تسعيرة صهاريج مياه بعلبك “بيار كاردان”!

آية المصري
آية المصري

في بلد اقتصاده منهار لا تستغرب أعداد القطاعات التي تزول يوماً بعد يوم. فبعد أزمة الطوابير على محطات المحروقات، وبعد رفع الدعم عن كل شيء، تأثرت كل القطاعات على مختلف انواعها، فالمحروقات مرتبطة بشكل أو بآخر بالعديد من القطاعات الإنتاجية، ومن بينها صهاريج المياه التي أعلنت عن عجزها واتجاهها الى رفع الأسعار على المواطنين.

وبعد أزمة الكهرباء بات الطلب على صهاريج المياه يتضاعف، لكن ماذا عن قدرة المواطن؟ فهل بإمكانه الصمود أمام أزمة جديدة يعيشها؟ وما رأي سائقي الصهاريج ولماذا لجأوا الى رفع الأسعار بهذا الشكل الجنوني؟ فبعد العشرين ألفاً في السابق أصبحت نقلة المياه في الآونة الأخيرة في منطقة بعلبك والجوار “بيار كاردان”.

سائقو الصهاريج: الأوضاع تزداد سوءاً

واعتبر سائق صهريج المياه حسن أن “الأوضاع تزداد سوءا، فهو يشتري المياه بـ45 الفاً من البئر العائد لشخص معيّن، وهذا البئر ملك خاص وليس ملكاً للدولة او للبلدية. كما يحتاج الى 3 ليترات من المازوت، وكل ليتر سعره 12 الفاً، إضافة الى ليتر من البنزين المستخدم للشفاط لإفراغ النقلة. وفي حال حدوث اي عطل او صيانة للصهريج هو من يدفع بالدولار، ناهيك بإيجار الصهريج لصاحبه. لذا من الجيد اننا لم نرفع التسعيرة الى أكثر من 150 ألفاً”.

سائق صهريج آخر لفت الى أنه “لم يعد بإمكانه الاستمرار على الوتيرة عينها، وكل العمل بات خسارة بخسارة نتيجة عدم امتلاكه للصهريج، فهو يستأجره من صاحبه. والمبلغ مقارنة بالسابق كان زهيداً، اما اليوم سعر الإيجار لم يعد بالأمر السهل وفي حال تعطّل اي شيء، فهو من يصلحه وهذا شرط صاحب الصهريج. وأمور الصيانة من الدواليب الى الزيت وغيرها ايضا هو من يقوم بها”. وتساءل: “كم نقلة مياه في اليوم يجب ان أقوم بها كي أؤمن المأكل والمشرب لعائلتي؟ هل مئة الف في اليوم الواحد تكفينا؟ أخاف الجوع وأنتظر معجزة إلهية”.

وقال السائق الثالث علي: “في السابق كنا ندفع ما يقارب 3 آلاف لصاحب البئر وإيجار الصهريج ما يقارب 20% من الربح، اما اليوم وفي ظل هذه الأزمات المتوالية لم يعد بإمكان أحد الإستمرار ولم تعد المبالغ تكفي أحداً. فالعشرون الفا سابقا كانت تجلب لك الكثير من الأشياء التي تحتاجها، والآن المئة الف أصبحت تساوي خمسة آلاف فهل بإمكانها ان تسد الحاجات الأولية للعائلة؟ المصيبة على الفقير الله لا يسامحهم، غدا عندما يحل موعد الإنتخابات يدفعون لهم 100 دولار ويعاودون انتخابهم من جديد”.

المواطنون لا يمكنهم تحمل المزيد

واعتبرت سحر ان الأوضاع لا تحتمل، “فمنذ 5 ايام تقريباً اختلطت مياه الصرف الصحي مع مياه الشفة في الحي الذي تسكن فيه، مما تعذر استخدام المياه فاضطر سكان الحي لطلب نقليات عديدة من مياه الصهاريج يوميا كي نساهم في تطهير وتعقيم المياه، وهذا بطبيعة الحال كلفنا أموالا كثيرة”.

وبالنسبة إلى سمر: “عندما تأتي الكهرباء ساعة في اليوم الواحد لا تمتلئ الخزانات بشكل كافٍ، فما تكاد تبدأ عملية ضخ المياه، حتى تنقطع كهرباء الدولة. اضافة الى ان الأمطار لم تتساقط بعد سوى مرة واحدة، وكل هذه الأمور تساهم في عدم الحصول على المياه من الخزان بالشكل الطبيعي، مما يدفعنا الى طلب مياه الصهاريج كل 7 ايام وتعبئة خزانين اي 10 آلآف ليتر. وبعدما كانت نقلة المياه مسعرة بـ15 الفا اليوم باتت بـ150″.

أما علي فلا يملك خزانا في منزله وهو يعتمد على خزان البلدة، لكن مع غياب الكهرباء لم يعد بإمكانه الاعتماد على المياه الآتية من البلدية واقتصر الأمر على طلب المياه من الصهاريج. وهنا تكمن الأزمة لان النقلة لم تعد بـ15 الفا او 20 الفا بل أصبحت أكثر من ذلك، فخمسة الاف ليتر للخزان الواحد بـ75 الفاً لكن مجيء الصهريج لنقلة واحدة باتت صعبة، وأصبحوا يشترطون تعبئة خزانين بـ150 الفاً او دفع سعر 3 ليترات مازوت إضافية، مما أجبره على الاتفاق مع جاره لطلب نقلة مياه له أيضاً وبهذه الطريقة يتم ملء الخزانين، ويقسم المبلغ بينهما”.

من الواضح ان البعلبكي بات يستيقظ يوميا على أزمة جديدة تنهكه، في حين ان الرواتب ما زالت على الليرة اللبنانية. بات ضروريا الإسراع في إيجاد الحلول المناسبة وإلا سيفضّل اللبناني العودة للعصر الحجري حيث لا ماء ولا كهرباء، والعجيب ان أزمة الكهرباء والمياه مرتبطة بوزارة واحدة لم يأتِ منها سوى الخراب.

شارك المقال