جاءت العاصفة “هبة” لتخطف ما تبقى من أنفاس لدى المواطن، من البديهي ان تجلب العواصف الخيرات لكن هذا العام لم يعد هناك خيرات وباتت الأزمات تلاحق المواطن كخياله الذي لا يفارقه الا عند ظهور الظلام.
لم يكن يتخيل اللبناني أنه سيكره الثلج لكن في ظل الأوضاع المتردية التي نعيشها، أصبحت الثلوج لا تريح القلب بل تزيد من التوتر والقلق عند العائلات، نظرا لكل الاحتياجات المترتبة خلال البقاء في المنازل.
أهالي بيروت وجوارها طبعا يعانون من البرد والأمطار لكن الحالة الأصعب ترتبط بسكان المناطق الجبلية حيث يحتاجون إلى الكثير من المواد الغذائية والمحروقات للتغلب على البرد القارس. ناهيك عن توقف الانترنت وغياب الكهرباء.
فماذا فعلت “هبة” بأهالي بعلبك الهرمل؟ وهل التهافت لشراء السلع والضروريات كان كبيرا قبل وصول العاصفة؟ وهل اختلفت عن العواصف السابقة؟
نسبة المبيع إرتفعت!
لفت محمد صاحب سوبرماركت في منطقة بعلبك إلى ان “نسبة المبيع كانت مرتفعة جدا البارحة خاصة على المواد الغذائية. وبرزت الحاجة إلى المعلبات والنقرشات على مختلف أنواعهما، والملفت عدم إهتمام الناس بالأسعار والاكتفاء بتموين المنزل بالسلع الغذائية التي تكفيهم لعشرة أيام من دون الاضطرار إلى مغادرة المنزل. ناهيك ان نسبة الأرباح كانت مرتفعة أيضا نتيجة الخوف من العاصفة”.
مصطفى صاحب محل لبيع اللحوم البيضاء قال: “اللبناني بشكل عام والبعلبكي بشكل خاص يخاف من العواصف نتيجه حبه للطعام. يمكننا الجلوس داخل المنازل لفترات طويلة لكن الأهم توفير كل المستلزمات، ومن الجيد تزامن العاصفة هبة مع انخفاض أسعار اللحوم وخاصة الدجاج وهذا ساعد المواطن على شراء كل ما يحتاجه والكميات التي يراها مناسبة لمدخوله ولمصاريفه”.
أما صاحب محل للخضار والفاكهة فاعتبر ان “كل ما يحكى عن أزمات وإنهيارات في البلد عار عن الصحة خاصة في منطقة بعلبك، حيث تجاوزت نسبة المبيع البارحة 80٪ والتهافت على شراء الخضار والفاكهة كان كبيرا، لكن من الضروري الإشارة الى ان المواطن الذي تمكن من شراء كل هذه الأصناف محدد ضمن فئة واحدة. نعرف زبائننا جيدا وهؤلاء هم نفسهم الذين يشترون دائما كميات كبيرة من الخضار والفاكهة. أما الفئة المتوسطة فكانت الحاجة لديهم مقتصرة على شراء البطاطا والفاصوليا”.
المواطنون: الأولوية تبقى للمأكولات والتدفئة!
وأشار علي إلى ان”عادة تخزين المأكولات والمواد الغذائية منذ القدم قائمة، خاصة خلال الشتاء والعواصف الثلجية لأننا نخاف من عدم قدرتنا على مغادرة المنزل لذلك نؤمن كل ما نحتاجه لغاية إنتهاء موعد العاصفة. طبعا الأوضاع هذا العام اختلفت كثيرا لكن في كل منزل بقاعي يوجد مبالغ محددة نتركها لهذه الأيام والحمد لله أنها أتت في وقتها المناسب”.
وأضاف علي: “أسرعت إلى شراء كل ما يلزم من السوبرماركت منذ الإثنين تحسبا لأي منخفض جوي، إضافة إلى تزويد المنزل بكل ما نحتاجه من خبز وكعك وغيرهما من الأصناف. وكنا سنشهد عودة للطوابير البارحة لولا تدارك المخابز الأمر وتزويد محلاتهم بكميات اكبر من المعتادة”.
بالنسبة لبشار “على الرغم من كل الإنهيارات المهيمنة، الا أنه لا يمكننا تكذيب الإعلام عندما يتحدثون عن العواصف الثلجية، أجل دائما نشهد تهويلا إضافيا لكن مع العاصفة هبة كانت الأمور خارجة عن السيطرة وأتت قاسية”.
وأضاف بشار: “مشهد التهافت على الشراء كان غريبا من نوعه وعادت بنا الذاكرة إلى السنوات السابقة، وكانت حركة الإقبال على محطات الوقود كبيرة جدا والمواطن يحمل بيده براميل كي يملأها من مادة المازوت”.
وختم: “ربما هذا الشتاء لم يكن قارسا لكن يبدو أن الأيام الأخيرة من كانون الثاني غيرت في المعادلة كثيرا ويبقى الأهم أن يتمكن المواطن من تلبية حاجاته الضرورية والأساسية، والإيجابي في هذه العاصفة أنها أتت عند الإنخفاض التدريجي لسعر صرف الدولار. وهذا ساعد المواطن أكثر في عملية تأمين قوته اليومي وتدفئته”.
على الرغم من كل ما يعيشه المواطن من أزمات وأوضاع سيئة لكن يبقى للضرورة أحكام، ومن الضروري تأمين كل المستلزمات أثناء العواصف، وتبقى الجملة الأنسب “الله يساعد المحتاج”.