عمال بلدية طرابلس في أزمة… ومبادرة رسمية “انفراجية”

إسراء ديب
إسراء ديب

ليست المرّة الأولى يرفع فيها عمال بلدية طرابلس أصواتهم للنّظر في ضرورة تحسين وضعهم المعيشيّ في ظلّ أزمة اقتصادية خانقة تسبّبت بالكثير من التداعيات السلبية التي لم تترك قطاعًا عامًا أو خاصًا إلّا وضربته بشدّة، لكنّها المرّة الأولى يُعلن موظفو وعمّال بلدية طرابلس الإضراب المفتوح.

يُمكن القول إنّه ومنذ تفاقم الأزمات المعيشية والاقتصادية وتدهورها منذ قرابة السنتيْن، لم يستسلم أيّ منهم للظروف القاهرة التي أجبرتهم على عدم حصولهم على مطالبهم التي تُعدّ بسيطة لكنّها غير متاحة في وطن لا يمنح المواطنين حقوقهم، بقدر ما يطلب منهم الواجبات التي إنْ تلكأوا بتلبيتها يصبحون مواطنين غير صالحين، ولهذا السبب عمل العمّال لأشهر سبقت الإضراب على تنفيذ وقفات احتجاجية واعتصامات مختلفة تنديدًا بما يرونه إهمالًا لحقوقهم لعدم إقرارها.

ويُعبّر عمّال البلدية كغيرهم من الموظفين والعمّال لا سيما في القطاع العام، عن رفضهم الاستمرار في العمل من دون إعطائهم حقوقهم الرئيسية، أمّا عمال بلدية طرابلس فيرفضون العمل ضمن أقسام البلدية كافّة، وذلك بعد وصولهم إلى “حائط مسدود” دفعهم إلى إعلان الإضراب المفتوح، مشدّدين في بيانٍ على أنّ عدم الإصغاء إلى أوجاعهم والظلم الذي يلقونه كان كبيرًا جدًا، مما أدّى إلى اتخاذهم قرار الإضراب.

ويُمكن التأكيد أنّ اتخاذ هذا القرار لم يكن سهلًا على الإطلاق، ولا سيما بالنسبة إلى عمّال يُعانون فقراً وظلماً كبيرين في مدينة تُواجه تهميشًا واضحًا منذ أعوام، وبالتالي إنّ إعلان الإضراب بحسب العمال كان ضروريًا للحدّ من هذا التهميش الرسمي الذي تتعرض له طرابلس نتيجة غياب الدّولة.

الأسمر: مبادرة لوقف الإضراب

بعدما دعا رئيس الاتحاد العمّالي العام بشارة الأسمر، وزير الداخلية بسام مولوي للإسراع في التوقيع على المساعدات المخصّصة لعمال البلدية والتي أقرّها مجلس بلدية طرابلس، وذلك في بيان صدر عنه في اليوم الأوّل من إضراب العمال، وبعد تضامنه معهم معلنًا دعمه الكامل لجميع العمال، يُؤكّد الأسمر لـ”لبنان الكبير” وجود مبادرة ستُمهد لوقف الإضراب المفتوح.

ويقول: “على هامش مؤتمر عقد في السرايا الحكومية حول السياحة الشتوية في لبنان تحدثت مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بوجود وزير الداخلية واتفقنا على أن يأخذ العمال هذه المساعدات التي أقرها المجلس البلدي، وعلى تسريع المعاملات التي ستُؤدّي إلى تحسين وضع بلدتيّ طرابلس والميناء، مضيفًا انّ وزير الداخلية وعدني بتوقيع المساعدات لحظة وصوله إلى الوزارة”. وإذْ يُشدّد الاسمر على دعمه للعمال في ظلّ الأزمة الاقتصادية الخانقة، يدعو الوزراء اليوم إلى تسهيل كلّ مطالبهم وهي تُعدّ أدنى الحقوق، لأنّهم في حال يُرثى لهاـ

السيّد: مطالب وعوائق

يُؤكّد ممثل الاتحاد العمالي العام واتحاد نقابات العمّال والمستخدمين في الشمال شادي السيّد وقوفه إلى جانب الموظفين والعمّال في البلدية، ويقول لـ”لبنان الكبير”: “منذ أيّام زرنا الوزير مولوي، وبعد الموافقة على بدل النقل وتعويض نهاية الخدمة اللذين وعدنا بإسراع البت فيهما، تبقى حصول العمّال على 3 ملايين ليرة وهي عبارة عن مساعدات صدرت بقرار من المجلس البلديّ، بخاصّة أنّ رواتب العمّال ما زالت متدنية ولا تكفيهم أبدًا بوجود صعوبات في الاستشفاء والحصول على الأدوية والألبسة من البلدية وغيرها من التفاصيل التي باتت مكلفة للغاية، مشدّدًا على أنّ المبادرة التي تحدّث عنها الأسمر تأتي في مكانها الصائب مع الظروف الصعبة في الفترة الأخيرة”.

ولا يُخفي السيّد وجود عراقيل لا تُسهّل الحصول على هذه المعاملات وذلك عند الدوائر ورؤساء الأقسام في وزارة الداخلية، لكن المبادرة التي تحدّثنا بها مع الأسمر الذي نقلها إلى كلّ من ميقاتي ومولوي، ستكون صائبة ومفيدة في حال أقرت في أيّ لحظة، ممّا سيدفع العاملين إلى التراجع عن الاضراب مباشرة وفي أيّ وقت”.

ويرى متابعون أنّ العمال يعتبون على رئيس البلدية رياض يمق الذي يرونه أنّه لم يُخاطبهم كما يجب مع إعلانهم الإضراب المفتوح، مع الاكتفاء بتواصله في هذه المسألة إعلاميًا، معتبرين أنّ يمق كان قدّم كتابًا إلى وزارة الداخلية للمصادقة على قرارات المجلس البلدي لكن لم يتمّ الإجابة عنه بعد كما يقول.

وكان وفد من مجلس بلدية طرابلس تقدّمه يمق، زار الوزير مولوي في مكتبه في الوزارة قبل تنفيذ الإضراب، ليُقدّم مذكرة مطلبية تضمّنت طلب الموافقة على قرارات المجلس البلدي لجهة زيادة التعويض العائلي ومنح 3 ملايين ليرة لكلّ عامل كمساعدة اجتماعية، وقال بعد عودته إلى المدينة: “نحن قمنا بالواجب المطلوب منّا كبلدية، رئيسًا وأعضاء، وقدّمنا ما لدينا، والموضوع خرج من أيدينا كمجلس بلدي إلى جهات الاختصاص، متمنّيًا على العمال ونقابة العمال عدم تنفيذ الإضراب المفتوح لأنّه بمثابة عقاب جماعي لكلّ أهالي طرابلس ويضرّ بمصالحها”.

شارك المقال