بعلبك محرومة من التدفئة… والمازوت رشوة إنتخابية!

آية المصري
آية المصري

لا يكفي المنخفض الجوي الذي يضرب لبنان وتدني درجات الحرارة، حتى أتت أزمة جديدة تطرق أبواب الشعب وتقول لهم أنتم ممنوعون من التدفئة. أجل، منطقة بعلبك – الهرمل وجوارها تعاني من انقطاع المازوت، وفي عز الأزمة أغلقت محطات الوقود أبوابها في وجه المواطن البعلبكي من دون تقديم أي تبرير. ولكن في الوقت عينه هناك العديد من هذه المحطات المالكة للمازوت والمحتكرة له بهدف بيعه في السوق السوداء، وقد نجحت في ذلك لأن المواطن لا يمكنه التغاضي عن تدفئة ذويه خلال العواصف الثلجية والبرد القارس.

وفي المقابل، نرى توافر المازوت اللبناني لا الايراني لعناصر “حزب الله” وجمهوره، فيما يحرم منه من لا يتبع هذا الحزب أو يؤيده، وبالتالي لا يمكنك تدفئة منزلك إلا في حالة العودة الى انتخاب مرشحيه مجددا في الانتخابات النيابية المقبلة.

في السابق، كنا نرى من يطرق الباب ويأخد المعلومات الشخصية عن الأسرة بأكملها، وما زلنا نراها حتى يومنا هذا، لكنها كانت مقابل مبلغ مالي معيّن واليوم باتت مقابل المازوت، أي أن تمارس حقك في التصويت ولكن لجهات ومرشحين محددين. وبات التقسيم مناطقيا وبشكل واضح وعلني وكل حزب يخصص رشوته الإنتخابية لطائفته الكريمة. فما الذي حدث في بعلبك؟ ولماذا المازوت غائب عن المواطن البعلبكي؟ وما رأي سكان المنطقة بهذه الأزمة الجديدة؟.

البراكس: أزمة مازوت على مستوى البلد

أكد عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات جورج البراكس لموقع “لبنان الكبير” أن “أزمة فقدان المازوت لم تعد مقتصرة على منطقة معينة أو على بعلبك بشكل خاص، انما هي أزمة على مستوى البلد عموما، إذ باتت لدينا أزمة كبيرة لأن هناك شركات عديدة لا تملك المازوت وبواخرها لم تصل الى لبنان بعد، والشركات التي استطاعت بواخرها الوصول ما زالت عالقة في البحر وغير قادرة على العبور نتيجة الأمواج والمنخفض الجوي الاخير الذي شهدناه. وفي الوقت عينه توقفت منذ ثلاثة أسابيع منشآت النفط عن تسليم المازوت في السوق المحلية وهذه تشكل ما بين 30 الى 35% من السوق، مما ساهم في تشكيل ضغط على الشركات الخاصة غير الجاهزة وغير القادرة على مواجهة هذا التوقف نتيجة انتهاء مخزونها”.

أضاف البراكس: “هناك بواخر جديدة وصلت وتمكنت من تفريغ حمولتها في بعض الشركات، وهناك ايضا بواخر ستدخل خلال الساعات الـ48 المقبلة للتفريغ، إضافة الى أن منشآت النفط تزودت بالمحروقات وحتى نهاية الأسبوع المقبل كحد أقصى ستتمكن من إتمام عملية التسليم للسوق المحلية. وسنشهد حتى نهاية الأسبوع حلحلة في أزمة المازوت هذه”.

المواطنون: نكاد نموت من البرد!

وفي هذا السياق، قال المواطن حسن: “كانت المرحلة الأصعب خلال العاصفة الثلجية الأخيرة، قصدت معظم محطات الوقود لتزويد المنزل بالمازوت وفوجئت بتمنعها عن البيع من دون أن أفهم السبب، مما أجبرني على شراء المازوت من محطات تبيعه بأكثر من السعر المتعارف عليه. التجار وأصحاب المحطات والمسؤولون لا ضمير لهم يغتنمون الفرصة لزيادة أموالهم وأرباحهم. وللأسف لست مدرجا تحت عباءة حزب معين ولا تابعا لأي منهم، لهذا السبب لم أحصل على مازوت كما حصل غيري من أهالي المنطقة”.

أما يحيى فاعتبر أن “الأوضاع لم تعد تحتمل نتيجة كثرة الأزمات المتلاحقة. كدنا نموت من البرد نتيجة عدم رغبة المحطات في بيعنا المازوت، وما زالت غالبيتها ترفض ذلك حتى اليوم. نشتري المازوت من السوق السوداء مثل البنزين في السابق، وبات كل شيء في هذا البلد سيئا وبتنا نشتهي الموت أو الهجرة لأننا أزماتنا لا تنتهي ولا أحد يساعدنا”.

أضاف: “أين الدولة والجهات المعنية؟ لا أعلم. جاري يصله المازوت بالبراميل لغاية عتبة منزله لأنه يؤيد حزبا معينا وأنا أشتري يوميا بالغالون فأين العدالة؟ صحيح لا توجد عدالة في الأرض ولكن أين العدالة السماوية؟ لماذا لا تظهر وتقتل هذه السلطة الفاسدة؟ باتوا يقتلوننا يوميا بأزماتنا كي نلجأ الى مساعدتهم مقابل صوتنا الانتخابي. لن أنتخب أحدا حتى لو مت انا وعائلتي من الجوع”.

من الواضح أن هذا الشعب لم يعد من السهل إستغباؤه، وبات يستطيع التمييز بين من يريد مصلحته ومصلحة لبنان أولا ومن لا يريدها. إنها أزمة ربما تكون موقتة لكنها صعبة وخصوصا في المناطق الجبلية نتيجة سوء الأحوال الجوية، وبات المواطن يفضل غياب العواصف كي لا يطلب المال والمساعدة من أحزاب “مصاصي الدماء”.

شارك المقال