صناعة الرخام والغرانيت مهمّشة… لكنها “عملة صعبة”

آية المصري
آية المصري

أزمات تلو الأخرى، قطاعات مهمشة بعل فاعل وقليلا ما نتحدث عنها، مع انها من الصناعات الطبيعية والحيوية التي من الممكن أن تستقطب الكثير من العائدات المالية المهمة الى لبنان. لكن المسؤولين غير مكترثين إلا للنفط والغاز، علما ان صناعة الرخام والغرانيت تنتج وتدخل الكثير من العملات الصعبة في حال تصديرها الى الخارج.

فلماذا يريدون ان يبقى هذا القطاع مهمشا وان يستورد كل المواد الأولية من الخارج؟ ولماذا لا يعملون على تفعيل قطاع صناعة الرخام والحجر والغرانيت؟ بلدان كثيرة تفضل الحجارة التزيينية اللبنانية لكن هناك مشاكل تواجهها؟ وكيف سيستمر هذا القطاع في ظل كل هذه الأزمات التي نعيشها؟ ولماذا الرخص متوقفة منذ زمن بعيد؟ 

عنصران نفتقدهما!

اعتبر رئيس لجنة التمويل الصناعي وعضو مجلس ادارة الصناعيين صخر عازار ان “الأوضاع صعبة جدا، ومن المعروف ان هناك عنصرين نفتقدهما خلال هذه الفترة، اليد العاملة من جهة بسبب فقدان العمالة اللبنانية مما يجبرنا على طلب عمالة أجنبية لم تعد تقبل رواتب بالليرة اللبنانية ويريدون “فريش دولار” أي عمالة مقابل عملة صعبة. والأزمة الكبرى تبقى غياب التيار الكهربائي واستخدام المولدات والتكاليف الباهظة التي ندفعها من جهة أخرى”.

وأشار عازار الى ان الصناعيين يعانون من أزمة كبيرة نتيجة انخفاض التصدير للخارج، مع العلم ان الاغتراب اللبناني يحاول جهده لمساعدته قدر الامكان، “ومن الضروري فصل المخطط التوجيهي المتعلق بالمقالع والكسارات عن الحجر التزييني في لبنان. فالمقالع التزيينية يمكننا إستخراج منها البضاعة اللازمة ونقوم بتصديرها لأهم بلدان العالم، ومعظم هذه البلدان تفضّل الحجر اللبناني، وأهم المدن العالمية المصنفة سياحية الى جانبها مقالع تزيينية، وكل المقالع يقام فيها التجميل تملك مخططا توجيهيا والدولة تراقب الأوضاع”.

وتابع: “هناك منطقة لدينا تنافس أكبر المناطق العالمية في السياحة كمنطقة فورتي دي مارمي الايطالية المتواجدة في توسكانا، ففي هذه المنطقة يوجد مقالع تزيينية، من هنا أناشد الدولة اللبنانية مساعدة الصناعي وبالتحديد الذي يعمل في صنف الرخام والحجر كي نتمكن من إدخال العملة الصعبة الى البلد، وغير صحيح ان الدولار لا يأتي إلا من البترول والغاز، نملك الكثير من الموارد ولدينا ثروة طبيعية يمكننا استخراج الحجر منها ونحوله الى عملات صعبة”.

وختم عازار: “حاولنا كثيرا التواصل مع الجهات المعنية في مختلف العهود ونحن في حالة يرثى لها، اتمنى من كافة الصناعيين التكاتف. فالصناعة على مختلف أنواعها تجاهد للبقاء في لبنان، لكن في الوقت عينه يجب ان نحصل على القليل من الأوكسيجين لنتجاوز هذه المرحلة الصعبة. وصناعة الرخام رائدة في لبنان وفي دول الخليج وأميركا، نتمنى ان نتمكن من استخراج المواد الأولية كي تزدهر كافة المعامل المحلية وتصدّر الى الخارج”. 

لسنا تابعين للمخطط التوجيهي للكسارات

وأكد رئيس نقابة مصانع الرخام والغرانيت ومصبوبات الاسمنت إبراهيم ملاح انهم “كمصانع رخام وحجر ليسوا تابعين للمخطط التوجيهي للكسارات والمرامل، لكنهم يشملوننا بقرارهم وهنا الخطأ الفادح. هؤلاء عكسنا يشوّهون البيئة، ونحن نملك مقالع صغيرة الحجم وليست كبيرة مثلهم. ونحن مجبرون اينما يقع مكان الحجر الجيد وفي مختلف المناطق اللبنانية ان نزيله، بينما مقالع الكسارات والبودرة يمكنهم فعلها في اي مكان على الحدود، في اماكن بعيدة”.

ولفت الى اننا “نحتاج الى رخصة من وزارة البيئة تمر بعدّة مراحل، كما اننا بحاجة الى موافقة المجلس الأعلى للمقالع والكسارات والمرامل الذي يرأسه وزير البيئة. لكن للأسف الوزراء السابقون والحاليون لم يدعوا هذا المجلس الأعلى أبدا الى الاجتماع، مما يؤخر الرخص، وأصحاب هذه المصالح فقدوا الأمل في الحصول عليها نتيجة التأخير بالطلبات المقدمة منذ وقت طويل. واليوم المقالع تعمل من خلال المهل الإدارية لكن الذي يملك مشروعا كبيرا لا يمكنه المخاطرة والاعتماد على هذه المهل وبحاجة الى رخصة حقيقية من الجهات المعنية”.

وختم ملاح: “من البديهي ان تؤثر قلة الكهرباء في عملنا وفي عمل كل الصناعيين في البلد، والمولدات تزيد من تكاليفنا نتيجة ارتباطها بالفريش دولار، واليد العاملة الاجنبية تغادر لانهم يريدون رواتب بالدولار ونحاول قدر الامكان المحافظة على عمالنا وموظفينا”.

يجب تفعيل المراقبة!

وأشار إلياس موسى المتخصص بتجارة الرخام الى انه “منذ عشرات السنوات قلّة من التجار حافظت على هذه المهنة. فجني الأموال كثير في هذه المهنة والطرق غير الشرعية أكثر من الشرعية، وعرض البضاعة المصنعة في السوق بأسعار غير منطقية وباستمرار تجعلنا نطرح الكثير من التساؤلات عن الاسباب. نعود لنطالب مجددا الدولة والجهات المختصة بتفعيل المراقبة على الجميع، واذا أردنا ان نعيد النهضة الاقتصادية علينا ان نبدأ بالرقابة على جميع المعابر، ومن ثم دعم الصناعة الوطنية لانها المورد الوحيد للأموال الصعبة”.

يبدو ان الدولة والجهات المعنية غير مكترثة لدورها الحقيقي، فتهتم بقطاعات معينة وتهمش أخرى، مما يساهم في تفاقم الاوضاع اكثر واكثر.

شارك المقال