“التكيّة المولوية” كنز ثقافي تُحيط به النّفايات!

إسراء ديب
إسراء ديب

تُعدّ “التكيّة المولوية” التي تُعرف بـ “تكيّة الدراويش” مقصدًا تراثيًا مميّزًا ومكانًا جاذبًا لكلّ الزائرين الذين تجذبهم إحدى أهمّ التكايا المولوية السبع المنتشرة خارج تركيا التي أولت اهتمامًا كبيرًا بها منذ سنوات ماديًا وتنمويًا، وذلك بعد اتخاذ مدينة قونيا التركية قرارًا أنْ تكون مسؤولة عنها بشكلٍ مباشر حفاظًا على إرث ثقافي وديني منتشر في دولٍ عدّة خارج تركيا.

احتلّت هذه التكيّة التي بناها مندوب السلطنة العثمانية “صامصونجي علي” عام 1619 بهدف دينيّ وتعليميّ، مركزًا جاذبًا استمرّ العمل فيه حتّى عام 1963، أيّ أنّها أنتجت ولمدّة طويلة ثروة غنية مرتبطة بالفلسفة، الأدب، علوم الدين وغيرها من العلوم التي نُسبت إلى هذا الصرح الذي نسب أيضا، إلى المولوية أحد الطرق الصوفية التي أسسها الشيخ جلال الدّين الرومي عام 748م والذي عاش في قونيا التركية، وهي لا تزال تُقيم احتفاليات سنوية لإحياء ذكراه سنويًا، والتي صادفت هذا العام فعاليات حفل توقيع اتفاقية “التوأمة” بين بلديتيّ طرابلس وقونيا الكبرى، والتي تمّ توقيعها في مركز “مولانا” الثقافي في بلدة قونيا بحضور تركي، طرابلسي، ودولي.

إنّ هذه التكية التي أعيد ترميمها وتنظيمها من قبل وكالة التعاون والتنمية والتنسيق التركية “تيكا”، وكان مشروع ترميمها عرضة لمجموعة اعتراضات على كيفية تأهيلها، افتتحت الحديقة الجديدة التي تُسمّى بـ “جلال الدّين الرومي” أو “حديقة مولانا” في التكية واستقبلت فيها مجموعة من الزوار الذين يتغنّون بدقة التصميم وجمال التنفيذ التاريخي. 

العبرة في “النّظافة” والقانون!

إنّ هذا الصرح الذي صمد بوجه فيضان نهر أبو علي الذي دمّر كلّ شيء عام 1955، وصمد أيضًا في ظلّ التشويه والانتهاكات الأمنية التي تعرّضت لها الفيحاء خلال فترة الثمانينيات، فضلًا عن العديد من الاشتباكات التي شوّهت صورة المدينة، يُواجه اليوم ثقافة “رمي النفايات” بلا حسيب أو رقيب، ويدفع ثمن موقعه الجغرافي ولا سيما أنّ هذا الموقع كان لا بدّ له أن يُضيف إليه المزيد من التميّز، نظرًا لكونه قريبًا من قلعة طرابلس الأثرية التي تتغلّب دائمًا على إهمال الدّولة، ونهر أبو علي الذي لم ترحمه المؤسسات الرسمية بعد الفيضان، ولم يرحمه النّاس الذين مهما حاولت البلدية أو أيّ طاقات بشرية تنظيفه، يقومون يوميًا برميّ النفايات والخضار في النهر المعروف بقوّته التي قتلتها مشاريع الدّولة الفاشلة، عدا عن عمليات إطلاق الرصاص يوميًا بطريقة عشوائية في الكثير من الأحيان مما يدفع أيّ زائر أو سائح إلى القلق، وسيلجأ مسرعًا بالتأكيد إلى أماكن آمنة لا يخشى فيها من رصاصة طائشة قد تخرق جسده في أيّ دقيقة.

ويقول أحد الزوار الذين دخلوا إلى التكيّة منذ أيّام برفقة سائح نروجي لـ “لبنان الكبير”: “إنّ تصميم التكيّة الرائع يُذهل كلّ من يدخل إليها، فهذه مدينتنا الجميلة التي تحمل تراثًا عظيمًا يجب الحفاظ عليه والترويج له بطريقة سليمة تجذب النّاس جميعًا إلى رحابها، لكن بسبب بعض الأشخاص الذي يعملون على الأرجح على جسر النّهر يرمون النفايات على ضفاف وداخل النهر الذي تقع التكيّة على ضفافه أيضًا، مما يجعلنا محرجين دائمًا من تصرّفات البعض التي تدلّ على جهلهم لقيمة النظافة العامّة وقيمة هذه الأمكنة التي نستفيد منها عاجلًا أم آجلًا”.

ويرى متابع لعمليات تنظيف مجرى نهر أبو علي، أنّ بلدية طرابلس تقوم بتنظيف المجرى مع شركة الـ “لافاجيت” الملتزمة رفع النفايات من شوارع وأحياء المدينة، “لكن منذ فترة كنّا نواجه تقصيرًا في عملية التنظيف هذه، مع العلم أنّه يجب الاكتراث لهذه التفاصيل لأنّ طرابلس تحتاج إلى هذا الدّعم، فبدلًا من الاهتمام بقطع الأشجار المفيدة عليهم تنظيف النهر والجدران وكلّ الأرصفة، وذلك لأنّنا ندفع الرسوم البلدية سنويًا وإنْ لم ندفعها ندفع الثمن مضاعفًا…”، مؤكّدًا لـ “لبنان الكبير” أنّ “التكيّة كانت استقطبت الكثير من النّاس بعد افتتاح الحديقة، لكن السياح الأجانب والعرب أيضًا سينتقدون هذه النفايات والرائحة النتنة التي تُفرز سمومًا بلا أدنى شكّ، داعيًا البلدية مع الـ “لافاجيت” إلى ضرورة التنظيم والتنسيق لتنظيف النهر بشكلٍ أسبوعيّ على الأقلّ”.

شارك المقال