سرقة سوق الخضار في طرابلس بالكامل: حقيقة أم مبالغة؟!

إسراء ديب
إسراء ديب

فوجئ الطرابلسيون بخبر انتشر في مواقع التواصل الاجتماعي يُشير إلى سرقة كامل محتويات سوق الخضار الجديد، بدءًا من المولّدات الكهربائية، الثلاجات، أعمدة الكهرباء، الأدوات الصحية، وكاميرات المراقبة وغيرها من المحتويات التي قدّر ناشروها بأنّ خسائرها تصل إلى “ملايين الدولارات”.

وأثار هذا الخبر غضب المواطنين الذين حمّلوا بمعظمهم المسؤولية للبلدية التي تملك “مفتاح” السوق الذي بني منذ أعوام، لكن لم يتمّ العمل فيه لأسباب إدارية وقانونية، مما أدّى إلى حصول تعدّيات وسرقات لم تكن الأولى من نوعها، بل حصلت “رويدًا رويدًا”.

إنّ هذه السوق الذي تصل مساحتها إلى 66 ألف متر وتتضمّن 187 محلًا إضافة إلى خدمات أخرى كمركز الإدارة، كافتيريا ومركز حراسة، لم تتمّ سرقتها لمرّة واحدة فقد سبق أن أرسلت تقارير عدّة موثقة تُؤكّد حصول حالات سرقة منذ أكثر من سنة، مما يُثير بعض الاستغراب عن السبب الذي يُؤدّي إلى “تهافت” الوسائل الإعلامية والمواقع الصحافية إلى نشر الخبر، ولا سيما أنّ شرطة البلدية كانت ألقت القبض يوم الجمعة وبمؤازرة الجيش اللبناني على شخصيْن كانا يسرقان محتويات من السوق، وسلّم الجيش حينها المحتويات للبلدية التي احتفظت فيها في مستودعها.

يمق: غاية في نفس يعقوب

يُشدّد رئيس بلدية طرابلس رياض يمق على أنّ “البلدية لم تتمكن من الإشراف على هذه السوق والتصرف بها إلّا منذ نحو شهريْن، أيّ بعد قرار من رئيس حكومة تصريف الأعمال السابق حسان دياب وبعد توقيع وزير المال السابق غازي وزني، والملف كلّه حاليًا في وزارة الداخلية لإيجاد الحل المناسب لتسليمها إلى التجار”.

وعن السرقات، يقول يمق لـ”لبنان الكبير”: “منذ أشهر، جاءت وحدة تفتيش من مجلس الإنماء والإعمار المسؤولة عن المشروع، واعتبرت أنّ البلاد تمرّ بظروف قاهرة ولم تُحمّل المسؤولية للبلدية، لكن من يُحمّلنا المسؤولية لديه غاية في نفس يعقوب”.

“فرقعة” إعلامية؟

يُؤكّد عضو بلدية طرابلس ورئيس لجنتها البيئية، محمّد نور الأيوبي إنّ هذه السوق لم تتمّ سرقتها لمرّة واحدة، فقد سبق أن أرسلت تقارير عدّة موثقة تُؤكّد حصول حالات سرقة منذ أكثر من سنة، وكانت سرقت منها الأجزاء المهمة كالمولّدات الكهربائية والأسلاك، وسرقة وتكسير الأدوات الصحية، وأبواب الألومنيوم فضلًا عن أجهزة أبواب المحال الكهربائية، معتبرًا أن ما حصل عبارة عن “فرقعة إعلامية”.

ويقول لـ “لبنان الكبير”: “البلدية تسعى لتأمين استمرارية لإدارة السوق وهي تتمتّع بخبرة واسعة في إدارة الأسواق العامّة تُراعي النواحي كافة التي تحتاجها السوق من أمن، نظافة، صيانة، تشغيل ومتابعة للمرافق كالماء، الكهرباء والصرف الصحي، ولتحافظ السوق على الهدف الذي خطّط لها بعيدًا من المصالح الضيقة، والمجلس يُرحب بأيّ جهة تتمتّع بهذه المواصفات لتتعاون معها ومع نقابة تجار وبائعي سوق الخضار”.

ويُضيف: “كنت أرسلت تقريرًا في 9-11-2020 إلى يمق الذي تسلم مفاتيح السوق في شهر تمّوز/آب 2019 بعد أشهر قليلة على تسلم الرئيس السابق أحمد قمر الدّين المفاتيح في نيسان/أيّار، مما يعني أنّ يمق يتحمّل مسؤولية أيضًا، لافتًا إلى أنّ الخسائر لا تتجاوز النصف مليون دولار تقريبًا لا أكثر”.

مشروع انتخابي؟

أحد المعنيين بهذا الملف، يُشدّد لـ”لبنان الكبير” على أنّ هذه السوق “شيدت على أرض غير عامّة بمنحة من السعوديين، واكتُشف في ما بعد وجود مشاكل هندسية عند المداخل والمخارج والسور الخارجي (الذي بني بأسلاك حديد بدلًا من الباطون)، مع وجود مشاكل إدارية وقانونية تتمثل بغياب خرائط تعود للسوق في البلدية، وبناء السوق بلا رخصة من البلدية، مع تسلم رئيس البلدية السابق قمر الدّين مفاتيح السوق من دون محضر تسلم وتسليم وهي أسباب منعت البلدية من امتلاك السوق، فضلًا عن دراسة أوّلية أشارت إلى أنّ 80 في المئة من السور الخارجي فيه تعدّ على أملاك الغير”.

أمّا عن الأرض، فيُشير إلى أنّ المساحة العقارية تحوّلت كلّها في ما بعد إلى “ملك عام” لكن السور الخارجي يبقى عائقًا رئيسًا.

ويقول: “تحرّك الملف بطلب من أحد المعنيين إلى نقابة المهندسين تثبيت وتنظيم الخرائط، وبعد اكتشافه عدم وجود رخصة حاول إصدارها قانونًا من النقابة التي لم تُسلّم البلدية بعد هذه الأوراق، ولهذه الأسباب لا يُمكن تسليم التجار المحال بسبب العجز عن إصدار إفادات عقارية لتقسيم محلّاتهم، مما يُفسّر أيضًا سبب عدم وجود المياه والكهرباء”.

وعن غياب الحراس عن المنطقة، يُؤكّد إرسال المعنيين تقارير تُؤكّد عجز شرطة البلدية عدديًا وماليًا عن حماية السوق ليلًا، على الرّغم من تسييرها دورية نهارًا.

ويُضيف: “أجريت محاولة لتسليم المحال للتجار شرط تشكيلهم لجنة حراسة للمحلّات لكنّهم رفضوا، لافتًا إلى أنّ البلدية لا يُمكنها تحمّل أوزار المجلس السابق الذي أخطأ عند تسلّمه المفتاح”.

ويختم: “هناك تحدّ واضح ومحاولة لإرضاء بعض الجهات السياسية لأغراض انتخابية، ولهذا السبب ضُخمت هذه الأخبار مع العلم أنّها قديمة، لكن السرقة تعني التعويض الذي يعني أيضا تدخل طرف مغوار وبطل سيدخل في سباق الانتخابات المقبلة”.

شارك المقال