لغة “الضاد” شهادة الأجيال الناطقة

نور فياض
نور فياض

هي تاريخنا الاول، هي الماضي والحاضر والمستقبل، هي وجداننا، هي السراج الذي يضيء مجتمعنا، هي الوسيلة التي تحمل الأفكار وتنقلها من جيل الى آخر، هي التي تغزّل بها ومن خلالها العديد من الشعراء، هي التي حفظت تاريخ العرب منذ العصر الجاهلي، هي لغة الجمال، هي لغة حية، هي لغة الضاد. انها اللغة العربية…

في الثامن عشر من كانون الاول من كل عام، يحتفل الكثيرون حول العالم باليوم العالمي للغة العربية. وقد تقرر الاحتفال باللغة العربية في هذا التاريخ لأنه اليوم الذي أصدرت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها في كانون الاول عام ١٩٧٣، باعتماد اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة، بعد اقتراح قدمته المملكة المغربية والمملكة العربية السعودية خلال الدورة الـ190 للمجلس التنفيذي لمنظمة اليونيسكو الذي ادرج فيها مؤخرا الخط العربي.

واعتُمد عام 1966 قرار بتعزيز استخدام اللغة العربية في اليونيسكو وتقرر تأمين خدمات الترجمة الفورية إلى العربية ومن العربية إلى لغات أخرى في إطار الجلسات العامة. وفي عام 1968، تم اعتماد العربية تدريجيًا في المنظمة مع البدء بترجمة وثائق العمل والمحاضر الحرفية وتوفير خدمات الترجمة الفورية إلى العربية.

تسمى اللغة العربية بلغة الضاد لأنها اللغة الوحيدة في العالم التي تتضمن حرف الضاد الذي يُعد من الحروف التي يصعب لفظها. فاللغة العربية هي احدى اللغات السامية الأكثر انتشارا، يتحدثها نحو نصف مليار شخص، كما تعد الرابعة من حيث ترتيب اللغات عبر العالم، والسادسة في منظمة الامم المتحدة. اما احرفها فهي ثاني اكبر الاحرف انتشارا بعد اللغة اللاتينية اذ تتضمن ٢٨ حرفا و١٢.٣ مليون مفردة.

تطورت اللغة العربية على يد العديد من العلماء، فالعالم الذي تمكن من وضع القواعد في اللغة العربية، وكان اول من فكر في هذا الأمر هو العالم أبو الأسود الدؤلي. وأول من وضع علم العروض هو الخليل بن أحمد الفراهيدي، اما الجاحظ فهو من أسس علم النقد الأدبي. اما مصطلح “فقه اللغة” فوُضع من قبل ابن فارس، والمؤسس الفعلي لعلم البلاغة بمفهومها الحديث هو عبد القاهر الجرحاني.

من اهمية اللغة العربية انها اللغة الحضارية الأولى في العالم لوقت طويل، من حيث قدرتها على المساعدة على التعبير عن العلوم المختلفة. هي أداة للتعارف والتواصل بين ملايين البشر في شتى بقاع الأرض. اتسام اللغة العربية بأنها ثابتة في جذورها ومتجددة بسبب خصائصها وميزاتها.

تغنّى وتباهى العديد من الشعراء بها وما زالت حتى اليوم اشعارهم خالدة لأنها تحمل في طياتها الغزل، المدح، الذم، الحب، الحزن، اللوم ومواضيع عديدة اخرى. والجميل ببعض الاشعار ان القارئ يمكنه قولها من اليمين الى اليسار او العكس، فتارة تكون مدحا وتارة تكون ذما ومثال على ذلك:

“حلموا فلا ساءت لهم شيم

سمحوا فما شحت لهم منن

سلموا فلا زلّت لهم قدم

رشدوا فلا ضلت لهم سنن”.

هذه الأبيات يمدح بها الشاعر احدهم وهذه الأبيات أيضا ان تُليت من اليسار فهي تدل على الذم وتصبح:

“شيم لهم ساءت فلا حلموا

منن لهم شحت فما سمحوا

قدم لهم زلت فلا سلموا

سنن لهم ضلت فلا رشدوا”.

على الرغم من جمال اللغة وتطورها وعلى الرغم من ان كلماتها نبضات القلوب ونبرة الحياة الا ان التقدم العلمي والاستخدام الواسع النطاق للغات العالمية مثل الإنكليزية والفرنسية ادى إلى حدوث تغييرات عديدة في اللغة العربية، إذ بدأت هاتان اللغتان تحلّان تدريجيا محلّ العربية، سواء أكان في التواصل اليومي أو في مجال العمل، وبات من يتحدث اللغة العربية الفصحى نادر الوجود.

في اليوم العالمي للغة العربية، تهرع المنظمات والمدارس الى انشاء المسابقات والتعرف الى لغتنا من خلال الاحتفالات وتوزيع الجوائز، لكن تبقى الجائزة الوحيدة للغتنا هي تحفيز اولادنا على التحدث بها .استطاع العالم ان يدرك اهميتها لذلك علينا الحفاظ عليها واستخدامها بشكل مكثف فهي تستحق منا كامل الاهتمام .

فبدلا من استخدام hello كيفك ca va قل مرحبا كيف حالك بخير. تباهى بلغتك لتبقى بخير!

شارك المقال