بكى على الحريري بعد عزوفه: بتنا أيتامًا في غيابك!

إسراء ديب
إسراء ديب

لم يتمالك المواطن أحمد ناظم أحمد نفسه عند سماعه خطاب رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، إذ خانته دموعه بعد رؤيته دموع الحريري عند إعلانه العزوف عن المشاركة سياسيًا وانتخابيًا في هذه البلاد التي غادرها مسرعًا، أمّا العم الستينيّ فلم يتمكّن من التحمّل، إذ شعر بغصّة كبيرة تُشبه الغصّة الصعبة التي شعر بها عند اغتيال رئيس الحكومة السابق الشهيد رفيق الحريري.

إنّ هذا الرجل العكّاريّ (من القرنة العكارية) والذي يعيش منذ أكثر من 20 عامًا في البداوي – طرابلس، يرفع يديه داعيًا الله أنْ يحفظ الحريري أينما كان، انتشرت صورته التي نشرها نجله محمّد عبر “تويتر” بسرعة البرق، وهو يلفت فيها إلى دموع والديْه التي ذرفها أثناء إلقاء الحريري لكلمته من بيْت الوسط، ممّا أثار حزن البعض بعد رؤيتهم هذه الصورة، كما حماسة آخرين لمعرفة حجم محبّة هذا الإنسان لزعيم “المستقبل”، وهي محبّة بدت واضحة بكلّ ثقة لسياسة ونهج رفيق الحريري وتقديره الكبير لابنه سعد الذي “كان قد تسلّم مهمّة قاسية وصعبة بعد عملية الاغتيال، والذي ملأ مكانه ومنصبه بأخلاق، وهيبة لم تُخلق عند سياسيّ سنيّ آخر”.

في لقاءٍ مع “لبنان الكبير”، يرى أحمد أنّ الحريري كان وما زال من أفضل السياسيين وأنّ بكاءه عليه “لا يُعبّر عن عواطفنا ومحبّتنا الكبيرة له”.

ويقول: “فقدنا بكلّ أسى الرئيس رفيق الحريري، أمّا سعد فكان (آدميًا) بين أناس خارجين من الحرب ومع غابة من الذي لوّثوا أيديهم بالدّم، أمّا هو فقد كان يُعطي أكثر بكثير ممّا يأخذ وهم أخذوا الأخضر واليابس، وهذا ما دفعني إلى البكاء كثيرًا على شخص لا نحلم بمثله ومن المستحيل أن يأتي أحد مثله، فنحن بتنا أيتامًا في غيابه وكأنّه أحد أفراد عائلتنا وأهلنا، فلا أحد يملأ الفراغ الذي تركه، ولا أحد يُملي عيوننا سواه، فجميعهم يتحدّثون ولا يُنفذون، أمّا الحريري فالشمس طالعة والنّاس قاشعة”.

ويُضيف: “لم أتّبع زعيمًا قطّ على الرّغم من معرفتي الكبيرة بالكثير من السياسيين، لكن الحريري كان أمل لبنان، وعلى الرّغم من قيامه بإطعام الجميع والإحسان إليهم أكلوه ونكروه مسرعين كما قاموا بعضّ اليدّ التي مدّت لهم بسلام بكلّ إجحاف وهو سيبقى الرئيس الأقرب إلينا، وسنتمسّك به دائمًا لأنّه كان يُريد تنفيذ مشاريع في عكار وطرابلس لكن لا أحد يستحقّه في بلاد ساد فيها الفساد”.

وإذْ يعتبر أنّ الحريري يمتلك هالة وكاريزما مميّزة، يُشدّد على أنّ مركزه كامل بأخلاقه وإحسانه اللذين “اكتشفتهما من خلال لقائه مرّات عدّة، لكنّه كزعيم سنيّ “فقد فرض نفسه، لا الطائفة السنية من جاءت إليه لتُعطيه هذه الهالة، بل هو من يمتلك هذه الهيبة، وبالتالي لا يُمكننا التخلي عنه أخلاقيًا ودينيًا…”.

أمّا زوجته نعيمة الرافعي فلم تتوقّف عن البكاء بعد هذا الحدث الذي تراه بأنّه مؤسف وقاهر. وتقول لـ “لبنان الكبير”: “نحبّ لبنان ونحبّ مصلحة بلادنا، لكن ما حصل مع الحريري، دفعني إلى التفكير بمستقبل أولادنا ومصير بلادنا بوضوح”.

وتُضيف: “بتنا نعيش في غابة، فالحريري لم يسرق قط، ونريد تأسيس البلاد لكن كلّ يُريد السرقة ومصلحته، فعلى أيّام الحريري لم تصل ربطة الخبز إلى 10 آلاف… كذلك رفيق الحريري منع الدمّ بالبلاد ورأينا العز في وقتٍ نشر البعض فيه فلسفة الدم، لكن أحرقوا سعد بعد وصوله إلى السلطة بكلّ أسف، لكن لا قبل ولا بعد سعد الحريري الذي رفع اسم لبنان عاليًا وهو مهدّد بالقتل، فعليًا الواقع مخز بعد ذهاب الأمان عند مغادرة الرفيق والسعد”.

وتُبدي حزنها بعد المرحلة التي وصل إليها لبنان، معتبرة أنّ الحريري كان قد قدم الكثير من التنازلات، لكنّهم “لا يُريدون بناء لبنان، ولا رجال دولة في ظلّ وجود أناسٍ يُريدون الكرسي فقط، وبالتالي مهما تحدّثنا عن قيمة الرئيس سعد فنبقى مقصّرين بحقّه…”.

شارك المقال