لا، أداة نفي كثُر استعمالها عند اللبناني في الآونة الأخيرة. فلا حياة كريمة، لا كهرباء، لا مال، لا قدرة على شراء القوت اليومي ولا استقرار سياسياً أو أمنياً. لكن وعلى الرغم من الأوضاع الاقتصادية الصعبة، الا أنّ هذه الـ”لا” تسقط في قطاع التجميل. فاللبناني بطبعه محب للحياة ومظاهر الترف، إذ كان قديما “يتديّن ليتزيّن” ولارتداء أرفع الماركات وركوب أفخم السيارات وما زالت هذه العادة صامدة، فالتجميل بات من ضروريات وأولويات اللبناني الذي يحاول دائما الظهور بأبهى حلّة.
“الأطباء اللبنانيون هم الأشطر ولبنان هو الأرخص”، بهذه العبارة وصف طبيب الأسنان الدكتور مصطفى بغدادي واقع التجميل اللبناني، وقال لـ”لبنان الكبير” إنّ الإقبال على الابتسامة الجميلة مرتفع، فأزمة الدولار جعلت الإبتسامة رخيصة مادياً مقارنة بالخارج.
وأوضح: “على سبيل المثال نجد في تركيا بعض الأطباء المميزين لكن بسعر غال، فتلبيسة السن الواحدة تكلّف 700 دولار لكن هذا المبلغ أو التسعيرة في لبنان هي كلفة لكامل الابتسامة لكن تختلف قليلاً بين طبيب وآخر فهي مرتبطة بالمختبر وبنوع وجودة المنتج وحتى طريقة معالجة الأسنان. وتراوح قيمة تلبيس السن الواحدة بين 150 و180 دولاراً للحالة العادية وبين 200 و250 دولاراً للحالة التي تتطلّب تقويماً”.
وتابع: “أما قشرة تبييض الأسنان (Composite Veneer) فهي من الطرق التي يتجنبها لأنه بعد مدة يتغيّر لونها لذلك ينصح المرضى بعدم اللجوء إليها”.
ويضيف بغدادي أنّ “الأطباء اليوم يساندون المريض بتحمّل جزء من الأعباء مع العلم أنهم يعانون من عدم توافر بعض المنتجات أو تُعرض عليهم بسعر رخيص بسبب انتهاء صلاحياتها، وهذه الحالات لا بد من الوقوف عندها وعدم الوقوع بها”.
ويختم بغدادي :”لبنان يستقطب الناس من مختلف أنحاء العالم ويقدّم لهم أروع الإبتسامات وبأرخص الاسعار”.
ويجمع العديد من الأطباء على الإقبال الكثيف لإجراء عمليات التجميل ويؤكدون أنّ اللبناني يعتبر التجميل جزءاً من أساسيات حياته، ولأن العمليات هي الأرخص في لبنان مقارنة بكافة الدول وبخاصة تركيا على عكس ما يتداوله الناشطون.
طبيب الجراحة والتجميل الحسن رعد يؤكّد لـ”لبنان الكبير” أنّ “الإقبال على عمليات التجميل مرتفع بسبب تراجع سعرها بالدولار الأميركي، فمثلاً عملية شد العيون كانت كلفتها عالية أما اليوم فبخُس ثمنها”.
وأضاف: “اللبنانيات لجأن سابقا إلى سوريا، أما اليوم فيفضلن البقاء إلى جانب طبيبهن والاطمئنان الى جمالهنّ. فالبوتوكس والفيلر لم يتغيّر سعرهما وهما دائما بالدولار أما العمليات الجراحية فهي الأرخص وغير مكلفة على الطبيب الذي يخسر الشاش فقط والمبلغ الذي يتقاضاه لو وصل إلى 5 ملايين ليرة يبقى هابط الثمن أمام الدفع بالدولار”.
وفي السياق عينه، يشدّد أحد خبراء مركز “مونديال هير” على “الإقبال الكثيف على زراعة الشعر في لبنان التي تبدأ من 1000 دولار، وتختلف بحسب حال المريض عكس ما هو شائع أنّ تركيا هي الأرخص، إذ أن قيمة الزرع في مركز “إيستي غراند” في الحالة العادية تراوح ما بين 2000 و5000 دولار أي أنها أغلى”.
وهذا ما يؤكده طبيب الجراحة والتجميل عماد قدورة لـ”لبنان الكبير” إذ قال: “الوضع الاقتصادي الرديء لا يسمح للمواطن بالسفر ولو لشم الهواء، ومن يدّعي عكس ذلك فهو كاذب. سابقا كان اللبناني يقصد تركيا لزراعة الشعر التي أصبحت اليوم كلفتها باهظة. اليوم يوجد 3 أطباء محترفين في تركيا لا يقصدهم اللبناني بل يقصد الأوفر الذي تكون نتيجته غير مرضية. وفي هذا الإطار، هناك لبنانيون يفضلون الارخص فيذهبون إلى سوريا و”يأكلون كفّا” بسبب النتيجة غير المرضية. وهناك بعض اللبنانيين الذين يفضلون لبنان لو حتى كانت الكلفة أغلى ببضعة دولارات ولكن يحصلون على نتيجة باهرة”.
ويختم قدورة: “الإقبال جيّد على التجميل لكنه خفّ قليلا جراء جائحة كورونا، واللبناني المقيم لا يمكنه إجراء نوع كهذا من العمليات بسبب ارتفاع الدولار على عكس المغترب”.
لم يتأثر قطاع التجميل بالأزمة التي تعصف بلبنان، لا بل بات في مرحلة ازدهار وتحوّل إلى مقصد للسياح العرب والأجانب وحتى المقيمين بفضل شهرة الأطباء والمراكز التجميلية وأيضا بفضل فكرة اهتمام المرأة اللبنانية بجمالها ومظهرها.
فهل سنشهد تراجعاً في هذا القطاع إذا استمر الوضع الإقتصادي السيئ وعجز الطبيب عن استيراد المواد الجيّدة؟ أو أنّ المريض لا يكترث للجودة إنما يكترث لمظهره الموقّت؟!