كهرباء بعلبك: 22 على 24 بقوة الأمر الواقع و”الطفّار”

آية المصري
آية المصري

حكاية أزمة انقطاع التيار الكهربائي في لبنان المتكررة تشبه قصة إبريق الزيت،

ففي هذا البلد ولدت أجيال على برامج التقنين وشح الضوء حتى باتت دولتنا تسمى “دولة ام موتور”، والسؤال لماذا الطاقة الكهربائية ما زالت حتى يومنا هذا تعتمد على محطات حرارية تستخدم النفط والديزل، في وقت تتقدم فيه وسائل استخراج الطاقة الكهربائية في كل دول العالم والتجارب الناجحة كثيرة، فإلى متى ستبقى أجيال وأجيال تنمو مع العتمة.

منذ سنوات الحرب، حل اللبنانيون المشكلة باللجوء إلى استخدام الموّلدات بانتظار الفرج، لكن تسييس أزمة القطاع الكهربائي ووضعها في بازار التحديات والرغبة في إنعاش السمسرات وفتح أبواب الاستفادة من قبل فلان وعلتان أودت بحلم الكهربة إلى الجحيم.

في سائر المناطق التقنين ساري المفعول، والوضع الأمني والمحميات السياسية والعشائرية يؤثران مباشرة وغير مباشرة على هذا القطاع. وإذا أردنا الحديث عن أرباح شركة الكهرباء من الجباية، ندخل في متاهات مناطقية وغيرها، إلا أن السؤال مطروح، لماذا الجباية في مناطق تابعة لــ 8 آذار تكون صفراً، ألا يسبب ذلك خسارة فادحة لهذا القطاع؟.

تقنين ساعتين فقط

في منطقة بعلبك ـــ الهرمل، لا مشكلة كهرباء فلا تتعجبوا!، فهي لا تواجه صعوبات من هذه الناحية، فمع ثورة 17ت، صار التيار الكهربائي موجود على مدار الساعة وفي حال انقطاعه، فهذا لا يتعدى الساعتين كحد أقصى، وكل هذا يعود لقوى الأمر الواقع التي تفرض سيطرتها على هذه المنطقة. إذ إن المحطة الرئيسية مقسمة إلى خطوط وكل خط يمتد إلى بلدة معينة (خط يونين، خط الشراونة، خط دار الواسعة…).

تهديد ووعيد

وبحسب مصادر خاصة لـــ”لبنان الكبير”، فإن “هذا القطاع يتعرض وبشكل مستمر إلى التهديد والوعيد بالقتل والاذى لموظفي الشركة، في حال حصول أي تلكؤ عن إمداد المنطقة بالتيار الكهربائي، وهذا ما يدعو الموظفين إلى الخوف والذعر ويجعلهم ضحية تذعن لمطالب هذه الجماعة”.

وأوضحت “هناك اتفاقيات تعقد ما بين أصحاب المولدات وأبناء بعض العشائر فهم يتقاسمون الأدوار ويدوّرون الزوايا في لعبة الكهرباء الدسمة، فالعشائر مهمتهم نشر الرعب والأذى، وأصحاب المولدات مهمتهم جباية الفواتير من الناس ودفع راتب شهري “للعشائر” وبهذا يستفيد المتسلطون على التيار، إلا البعلبكي الذي يدفع الفواتير الكهربائية الشهرية مرتين واحدة للدولة والثانية للمولد، مع العلم أنه لا يحصل إلا على ساعتين كحد أقصى من التغذية الكهربائية”.

موظفون مطاردون

وقد شهدت أيضاً منطقة بعلبك العديد من المشكلات ما بين موظفي الكهرباء والطفار، وهذا ما جعل الدولة تقدم على وضع مراكز أمنية واحدة للجيش اللبناني والثانية لقوى الأمن الداخلي لاستتباب الأمن فيها، ولكن سرعان ما تم إزالتهما. وطبعاً السبب معروف، حكم الأمر الواقع.

وهنا تطرح الأسئلة، لماذا تتواطأ الدولة معهم؟ لماذا تشجع على الفساد؟ هل لأنها عاجزة عن القيام بواجبها في ظل أحزاب تشكل غطاءً شرعياً لهم؟ لماذا لا يطبق القانون في بعلبك مثلما يطبق في المناطق الأخرى؟ أهو نتيجة تفلت السلاح والبيئة الخصبة للتشاجر والفتن؟. للأسف، هذا ما تفرضه سيطرة العشائر التي لا مثيل لها، المدعومة من أحزاب وجهات سياسية معينة وموجودة داخل السلطة.

القطاع الكهربائي قطاع دسم تفترسه السياسة بطريقة نهمة وتتلاعب به على المجتمع والشعب، وهذا ما سيدمر المجتمع اللبناني الضعيف غير القادر على المواجهة خوفاً من تفتت شعبه وتجزيء مناطقه.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً