طرابلسيون عالقون في تركيا… وصرخة استغاثة إلى المعنيين

إسراء ديب
إسراء ديب

بعدما تعثّرت أمامهم السبل، قرّر عددٌ من العائلات الطرابلسية مغادرة البلاد بطريقة غير شرعية عبر البحر منذ أيّام ليتخلّصوا من المآسي الكبرى التي يحملها هذا الوطن على الرّغم من خطورة هذه الرحلة.

وفي وقتٍ لا ينعم فيه اللبنانيون بخيرات بلادهم مع تفاقم آفة الفساد السياسي والاقتصادي بسبب تحكّم الطبقة السياسية بموارد البلاد والعباد، يُسلّم المهاجرون أرواحهم إلى البحر هربًا من الفقر والجوع سعيًا للتوغل في إيطاليا بحثاً عن قوت يومهم الذي حرموا من الحصول عليه بكرامتهم في وطنهم، لكنّهم للأسف عجزوا عن الوصول إليها بعد حادثة أقلّ ما يُقال عنها أنّها كانت “متوقّعة” عند وصولهم إلى اليونان.

يُمكن القول إنّ لكلّ فردٍ من هذه العائلات قصّة تدفعه للخروج بهذه الطريقة الخطيرة من البلاد، ووفق مصدر طرابلسيّ فإنّ المهاجرين “كان من بينهم نساء وأطفال ورجال عملوا على بيع كلّ ما يلزم ليدفعوا ثمن هذه الرحلة التي لم تكتمل ولم تصل إلى خاتمتها التي أرادها المسافرون…”.

وبحسب المعلومات، فإنّ انطلاق هذه الرحلة كانت من الميناء لكن قبل وصولها إلى اليونان، قام حرس الحدود اليوناني بإعادتهم بالإكراه إلى الأراضي التركية بأسلوب يصفه الأهالي بأنّه كان سيئًا للغاية.

وبما أنّ اليونان أعادت المهاجرين إلى تركيا بطريقة “لا تتوافق مع المعاهدات الدّولية”، يُؤكّد المسافرون أنّهم تعرّضوا لأبشع طرق المعاملة في اليونان قبل طردهم إلى تركيا التي نقلتهم إلى مخيّمات، فيما لم تُبادر الدّولة اللبنانية “كعادتها” الى الدفاع عن أبنائها لإعادتهم إلى البلاد بأيّ طريقة قد تُشير فعليًا إلى اهتمام الرسميين بأبناء هذا الوطن، لعلّهم يشعرون ولو بنسبة ضئيلة بوجود الدّولة ودورها في حياتهم.

معاملة سيئة في البرّ والبحر

ويُشدّد أهالي المهاجرين الذين بلغ عددهم 65 مواطنًا لبنانيًا تقريبًا، أنّ اليونانيين قاموا بضرب المهاجرين بطريقة وحشية بعد إلقاء القبض عليهم ورموهم في البحر، وذلك بعد الاستيلاء على كلّ ما كانوا يملكونه كالهواتف الخلوية والطعام حتّى حليب الأطفال الذي حرمت منه النساء اللواتي كنّ يشكون من غياب الحليب والمياه لإطعام الأطفال الذين تمّ رميهم في البحر أيضًا وبعضهم يُعاني من حالة صحية صعبة جدًا، ليضعهم الأتراك بعدها في عبّارات وصولًا إلى المخيّمات التي احتجزوا فيها، وفق ما يقول عدد من الأهالي.

ولم تقتصر عملية الطرد على الضرب فحسب، بل يُشير بعض المسافرين إلى أهاليهم بأنّ السلطات اليونانية قامت بإجبار طالبي اللجوء على التعرّي الكامل، وهو أسلوب ممنهج لم تستخدمه اليونان للمرّة الأولى في تاريخها مع اللاجئين، بل سبق أن استخدمته مع عددٍ من الدول الأجنبية الأخرى التي تلجأ إليها أخيرًا، لكن المفارقة أنّ اللبنانيين كانوا يُدركون تمامًا أنّ اليونان لم تعد تستقبل اللاجئين، وكانوا يرونها أنّها “طريق رئيسي” للوصول إلى إيطاليا في المرحلة الأخيرة.

ووفق المعطيات، فإنّ السلطات التركية تقوم غالبًا بإنقاذ العديد من اللاجئين إلى أوروبا بعد فرض اليونان إعادتهم إلى تركيا، وذلك منذ إعلان رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس في وقتٍ سابق أنّ “بلاده لن تتسامح مع دخول اللاجئين إلى أراضيها”.

وتُشير بعض المعلومات الأوّلية إلى أنّ العائلات الموجودة في تركيا حاليًا، كانت لا تحصل على طعام أو شراب “لكن تدخل أحد الأشخاص اللبنانيين لمساعدتهم وهم يُعاملون بشكلٍ عام معاملة حسنة في الأراضي التركية حتّى هذه اللحظة”، فيما يُؤكّد عدد من الأهالي أنّهم لا يعلمون أيّ تفاصيل عن أبنائهم منذ لحظة مغادرتهم لبنان.

ولهذه الغاية وسعيًا لإنقاذ أبنائهم ومعرفة مصيرهم، نفذ الأهالي اعتصامًا أمام منزل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في الميناء لمطالبته بالتدخل لحلّ هذه المشكلة مع المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، ورفعوا شعارات كتبت باللغة العربية والإنكليزية والتركية تُشير إلى ضرورة مساعدة اللاجئين في تركيا والنّظر إلى أوضاعهم الصعبة معيشيًا واجتماعيًا.

ويُبدي الأهالي استعدادهم الدائم للمطالبة بعودة أبنائهم إلى لبنان أو مساعدتهم في الخارج، عبر اعتصامات مختلفة أو اللجوء إلى مطالبة المعنيين ولا سيما اللواء إبراهيم بضرورة المساعدة لوضع هذا الملف بعيْن الاعتبار محلّيًا ودوليًا، كيّ لا يُترك اللبنانيون الموجودون في المخيّمات منذ فترة إلى مصيرهم المجهول، كما ينتظر الأهالي بدء المعنيين بعملية التواصل الفعلية بين القوى اللبنانية والتركية، لأنّها كفيلة بأن تعمل على التخفيف من حدّة هذه الأزمة الكبيرة.

شارك المقال