“جدار الفصل الطبي” يفاقم كورونا في غزة

حسناء بو حرفوش

في الوقت الذي يسجل فيه قطاع غزة أعلى نسب إصابات ووفيات منذ بدء جائحة كورونا، نشر موقع “ميدل إيست مونيتر” البريطاني، الذي يعنى بقضايا الشرق الأوسط، مقالاً حذر فيه من مواجهة القطاع لجدار فصل طبي، معتبراً أن “إسرائيل تتحمل مسؤولية الارتفاع المستمر للوفيات في صفوف الفلسطينيين في حال استمرت بإعاقة وصول اللقاح ضد كورونا”.

وبحسب كاتب المقال، “ترفض إسرائيل التي تبسط سلطتها على كل مفصل من مفاصل حياة الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، تزويدهم بلقاح كورونا، ولا توفر في الوقت نفسه جهدها لتدمير القطاع الصحي الفلسطيني، خصوصاً في قطاع غزة، تارة بالقنابل وطوراً عبر تضييق الحصار”.

وبينما تمدّ إسرائيل يد الدعم للخارج، ” يقتصر الوجود الإسرائيلي في القطاع على الدبابات والآليات العسكرية الأخرى التي تفرض حصارًا منذ نحو 14 عامًا. ولا تكتفي إسرائيل بوضع قيود صارمة على دخول الأدوية والمعدات الطبية إلى غزة فحسب، بل تعمل أيضاً على الحد من كمية الوقود المسموح بدخولها لمحطة الطاقة الوحيدة فيها”.

ويلفت إلى أن إسرائيل دمرت “محطة الطاقة بالقنابل ومنعت دخول المواد اللازمة للإصلاحات الأساسية. وتعاني المستشفيات من صعوبة في الاعتماد على مولدات “الطوارئ” التي تتعطل بانتظام بسبب الاستخدام المفرط. لقد أوشك نظام الرعاية الصحية على الانهيار حتى قبل الوباء ولم تتحسن الأمور البتة مع انتشاره”.

ويذكر أنه بالإضافة إلى كل ما ذكر، “أدى الحصار الجائر إلى تدمير اقتصاد غزة حيث سجّلت البطالة مستويات قياسية وتستمر معدلات الفقر في الارتفاع، وبالنتيجة يرزح 85% من الفلسطينيين عند أو تحت خط الفقر. كما يعاني 70 % من سكان القطاع من انعدام الأمن الغذائي (…) وتبقى الصحة النفسية قضية إضافية يتوجب على قطاع الرعاية الصحية في غزة التعامل معها”.

وعن صعوبة التعامل مع كورونا، ينقل الموقع عن نائب المدير العام للرعاية الصحية الأولية في وزارة الصحة في غزة د. مجدي ضهير أن “الازدحام في غزة يصعّب ببساطة فعالية عمليات الإغلاق والتباعد الاجتماعي، حيث يعيش أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع. وبدون اللقاح، لن نخرج من الحلقة المفرغة والمميتة لإجراءات الإغلاق والتدابير التقييدية. إذا استمرت إسرائيل بحرماننا من اللقاح، فستتسبّب بالمزيد من الوفيات في صفوف الفلسطينيين”.

ويشير كاتب المقال إلى “تأمين إسرائيل لجرعة لقاح واحدة على الأقل لأكثر من مليونين من مواطنيها، بما في ذلك 600 ألف مستوطن يعيشون بشكل غير قانوني على الأراضي الفلسطينية المحتلة، بينما لم يتلقَّ الفلسطينيون أي لقاح بعد. ويتوجب على إسرائيل بصفتها قوة محتلة عملياً ووفقاً للقانون الدولي تحمل مسؤولية قانونية لتزويد القطاع باللقاح”.

ويضيف ضهير: “أبلغت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة عن ما يقرب من 47 ألف حالة إصابة بكورونا و464 حالة وفاة بحلول بداية الشهر الجاري (…) نحن نبذل قصارى جهدنا هنا، لكن مئات العمال محجورون بسبب التعرض المحتمل للفيروس وتواجه العاملات الحوامل وأولئك الذين يعانون من مشكلات صحية أساسية صعوبات إضافية (…) على الرغم من إعلاننا الإغلاق العام خلال الأسابيع الخمسة الماضية وإغلاق محلات السوبر ماركت والمدارس والمساجد، إلا أن جميع السكان يعانون”.

ويوضح أن “رفض حكومة نتنياهو طلب منظمة الصحة العالمية والسلطة الفلسطينية، توفير نحو 10 آلاف جرعة من اللقاح للعاملين الفلسطينيين في مجال الرعاية الصحية ليس له مبرر قانوني أو أخلاقي. علما بأن اتفاقية جنيف الرابعة للعام 1949 (بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب) تنص على احترام دولة الاحتلال لواجب ضمان وصيانة المؤسسات والخدمات الطبية والمستشفيات واتخاذ التدابير الوقائية اللازمة لمكافحة انتشار الأمراض المعدية والأوبئة”.

ويذكر أن “الفلسطينيين الذين يتوقعون أن إسرائيل لن تشارك إمداداتها من اللقاح في أي وقت قريب، حصلوا على تعهد “كوفاكس” بتأمين لقاح يكفي لتغطية حاجات 20% من الفلسطينيين في الأراضي المحتلة”، قبل أن يختم بتوجيه نداء إلى لمجتمع الدولي: “غزة بحاجة للمساعدة! على العالم أن يفهم أن الأمور لا يمكن أن تستمر على هذا النحو، والبداية الجيدة قد تكون بإنهاء الحصار وحمل إسرائيل على الوفاء بالتزاماتها القانونية”.

وكانت صحيفة “ذا غارديان” قد سلطت الضوء على هذه المأساة منذ البداية ونشرت عن منع “إسرائيل وصول شحنات اللقاح ضد فيروس كورونا والمخصصة للعاملين الصحيين في الخطوط الأمامية في قطاع غزة المحاصر. وكان من المفترض أن تصل هذه الجرعات للطاقم الطبي الذي يعمل داخل غرف العناية المركزة المخصصة لمرضى كورونا”.

هذا وتفاعل المغردون عبر مواقع التواصل الإجتماعي مع الأرقام التي وردت من القطاع، معتبرين أن “عودة الإسرائيليين إلى الحياة الطبيعية وتخليهم تدريجياً عن ارتداء القناع بينما يعاني الفلسطينيون من عدم القدرة على إيجاد قبور لأحبائهم بسبب الوباء، تعكس شكلاً جديداً من الفصل العنصري وتبني جداراً جديداً هو جدار الفصل الطبي”.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً