بعد وعد فيّاض: هل يُمكن تشغيل محطّة إنتاج كهربائي شمالًا؟

إسراء ديب
إسراء ديب

ليْست خافية تداعيات نقص أو غياب التغذية الكهربائية عن المناطق اللبنانية على اختلافها منذ أشهر عدّة، وخضوع معظم الشعب إلى أحكام أصحاب المولّدات، مما دفع الكثير منهم إلى إلغاء اشتراكهم بسبب ارتفاع كلفته، وعجزهم عن تأمين ربع ثمنه بعد الأزمة المعيشية الحادّة التي تمرّ بها البلاد في الآونة الأخيرة.

وفتح وعد وزير الطاقة وليد فيّاض بتأمين تغذية كهربائية لأكثر من عشر ساعات يوميًا، وهو تصريح عاد وكرّره رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي في مؤتمره الصحافي الأخير، الباب أمام مناقشة جدّية يُشير بعضها إلى وجود أمل كبير باحتمال تنفيذ هذا الوعد، بينما تلفت مناقشة أخرى إلى احتمال عدم تنفيذه في ظلّ التجاذبات السياسية التي قد تُؤجّل العمل أو تحدّ من تطوّره.

وحسب المعطيات، فإنّ وصول الغاز المصري إلى لبنان عبر الأنبوب العربي الذي يمرّ في الأردن وسوريا، يُساهم في إيجاد حلّ لهذه الأزمة بشكلٍ جزئيّ، لكن بسبب وجود أعطال بخطّ أنابيب الغاز العربي والحاجة إلى إصلاحها (قد يستغرق وقتًا قصيرًا)، لن نتمكّن من استقبال تدفق الغاز عبره حاليًا، وبالتالي يُمكن التأكيد أنّ هذا الأنبوب سيُتيح بعد إصلاحه القدرة على تأمين تغذية كهربائية تصل إلى 8 ساعات يوميًا، مع وجود عامل آخر يزيد من التغذية لساعتيْن إضافيتيْن وهو استجرار الكهرباء من الأردن عبر سوريا.

تعزيز إنتاج الكهرباء: ممكن ويحتاج إلى وقت

في حديثٍ مع المديرة العامّة لمنشآت النفط في وزارة الطاقة أورور فغالي، تُؤكّد بدء الشركة المصرية الكشف على خطّ الغاز العربي للمباشرة بالعمل، متوقّعة نجاح هذه الأعمال التي تُساهم فيها وزارة الطاقة.

وتقول لـ “لبنان الكبير”: “نقوم بكلّ ما يلزم في الوزارة لتأمين الكهرباء، وهي محاولات بدأت في حكومة الرئيس حسان دياب حين توجهنا إلى الأردن واجتمعنا مع الوزراء العرب المعنيين بحضور الوزير السابق ريمون غجر، أمّا الوزير فياض فقد توجه إلى مصر ونجري اجتماعات متوالية، وتقوم الوزارة فعليًا بإعداد العقود وتدرسها مع جهاز تقنيّ يبحث فيها من الجهتيْن التقنية والقانونية”.

وعن صيانة الخط العربي، تُشدّد فغالي على أنّه “يحتاج إلى شهر ونصف الشهر أو شهرين على الأكثر، وذلك نظرًا لوجود آلات قد تكون غير صالحة بعد ما يُقارب الـ 10 سنوات من التوقّف، مما يضطرنا إلى شراء أخرى جديدة أو استبدالها مثلًا”.

وتُضيف: “بعد انقضاء الأعياد وتحديدًا يوم 15 كانون الثاني ستبدأ الإصلاحات وصولًا إلى 15 آذار لتكون قد انتهت فعليًا كحدّ أقصى، ولا ننسى أهمّية المفاوضات المستمرّة مع البنك الدولي (لتأمين تمويل ثمن الغاز المصري وإصلاح خطوط نقل الكهرباء وتقويتها والصيانة المطلوبة لأنابيب الغاز)، ففي الوزارة تُجرى لأكثر من مرّة في الأسبوع اجتماعات جدّية، للبحث في هذا الأمر الرئيسي والمهمّ”.

وتلفت فغالي إلى ضرورة التمييز بيْن خطّ الغاز العربي، وخطّ أنابيب النفط الذي مهما تمّت عملية إصلاحه بسبب كثرة السرقات والتعدّيات، لا تتوقف أبدًا هذه التجاوزات حتّى بعد إرسال كتبٍ عدّة إلى المعنيين: كالبلديات والمراجع الأمنية وغيرها خاصّة أنّها متوقفة منذ 30 عامًا تقريبًا.

وتُتابع: “إنّ التسرّبات النفطية التي كانت تحصل، جاءت بعد سرقة البعض لمواد نفطية على هذا الخطّ الذي كان محميًا بسبب الزيت فيه، الذي يقوم بدوره بحمايته من الصدأ، لكن بعد سرقة هذا الزيت دخل الأوكسيجين إليها مما أدّى بها إلى هذا الاهتراء الذي نقوم مرارًا وتكرارًا بإصلاحه، لكن أنبوب الغاز لن يتمكّن أحد من سرقته وهو مختلف عن أنبوب النفط العراقي بالتأكيد…”.

العراقيل ممكنة و”العبرة في التنفيذ”

قد يُواجه وعد الوزير فيّاض عراقيل معيّنة، فبيْن من يربط هذا الوعد بوعود الوزير السابق جبران باسيل بتأمين الكهرباء لمدّة 24/24 وربط خسارة وعدم نجاح هذه “الفرضية” بمقولة ما خلونا” المعتادة، وبين آخرين يرون أنّ هذه الاتفاقية جاءت بموافقة عربية ودولية أيضًا تسمح لهذا المشروع بالنجاح، يقف اللبناني محتارًا بينهما لكنّه ومهما اختلفت الآراء والتوجهات لا يُريد سوى التيّار الكهربائي وإيجاد حلّ لهذه الأزمة التي يدفع ثمنها يوميًا من “جيبه”.

من هنا، يرى مصدر مطّلع أنّ السفيرة الأميركية دوروثي شيّا قد أبلغت منذ أشهر عدم ممانعتها دخول الغاز المصري إلى لبنان، كما أنّ رأيها ما زال حتّى هذه اللحظة إيجابيًا لهذا المشروع مع توقعات مصرية إيجابية تُضاف إلى الإيجابية الأميركية”، وفق ما يقول لـ “لبنان الكبير”.

ويُضيف: “إنْ وجدت هذه العرقلة فلن تكون سوى عرقلة سياسية لا أكثر، كغيره من المشاريع التطويرية التي يضعون على دواليبها العصي المعرقلة”.

من جهته، يُؤيّد مرجع سياسي في طرابلس هذا المشروع، معتبرًا أنّه سيكون “فاتحة خير” إن نفذ فعليًا. ويقول لـ “لبنان الكبير”: العبرة في التنفيذ، لهذا السبب ننتظر قرارات البنك الدولي وتوجهات الشركة المصرية لندرك الهدف”.

ويختم قائلًا: “لا نقول فول ليصير بالمكيول”.

شارك المقال