الأوضاع. وهل يمكن للقطعة التي تباع بخمسة آلاف ليرة أن تسدّ كل هذا العجز؟ من الطبيعي أن نبيع على الدولار”.

وأشار صاحب بالة ثالث، إلى أنه “لجأ لافتتاح محله نتيجة الطلب الكثيف عليها، فلم تعد الناس تقصد السوق أو المحلات التجارية، وأصبح الأمر يقتصر على الشراء من البالة، بحيث يقوم الفرد بالتبضّع لساعات ويخرج حاملاً بيده كيساً كبيراً لا يتعدّى سعره العشرين دولاراً. هذا مربح له ولنا. ومن الجيّد الاستثمار في هذا المصلحة، التي أصبحت تجني الكثير من الأموال”.

الأهالي: البالة أصبحت بالدولار

وقالت فرح: “كنت أريد شراء قميص أبيض، وسعره في المحل التجاري 450 ألف ليرة، وكنزة الصوف تبلغ 400 ألف ليرة، ما هذا الكفر؟ من البديهي اللجوء إلى البالة في هذه الأوقات، مع العلم أنها لم تعد كالسابق، وأسعارها أصبحت بالدولار، لكن 4 أو 5 دولارات لا تزال محمولة إلى حد ما. ونقوم باختيار متأنٍ للملابس. طبعاً، الامر يتطلب المزيد من الوقت والجهد لنحصل على القطعة النظيفة والخالية من الشوائب. وبعد ذلك نقوم بغسلها وتصبح جاهزة للاستعمال والارتداء”.

بالنسبة إلى ميرا، “البالة كانت الحل الأنسب، لكن مع ارتفاع الطلب عليها وزيادة محلاتها، باتت كل قطعة ملابس تسعّر وتباع بالدولار الأميركي، بينما في السابق كانت القطعة الواحدة لا تتجاوز الـ10 آلاف ليرة لبنانية. لم يعد باستطاعة المواطن شراء الملابس من المحلات التجارية، ومن الصعب للطبقة الفقيرة الدفع بالدولار، وهنا المعادلة تغيّرت بشكل كبير”.

واعتبر علي أنّ “الأوضاع في تغيّر مستمر، وكل القطاعات التجارية والاقتصادية منهارة”. فبعدما كان يأخذ عائلته كل فترة إلى البالة للتبضّع، أصبحت عبئاً آخر على المواطن، لأنّ القطع لم تعد بألف ليرة أو 5 آلاف أو 10 آلاف، إذ أصبحت من 3 دولارات فما فوق”.

من الواضح أنّ المواطن يلجأ دائماً إلى حلول بديلة تساعده على تخطّي أزماته المتوالية، لكن في حال استمرار الأوضاع المتأزمة في لبنان لفترة طويلة، ألن يُسدّ مَخرج الحلول البديلة هي الأخرى؟

شارك المقال