بالتفاصيل… قصّة الحصان “المتجمّد” في عكار!

إسراء ديب
إسراء ديب

فوجئ الكثير من المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي بصورة انتشرت سريعًا بين الصفحات والمواقع الإخبارية، تعود لحصان يتجمّد من البرد القارس في سهول القمّوعة العكارية، مما أثار غضبهم ودفع الكثير منهم إلى التساؤل عن السبب الذي يدفع هذا الحصان إلى تحمّل كلّ هذه الثلوج والبرودة المحيطة به وهو ما زال على قيد الحياة.

إنّ الحصان الذي يُعاني من إصابة في ساقه بعد حادث سير تعرّض له خلال فصل الصيف الماضي، كانت السبب الرئيسي في عجزه عن التحرّك بشكلٍ طبيعيّ، أهمله أصحابه في الخارج وغيره من الأحصنة أيضًا التي يتمّ استغلالها خدمة لغايات سياحية صيفًا، وتترك لمصيرها شتاء، أمّا هذا الحصان فقد نقله بعض الشبان بالتعاون مع شرطة بلدية فنيدق إلى مكان آخر، لكن يُمكن القول أنّ هذا الحصان كما غيره من الأحصنة في البلدة باتت تُواجه الخطر عينه بسبب تصرّفات وأفكار البعض من أصحابها، التي تدفعهم إلى استغلال هذه الثروة الحيوانية لأهداف مادية بعيدًا عن ضرورة الاعتناء بها بإنسانية ووعي.

الوعي غائب…

في الواقع، إنّ تدخل السلطات بمعنييها ضروري للحدّ من هذه التجاوزات بحقّ الحيوانات، لكن الحلّ الحقيقي هو بتدخلٍ يُعاقب أصحاب الحيوانات ويردعهم عن التعدّي الذي يكمن في مشاهد غير مألوفة وتصرفات غير اعتيادية لأفراد اعتادوا على التعامل بجهل وتخلّف.

من هنا، يقول رئيس دائرة الخيل في وزارة الزراعة الدكتور محمّد سكرية لـ”لبنان الكبير”: “تعدّيات عدّة نواجهها في لبنان مع الكثير من المآسي والإجرام بحقّ الحيوان والإنسان أيضًا، سببها الأساسي التخلف وتراجع الوعي الذي يدفع البعض إلى قتل الحيوانات البرية المهمّة كثيرًا في التوازن البيئي، أو التفكير بقتل الحصان عند إصابته مثلًا وهذا ما كان يُرافق هذا الحصان الذي علمت من خلال تاريخه الصحيّ أنّه تعرّض منذ أشهر لحادث سير كان من المفترض حينها إدخاله إلى غرفة عمليات متخصّصة وهي غير موجودة في لبنان وأصحاب الأحصنة لا يدفعون ثمن العلاج الباهظ هذا، لكن كان بالإمكان تفادي إعاقته الدائمة التي يُعاني منها بعد القيام بتخدير عظامه وجبرها كيّ يربى العظم بشكلٍ صحيّ، وهذا ما لم يحدث وهو يتقبّل إصابته، أمّا عن موضوع قتل الأحصنة فقد يحصل في مباريات سباق عالمية وتندرج تحت اسم القتل الرحيم…”.

وإذْ يرفض سكرية كلمة “متجمّد” لأنّه يُشير إلى موت الحصان حتمًا، يُؤكّد تواصله مع رئيس بلدية فنيدق الشيخ سميح عبد الحيّ الذي كان إيجابيًا وساهم في فتح الطرقات للوصول إلى الحصان، “وتابعنا كلّ المستجدّات وكنّا وما زلنا نهتم بوضع الحصان في مكان دافئ وآمن، لكن في حال لم تتمكّن البلدية من الاهتمام به بشكلٍ كاف، يُمكننا أن نعطيه لإحدى المزارع للاعتناء به…”.

من جهته، تابع الدكتور الجامعي محمّد علي هذا الموضوع أيضًا، وذلك بعد تواصل وزير البيئة ناصر ياسين معه من خلال إرساله الصورة له طالبًا منه متابعة التفاصيل. ويقول لـ “لبنان الكبير”: “إنّ وضع الحصان الصحي بات جيّدًا وساقه مكسورة، أمّا عن أصحاب الأحصنة فقد كنّا تحدّثنا معهم منذ زمن ليهتمّوا، لكن لا يتجاوب معنا أحد، حتّى أنّ أصحاب الحصان كانوا يُريدون بدلًا ماليًا قبل أخذه مثلًا، الأمر الذي يعني أنّ البعض يستغل الحيوان مادّيًا حتّى آخر لحظة بعيدًا عن الإنسانية”.

وعن مصير الحصان، يُضيف: “نقل الحصان إلى منزلٍ مهجور يبقى أفضل من بقائه في الخارج، وكنّا نعاني من صعوبة في الوصول إليه ونقله بسبب الثلوج، كما يوجد احتمال لنقله إلى مزرعة لأحد الأشخاص، وحاليًا يتمّ الاعتناء به من خلال زيارته وقيام المهندس الزراعي محمّد إبراهيم من خلال محل الأعلاف الذي يملكه بتقديم الطعام إليه على حسابه الخاصّ ونقله عبر شرطة البلدية كلّ يومين أو ثلاثة، وذلك لعدم ثقتنا بأصحاب الحصان الذين قد يأخذوه لإطعام الأبقار مثلًا…”.

يُمكن القول، أنّ البعض قد يرى في إثارة تفاصيل هذه الحادثة مبالغة إعلامية، ولا سيما في وقتٍ تشتعل فيه البلاد بأزمات مالية وسياسية ضخمة، لكن في الواقع إنّ الحيوان بات ضحية لا يُدرك بعض المواطنين قيمتها وضرورة استمرارها في نظام حياتنا، مهما كان نوعها أو قيمتها.

شارك المقال