سوق الأحد والبركة في طرابلس

إسراء ديب
إسراء ديب

فوجئ عمّار عبد الجبّار بوجود سوق لبيع البضائع المستعملة أو الرخيصة في مدينة طرابلس، ولم يكن يُدرك أنّ في طرابلس سوقًا يكتسب أهمّية لافتة وشعبية كبيرة لدى الطبقات الفقيرة ويكون بهذا الحجم والقوّة. فعمّار القادم من بغداد للسياحة ولزيارة أصدقائه في لبنان، يعمد كلّ أحد إلى زيارة سوق الأحد الطرابلسيّ والذي يُعرف بسوق الجمعة في بغداد العاصمة العراقية.

يجد عمّار متعة كبيرة في هذا السوق، الذي يراه أنّه كنز مهمّ وداعم كبير للطبقات الفقيرة، ويقول لـ” لبنان الكبير”:” في بغداد يوجد سوق يُشبهه ويُطلق عليه سوق الجمعة، ولكنّه يستقطب فقراء بغداد فحسب، لا كلّ الفئات أو الجنسيات التي نراها موجودة في سوق الأحد الطرابلسي، وهي ميزة كبيرة لا مثيل لها”.

 وفي الواقع، نجح سوق الأحد الذي يُؤمّن بضائع بأسعار منخفضة جدًا، في استقطاب وجذب الطبقات الفقيرة، وازدادت أهمّيته والإقبال عليه مع تزايد عدد اللاجئين السوريين إلى لبنان، فهذا السوق الذي يعرض فيه البائعون بضائعهم على بسطة أو على الأرض، يلقى رواجًا كبيرًا ونجاحًا بين الناس، على الرّغم من ظهور أسواق مختلفة في المدينة، ولكن ما يُميّز هذه البقعة الواسعة والموجودة إلى جانب نهر أبو علي أنّها لم تتأثر ولم تتراجع كما لم تستسلم على الرّغم من كلّ الظروف، بل بقيت متنفسًا للفقراء الذين يُقبلون عليها من كلّ المحافظات لا سيما الشمالية منها”.

من بيع الثياب، الجوارب، قطع غيار للسيارات، أثاث المنازل وتجهيزاتها المختلفة، بعض الأجهزة الكهربائية، بعض الأدوية والمستحضرات، وحتّى بعض الحيوانات الأليفة والطيور، يستمرّ هذا السوق في توفير كلّ ما يُريده المشترون، ووفق ما قال أحد البائعين لـ” لبنان الكبير”: “لو طلب لبن العصفور سوف يجده، فهو سوق واسع وفيه الكثير من المنتجات النادرة، أو الرخيصة والتي لن يجدها الزبون في أيّ مكان، وإن وجدها فسيكون سعرها مرتفعًا جدًا، أمّا هنا فالأسعار تُفاجئ أيّ زائر، فمثلًا أسعار الثياب رخيصة جدًا وهي قابلة للتفاوض حتّى، ويصل سعرها كحدّ أقصى إلى 50 ألف وقد نتشاجر مع الزبون لأنّه قد يرى أنّ هذا السعر غير مقبول ومرتفع جدًا”.

بدوره، يرى رئيس لجنة سوق الأحد علي السلو وهو مسؤول عن تنظيم السوق، أنّه “لا مثيل لهذا السوق في مكان آخر، وهو سوق يحتضن الفقراء أينما وجدوا، فأيّ منتج في لبنان يصل سعره إلى 5 آلاف ليرة أو 10 آلاف كحدّ أقصى الآن؟”. ويقول: “مع تراجع القدرة الشرائية وارتفاع الأسعار، ازدادت أهمّية هذا السوق فهو لا يموت أو يتراجع، بل يزداد ازدهاره، مع العلم أنّ عدد البضائع تراجع مع تراجع عدد البسطات”.

من جهته، يُؤكّد زكريا رجب وهو بائع أثاث في السوق، أنّ السوق  يشهد تراجعًا ولكنّه غير ملموس، ففي السابق ” كنت أعرض كلّ أثاث المنزل من أسّرة، غرف سفرة، صالونات… ولكن في ظلّ الأزمة الخانقة التي يُواجهها لبنان عمومًا، وطرابلس خصوصًا بتنا نكتفي بوضع الخزانات الخشبية فقط لا غير، ولكن هذا لا يمنع إقبال الكثير من الناس الذي يشترون منها ويحرصون على طلب بضائع إضافية”.

ويصطحب أبو محمّد وهو لاجئ سوريّ إلى لبنان، أولاده الاثنين إلى السوق، إذ يجد فيه الكثير من قطع غيار السيارات أو أيّ قطعة مفقودة وبسعر غير موجود خارجه، مؤكّدَا أنّ أكثر البضائع التي يُفتش عنها الناس هنا لها علاقة بالسيارات.

أمّا أحمد من المنية، فوجدناه يبحث بين البضائع عن قطع غيار مرتبطة بالصرف الصحي، مؤكّدًا أنّه غالبًا ما تكون البضاعة التي اشتراها ذات جودة عالية وتُشبه تلك الموجودة في الأسواق الأخرى أو المتخصّصة… ويقول:” اشتريت منذ قليل

“خلاط مغطس” بـ 100 ألف ليرة فقط وأنا واثق من جودته بعد خبرة طويلة في التسوّق هنا”.

وتحرص زكية وهي مواطنة من التبانة، على زبارة سوق الأحد معتبرة أنّه مكان مقصود للشراء والتنزه، ومؤكّدة أنّها تُحبّ التنزه في داخله والانتقال بين عرباته

“أشعر بوجود البركة هنا، وهو شعور بات مفقودًا في الكثير من المرافق والمجالات، ولأنّ هذا السوق قريب جدًا من منزلي، فلا أمانع من التجوّل بين الناس والبائعين أبدًا”.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً