الأطفال في عزلة كورونا: حياة خلف الشاشات

غيدا كنيعو
غيدا كنيعو

لم يقتصر تأثير فيروس كورونا فقط على صحّـتنا الجسدية، بل طال تعجرفها لتفتك بصّحتنا النّفسية. أصبحنا نعيش بقلقٍ مستمر. أصبحت العزلة أفضل خيار وهي الّتـي حذّرونا مراراً منها على أنّها من عوارض الاكتئاب.

بالرّغم من شلل الكوكب وانعزاله، إلاّ أن معظم الأشغال ابتكرت أساليب جديدة ليستمر العمل، فتوجهّ الجميع نحو “الأونلاين” وخصوصاً المدراس والجامعات. ولا يمكن الإنكار أن هذا الأسلوب أفضل من لا شيء. وأنّ التّلاميذ، تحديداً تلاميذ المدارس، بالرّغم من عدم ذهابهم إلى مكان دراستهم إلاّ أنهم أصبحوا قادرين على تلقّي المعلومات وهم جالسون في البيت. ولكن، هنا السؤال. هل تلقّي المعلومات هو فقط ما يهمّ؟. أين حياة الطلّاب الاجتماعية في ظل هذه الأزمة؟. ما تأثير هذه الطرق التعليمية الجديدة على صحّة التلاميذ النفسية وتصرفاتهم اليومية خصوصاً الأطفال الصغار؟ وكيف نعالج هذه المشكلة؟.

صدمة مفاجئة تغير روتيناً

تقول المعالجة النفسية نانار اكناديوسيان إن جميع الطلاب، على الصعيد الشخصي أصبحوا ضحية القلق والخوف. خصوصاً الأطفال الّذين من الصّعب أن يفهموا جيداً ما يحدث حولهم. ومنهم أيضاً من فقد أفراداً من عائلته نتيجة إصابتهم بالفيروس، ما شكّل صدمةً لهم. كما أن تغيير الروتين بشكل مفاجئ أثّر عليهم وجعلهم يشعرون بعدم الأمان وهم الذّين اعتادوا الذّهاب إلى المدارس ورؤية أصدقائهم هنالك بشكلٍ طبيعيّ. وهنا مشكلة أخرى بحد ذاتها فالأولاد عموماً بحاجة إلى بناء العلاقات والصداقات في المدرسة لتكوين شخصية صلبة فيما بعد والّتي تؤثّر على حياتهم المهنية، العاطفية، العائلية. وهنا أيضاً يقع الأهل ضحية هذه المشكلة، فهم مجبرون على لعب دور الأهل والأصدقاء والأساتذة بنفس الوقت، ما خلق احتقاناً وتوتّراً في علاقاتهم”.

وتضيف: “أمّا على الصعيد الأكاديمي، فقد بدا أيضاً تراجع في المستوى الأكاديمي خصوصاً لدى الأطفال، فهم يخشون الكاميرا، جالسين وحيدين في غرفة، لا أستاذ يشجّعهم، لا ثقة بين الحاسوب وبينهم. ومنهم من ابتعد عن أهله بحكم سفرهم وعدم قدرتهم على القدوم إلى البلد من جراء الفيروس. جميعها تداعيات سلبية لهذا الفيروس على صحّة أطفالنا النّفسية وطلابنا، وصحتّنا نحن الشباب والكبار أيضاً”.

لا تتحدثوا عن الفيروس

إذاً كيف يمكننا أن نعالج هذه التداعيات لنخرج من هذه الحرب بأقل خسائر ممكنة؟. تشرح لنا هانية كنيعو، معالجة نفسية، عن أهمّية “خلق شبكة تواصل بين الأهل والأولاد خصوصاً في هذه الفترة، وإعطائهم مساحة للتعبير عن أنفسهم وعن هواجسهم وأفكارهم. ومن الأمور المهّمة أيضاً حصر الأحاديث السلبية، وتفادي الحديث بشكل مطول ودائم في المنزل عن الفيروس لتفادي خلق التوتر الزائد لدى الأطفال. وتنظيم الروتين اليومي للأولاد الذي يؤثر إيجاباً على تصرّفاتهم اليومية. فهم يخافون من المجهول ويحبّون التّنظيم لخلق نهار يشبه النهار اليوميّ في المدرسة. وتنظيم الوجبات الغذائية، وقت اللّعب ووقت الدّرس. ويجب على الأهل تفسير الواقع بطريقة مبسّطة للأولاد ولماذا هم غير قادرين على الذهاب إلى المدرسة ورؤية أصدقائهم من دون أن يشعروهم بالخوف والّتشديد على أنها مرحلة وسنتخطاها. وأخيراً خلق جو مريح وتوطيد العلاقة بين الأولاد والأهل”.

بين الحياة الاجتماعية الحقيقية والحياة خلف الشاشات مشاعر كثيرة ومستقبل طلاب. وبين البشر والفيروس معركة.. ولا بد لنا من أن ننتصر فيها.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً