الغاز الصغير يستبعد الكبير!

آية المصري
آية المصري

الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي يمرّ بها اللبنانيون، تسبّبت بظواهر جديدة بدأت معالمها تلوح في الأفق، من بينها العودة إلى الزمن القديم. وكما يقول المثل “الحاجة أم الاختراع”، فقد عاد معظم أهالي بعلبك إلى الزمن القديم وإلى إحياء البدائل التي تساعدهم على تخطّي الأزمات وعلى توازن ميزانية المنزل، فبرز حضور الغاز صغير الحجم من جديد وبات “المُعيل” للعائلات، والطلب عليه في تزايد مستمر، فبات الناس يحضرونه إلى محلات تعبئة الغاز.

فلماذا عادت ظاهرة الغاز الصغير من جديد، وما رأي مستخدميه؟ وهل يُعد أوفر من الجرّة الكبيرة؟ وماذا عن أصحاب المحلات التي تبيعه؟ وهل ازداد الطلب عليه فعلاً؟

الطلب على هذا النوع مرتفع

أكد صاحب محل لبيع الغاز في بعلبك أنه “في ظل هذه الأوضاع السيئة، لجأ المواطن إلى ابتكار العديد من الحلول أو العودة إلى السنوات السابقة. فالطلب على الغاز صغير الحجم كان بهدف إشعال الجمر للنرجيلة، أما اليوم فباتت سيدات المنازل يطبخن عليه بعد ارتفاع سعر قارورة الغاز. وبدلاً من تعبئتها بـ251 ألفاً، يتم تعبئته بـ110 آلاف حداً أقصى، وقد يدوم حسب حجم المصروف لـ10 أيام أو أكثر”.

صاحب محل آخر لفت إلى أنّ “الطلب على هذا النوع من الغاز في ارتفاع مستمر، والبعلبكي بدأ يحضر معه جرّة الغاز الكبيرة وهذا الغاز الصغير لبتعبئتهما ويدفع ما يقارب 400 ألفاً، لكن اعتماده على الصغير في عملية الاستخدام المنزلي أكثر من الجرّة الكبيرة نتيجة ارتفاع أسعار الغاز”. وأضاف: “لا يمكننا تعبئته بأقل من مئة ألف، لكن مع تفاقم حدّة الأزمات لم يعد المواطن قادراً، ويجبرنا في بعض الحالات على تعبئته بخمسين ألفاً. الفقير ازداد فقراً، فهذا الغاز الصغير كان سعر ملئه الأقصى ستة آلاف. أما اليوم فبمئة ألف! هذا كفر، لكن لا يمكنني تغيير الواقع المرير”.

تخفيف المصروف

واعتبرت سمر ربّة المنزل، أنّ “ارتفاع أسعار الغاز والمحروقات كل أربعاء، أمر لا يُحتمل ويجب إيجاد حلول أو بدائل تساهم في تخفيف حدّة الوطأة”، مما دفعها إلى الاستغناء عن الغاز والفرن والعودة إلى الغاز الصغير الذي كانت تستخدمه في السابق. كما استغنت عن المأكولات التي تتطلّب الكثير من الوقت، والتي تستهلك الكثير من الغاز. وبات الشاي أو أي مشروب ساخن آخر ممنوعاً لديها ويقتصر الأمر على ركوة القهوة الصباحية. هكذا تكون ساهمت في الحد من صرف الكثير من الغاز.

ويقول محمد: “اشتريت هذا الغاز بالفريش دولار ولم أندم نتيجة مساهمته في تقليص المصروف نوعاً ما. لم نتوقف عن تعبئة الجرّة الكبيرة، لكن كل شيء متعلّق بتسخين المأكولات أو بصنع القهوة والمشروبات الساخنة، نقوم بها بواسطته. وبهذا بات استخدام الفرن أو الجرة الكبيرة للحاجة الضرورية والملحّة، فلم يعد باستطاعة أحد زيادة الأعباء، وأصبحت مصاريف المنزل والعائلة تُحتسب بالورقة والقلم”.

أما أم علي، فأشارت إلى أنها لا تعلم متى ستتحسّن الأوضاع في البلد، فالغاز والمحروقات في ارتفاع مستمر، مما ساهم في تدنّي الأوضاع المعيشية أكثر. فكانت الصوبيا تساعدها في الشتاء لاستكمال طبختها وتوفر، لكن اليوم لم تعد قادرة على شراء المازوت. كل فترة تقوم بملء هذا الغاز الصغير وقامت بتحويل نوع الصوبيا إلى الحطب، “صحيح أنّ سعره ارتفع أيضاً، لكنه يبقى أفضل من سعر المازوت. وبذلك سأقوم بالطبخ على صوبيا الحطب لأوفر المال. ننتظر معجزة إلهية لتخطّي كل هذه الأزمات المتوالية”.

ربما بدأنا نشهد العودة إلى أيام زمان، أيام الخير والبركة. وربما حاجات وأساسيات المنازل قديماً ستعود إلى القرن الحادي والعشرين بهدف مساعدة العائلات وتعليم الجيل الجديد أن لا مفر من اختراع بدائل كانت تعدّ من أولويات الزمن القديم.

شارك المقال