الكتاب رهينة الدولار… والقراءة “أونلاين”

جنى غلاييني

كُتُبٌ على رفوفٍ صامدة بين أسطرها علم وتاريخ وأديان وحكايات ببداياتٍ لا نهايات لها، ولكل كتابٍ الصاحب المنتظر الذي سيزيل عنه الغبار. لكن غبار الكتب ستتكدّس والصاحب سيزول!

أزمات لا ترحم، لتصل الى عقر المكتبات التي تهدف الى نشر العلم والثقافة وتطال قرّاء اعتبروا هذه المكتبات بيتهم الثاني، لكن تلك الأماكن التي كانت تتّسع لمحبي القراءة والمعرفة أصبحت تضيق عليهم وعلى أصحاب المكتبات، حتّى لجأ القارئ الى الأونلاين وصاحب المكتبة الى الدعاء للقدرة على الصمود.

وفي هذا السياق، تقول مديرة “دار النهضة العربية” نيسرين كريدية لـ”لبنان الكبير”: “الوضع في لبنان صعب جدّاً، والكتب أسعارها باهظة، وحاليًّا أكثر الكتب التي تباع هي الكتب الجامعية، أما الكتب التي تراجع بيعها فهي كتب الفلسفة والشّعر، حيث هواة القراءة للكتب العامّة بتراجع مستمر وكذلك حركة البيع في ظل هذه الأزمة الاقتصادية”.

وتشير كريدية الى أنّ “الكتب تسعّر بالدولار لكن دفعها بالليرة اللبنانية، فالمشكلة تكمن حين يدفع القارئ ثمن كتاب 5 دولارات أي ما يساوي حاليّاً 165 ألف ليرة، هذا يدفعه الى الاستغناء عن شرائه والبحث عنه على المواقع الالكترونية التي لا بد أن توفّر له ما يريد مجّاناً، لكن من الممكن أن تكون بثمنٍ أيضاً وبالدولار حيث يجب الدفع بواسطة الـcredit card  ومن المعلوم أنّ أموال الناس عالقة في المصارف، لذا كيفما اتّجه المواطن اللبناني لا يسلم من الأعباء الاقتصادية”.

وتوضح أنّ “حركة الطباعة في دُور النشر لا تزال مستمرّة فالمؤلّفون كثر، والنشر يكون خارج لبنان بسبب الأسواق يسيرة ولا إقفال لدُور النشر التي تعمل على طباعة كتب المؤلفين وشحنها الى الخارج”.

وتختم كريدية بتمنٍ للعاملين بالمجال الثقافي بالصمود موقّتاً أمام الأزمات العاصفة بالبلد لحين الفرج، وأنّ لبنان مرّ عليه الكثير، فلا بد من الاستمرار بالنشر والانتاج وحصد المزيد من الجوائز.

وفي حديث مع جاد خوري، الطالب الجامعي والهاوي لقراءة الكتب السياسية التي تشغل فكره وتدفعه الى قراءة المزيد، إذ يقول أنّه “وبعد ارتفاع أسعار الكتب أصبح يستغني عن شرائها ويلجأ الى مواقع الكترونية توفّر له الكتاب الذي يريد، لكن أحياناً عندما لا يجد كتاباً معيناً متوفّراً على الاونلاين يضطّر الى أن يدّخر بعضاً من المال لشرائه”. وبينما جاد يفعل ذلك، أسعار الكتب تتجه نحو المزيد من الارتفاع فهل سيكون قادراً على اللّحاق بالكتاب؟

أمّا سارة عجمي، طالبة الفنون، فتسعى دائماً الى قراءة القصص التي تزيدها حياةً والتي تدفعها الى الإمساك بقلمها والإبداع فيه عن طريق رواية حكاياتها وتجاربها التي عاشتها وتشعر بها، ولتوصل هذا الشعور عبر كلمات على ورق. وترى سارة أنّ “السبيل الوحيد الذي يجعلها تذهب وراء كتابتها للقصص هي القراءة المستمرّة لكتب تعود كلماتها الى أعظم الكتّاب الذين يجعلون من قلم سارة الصامت ناطقاً الى أبعد حدود، لكنهّا أصبحت صاحبة شعور غير قادرة على التعبير عنه بسبب توقّفها عن قراءة الكتب التي أصبحت أسعارها غير مقبولة بالنسبة لها وأنّها تفضّل أن لا تشتري أي قصّة حاليّاً الى حين عودة الأمور الى طبيعتها لأنّ هناك بعض الأشياء الحياتية أهم من الحصول على كتاب”.

لكن تالا حمدان، معلمة مدرسة وصاحبة قلم، فاستغنت “عن شرائها لكتب الشعر من المكتبات والتي كانت تباع بأقل الأسعار إذ كان سعر الكتاب لا يتجاوز الـ15 ألف ليرة بينما أعظم الكتب السياسية تراوح أسعارها ما بين الـ40 ألفا والـ50 ألف ليرة، وبعد تحليق الدولار وارتفاع أسعار الكتب الى ما فوق الـ200 ألف، أصبحت تلجأ الى شرائها مستعملةً من على مواقع التواصل الاجتماعي، كما أنّها لا تحبّذ القراءة أونلاين لعدم قدرتها على التركيز والانزعاج من شاشة الهاتف أو اللابتوب”.

شارك المقال