fbpx

الدراما اللبنانية في حلقاتها الأخيرة!

نور فياض
نور فياض
تابعنا على الواتساب

كان الخروج من المنزل سابقا مرتبطا بتوقيت عرض مسلسل ما، نخرج فور إنتهائه أو نعود قبل عرضه وكنا نتشاجر بسبب كثرة المسلسلات لذا ننتظر الاعلانات لننتقل من محطة إلى أخرى ليتسنّى لنا مشاهدتها جميعها. اما اليوم فاختفت هذه الظاهرة لان الدراما اللبنانية شبه غائبة وهي تعيش واقعاً مخيّباً اثر تراجع عرض المسلسلات اللبنانية التي كانت تزيّن الشاشات وتنقذ اللبناني من الملل مساءً. وبات التركيز على البرامج الاقل كلفة هدفا للمحطات التلفزيونية، وربما سنفتقد هذا العام الدراما اللبنانية بعدما كانت في أوجها ليأتي ارتفاع الدولار ويعرقل مسيرة نجاحها وتحلّ مكانها المسلسلات التركية أو البرامج الأسبوعية.

يلوم الممثل بديع ابو شقرا الدولة اللبنانية عبر “لبنان الكبير”: “انّ قطاع الدراما طبعا تأثّر بالأزمة الاقتصادية لكن من الاساس الدراما اللبنانية البحتة هي ضحية اهمال الدولة التي لم تهتم يوما بها.”

ويضيف: “يصوّر في لبنان دراما مختلطة وهذا يدعو للتفاؤل، لكن شركات الانتاج العربية تجد صعوبة ومن الممكن ان تمتنع او تتوقف عن التصوير بسبب الانقطاع الدائم للكهرباء وغيرها من الازمات التي يعاني منها البلد وبالتالي تؤثر سلبا في آلية التصوير.”

ويتابع ابو شقرا: “قطاع الدراما اخطر من باقي القطاعات الانتاجية مثل الزراعة، المصارف، الصناعة وغيرها والتي ترمز الى الوجه الحضاري للبلد، فالأول بغيابه يدمر الثقافة والفكر والتطور. سابقا كان هذا القطاع يملك حيّزاً من الحرية والتكنولوجيا الجاهزة من دون أن ننسى ان لبنان كان الأول بالاعلانات ووجها للحضارة.”

ويختم ابو شقرا: “لا يناسب الدولة اللبنانية الإهتمام بالقطاع الفني وخصوصا المسرح والسينما، لأن هذا القطاع لطالما “أنتج” الثورات لكن على الشعب ان ينتفض ويغيّر هذه السلطة غير الفعّالة واذا استمر الوضع على حاله لن يبقى بلد ولا حتى مواطن”.

من جهتها، تقول الكاتبة نادين جابر لـ”لبنان الكبير”: “مما لا شك فيه ان الازمة الاقتصادية اثّرت سلبا في القطاعات كافة بما فيها المسلسلات اللبنانية البحتة والإنتاج الوطني، وكذلك في محطات التلفزة المحلية التي تمر اليوم بوضع مزر. فبعد ان كانت تعرض حوالي عشر مسلسلات في الموسم باتت اليوم تبث ثلاثة فقط بميزانية محدودة بفضل بعض المنتجين الذين ما زالوا يحافظون على الدراما اللبنانية ولو فقط بمسلسل او اثنين.”

وتضيف جابر: “المسلسلات المختلطة اي التي تجمع نجوما من مختلف البلاد العربية لا تتّكل على السوق اللبناني فهدفها عربي، عرضها الأول في الخارج ومن ثم تُستقبل في الصالات اللبنانية كعرض ثانٍ وثانوي”. بالنسبة للكتّاب تشير جابر الى انّ “الكاتب يمكنه تحضير مسلسلين في السنة، لكن باستطاعته تصوير سيناريوات كانت قد كُتبت في السنة الفائتة”. علما ان جابر في صدد الانتهاء من تصوير مسلسلها “للموت” في جزئه الثاني والذي سوف يعرض في شهر رمضان المقبل.

ويقول مدير إدارة الإنتاج في شركة “إيغل فيلمز” محمد حمود لـ”لبنان الكبير”: “المسلسلات اللبنانية تعاني من مشاكل جمة: أولا، محطات التلفزة غير قادرة على شراء أعمال المنتجين اللبنانيين بسبب ثمنها الباهظ وهي تبنّت فقط عرض المسلسلات “الرخيصة.” ثانيا، بسبب الفساد تراجعت الدراما اللبنانية بنسبة 80% ما بين 2019 و2021 والإنتاج اللبناني بات يعاني من إنهيار حاد جرّاء الأزمة الإقتصادية مما أثّر سلبا في أجور الفنيّين (ممثلون، تقنيون، فريق إخراج…)، و90% منهم لا يأخذون حقهم حتى لو كانوا أصحاب كفاءة عالية إذ نجد أنّ مخرِجا منفّذاً غير لبناني عقده بـ3500 دولار بينما نظيره اللبناني يتقاضى نصفه.”

ويؤكد أنّ “الفساد ليس فقط سياسيا، بل المنتج أيضا صار فاسدا. غالبية المنتجين لا ينظرون الى الموهبة مع العلم أنّ خريج المسرح يكون قد تعب للوصول الى هدفه لكن الجمال سيطر على الكفاءة وبات معيارا لتحقيق الحلم وإذا والد الشخص صاحب نفوذ تكون طريق الوصول أسرع .”

ويختم حمود: “على أمل أن يتحسن وضع البلد وينتهي هذا الكابوس”.

وفي السياق عينه، يشير الممثل الشاب محمد فوعاني لـ”لبنان الكبير” الى انّ “الأزمة الإقتصادية هي سيف ذو حدين على الممثّل الشاب. من جهة كثرت الفرص للممثلين الجدد لأنّ المنتج يطلبهم بغية التوفير إذ يتقاضون ربع أجر ممثل الصف الأول.”

أما من الناحية السلبية، فيقول فوعاني: “عدد المسلسلات تقلّص، إذ أنّ المنتج غير قادر على ضخ مبالغ ضخمة على أكثر من مسلسل لذلك يكتفي بواحد، إضافة الى أنّ المحطات اللبنانية لا تستطيع شراءها، مما جعل المنتج يلجأ الى الفضائيات أو التطبيقات مثل “شاهد”، فيتابع المسلسل شريحة وكبيرة من الناس ويحقق نسبة مشاهدة عالية.”

في سابقة غير معهودة، وبسبب الأوضاع الإقتصادية الراهنة، غيّرت الشاشات المحلية اللبنانية عاداتها ودخلت المنافسة من باب الأعمال التركية التي فرضت حضورها على اللبنانيين من دون منازع، في ظل غياب للأعمال المحلية والعربية المشتركة. فهل سنضطر مع إقتراب شهر رمضان – شهر المسلسلات – إلى تحميل التطبيقات لمشاهدة المسلسلات اللبنانية؟!

إشترك بالقائمة البريدية

شارك المقال