فرحة الميلاد تُضيء عتمة ليالي طرابلس!

إسراء ديب
إسراء ديب

لم تُغادر البهجة قلوب الطرابلسيين مهما اشتدّت الظروف العاصفة على البلاد من كلّ حدب وصوب، ومع حلول عيد الميلاد يُعلن الطرابلسيون تمسّكهم بكلّ لحظة تُحيي قلوبهم بعد كلّ غصّة واجهوها يوميًا.

لم تختفِ عمليات السرقة والنشل، لم تتوقف التجاوزات الأمنية في كلّ دقيقة، وعلى الرّغم من الصعوبات المعيشية اختار الطرابلسيون في هذا العيد التوجه إلى معرض رشيد كرامي حيث أقيم مهرجان ميلاديّ بفعاليات متنوّعة لإحياء طقوس هذا العيد في باحة المعرض الخارجية، وذلك تحت إشراف وتنظيم منظمة ” Acua” التي اختارت الفيحاء مركزًا لهذه الاحتفالية التي انضمّ إليها الآلاف من الطرابلسيين وأهالي الشمال الذين عبّروا عن امتنانهم لهذه المناسبة التي جمعت اللبنانيين في وقتٍ صعب لا يُمكن الاحتفال به إلّا بـ “الحدّ الأدنى”.

في الواقع، أحيت طرابلس هذا العام عيد الميلاد بأسلوب مميز وبزينة أضاءت العتمة التي عاشتها المدينة طوال هذا العام الذي شعرت فيه النّاس بمرارة الظروف وقسوة العيش، وفي جو آمن بعيد كلّ البعد عن الأزمات الأمنية التي عبثت بأمان وسلامة الأهالي، وكأنّ معرض كرامي المعروف بمساحته الكبيرة وأسلوبه الهندسيّ المميّز، كان ملاذًا آمنًا لأجواء عائلية وميلادية دافئة، لا سيما مع قيام الجيش اللبناني والقوى الأمنية بحماية هذه المناسبة بحرصٍ شديد.

النجاح كان متوقعًا!

لا يُخفي القائمون على هذا المهرجان الذي استمرّ لسبع ليال متمسكًا بشعار “طرابلس أقوى”، توقعاتهم بنجاح هذا المهرجان قبل انطلاق أنشطته، لكن المهرجان الذي انتهت فعالياته وحسب رئيسة المنظمة رولا فاضل فاق نجاحه كلّ التوقعات.

وتقول لـ “لبنان الكبير”: “الإقبال على المعرض كان ضخمًا للغاية، إذْ كان يدخل يوميًا أكثر من 5 آلاف شخص من طرابلس والشمال، وقد يصل العدد إلى 6 آلاف أيضًا، وكنّا نحاول جاهدين دفع الحاضرين إلى الالتزام بالإجراءات الوقائية كفحص الحرارة، ووضع الكمامة مع استخدام المعقّمات، وكانت ضخامة المساحة في المعرض والاحتفال في الهواء الطلق قد ساهمت في تخطّي المخاطر التي من الممكن أن تحدث جرّاء الوباء”، مضيفة: “إنّ الحاضرين تخطّوا الصعوبات الاقتصادية حتّى الطقس العاصف والماطر ليفرحوا، مما يُشير إلى رغبة أهالي طرابلس الذين ظُلموا كثيرًا بصورة نمطية قاسية في العيش، وبأنّهم تواقون للبهجة وعن مدى لين قلب أهالي الشمال الذين شاركونا فرحتنا”.

يُمكن القول، أنّ هذه المنظمة التي كانت اختارت العام الفائت إعادة تأهيل شارع نموذجيّ في منطقة المدوّر البيروتية بعد انفجار المرفأ مع إعادة تأهيل المواطنين الذين أصابتهم صدمة كبرى بعد هول التفجير لتُقيم حفلة عيد الميلاد ليوم واحد فيها، اختارت هذا العام طرابلس لهدفين رئيسيين: الأوّل رسم البهجة في الشمال بخاصّة بعد أعوام على مواجهة الإهمال والحزن الكبيرين، والثاني يكمن في التركيز على ضرورة الترويج لمنتجات في كلّ أجنحة المعرض التي ضمّت مجالات مختلفة، وباستقبال شخصيات كانت سببًا إضافيًا لترسيخ النجاح أكثر، كاستقبال كورال الفيحاء بقيادة المايسترو بركيف تسلاكيان، الإعلامي طوني بارود، الفنانة ألين لحود، إضافة إلى عرض “مزيج” للوكاس صقر، وعروض أخرى فنّية لمواهب طرابلسية وغيرها…

وعن احتمال وجود عراقيل أعاقت حسن سير المهرجان، تُشدّد فاضل على أنّ إقامة المهرجان لا يُمكن أن تخلو من وجود صعوبات لا سيما وأنّ البلاد تُواجه مشكلة في قطاعيّ الكهرباء والمحروقات، “لكنّنا كفريق موحد تمكّنا من تخطّيها وتذليلها بتماسك وإصرار على إنجاح هذه الاحتفالية من أجل طرابلس لأنّها تستحقّ…”.

إقبال على الأسواق ولا وزينة في الشوارع!

أمّا عن المدينة عمومًا، فبدت كعادتها وقبل حلول العيد بأيّام مهيئة لاستقبال أيّام من الفرح والزحمة التي شهدتها الأسواق لا سيما أسواق البالة التي شهدت إقبالًا واضحًا على بضائعها في الآونة الأخيرة، بخاصّة وأنّ العديد من المحلّات فيها كانت قد أجرت حسومات على ألبستها ما دفع النّاس إلى شرائها.

وقد يستغرب البعض إقبال عدد من المواطنين على الأسواق، لكن هذا الإقبال كان يستهدف شراء الثياب للأطفال الذين يعني لهم هذا العيد بشكلٍ كبير، أمّا عن شراء الشوكولا والحلويات في طرابلس فقد تراجع كثيرًا مقارنة بالأعوام الماضية، إذْ يُؤكّد صاحب أحد المتاجر المعروفة في طرابلس لـ “لبنان الكبير” أنّ الإقبال هذا العام كان ضعيفًا للغاية، وإن حصل فيكون محدودًا وضعيفًا نظرًا لغلاء هذه المواد التي يتغيّر سعرها ويتجه نحو الارتفاع بحسب سعر صرف الدولار الذي دمّر اقتصادنا وأهدر طاقته والنّاس، ولا ننسى أنّ المغتربين هم أكثر من يشتري في الفترة الأخيرة”.

أمّا عن الزينة، فغابت هذا العام عن الشوارع، بخاصّة تلك التي اعتدنا أن نراها في الطرقات الرئيسية في المدينة، وذلك نظرًا لغلاء أسعارها وعجز المؤسسات المسؤولة عن وضعها والاهتمام بها.

شارك المقال