فصح الميناء… فرحة العيد بحدود كورونا

إسراء ديب
إسراء ديب

في عام كان “الأشد ضيقًا” على كلّ اللبنانيين من دون استثناء، يبحث الكثير من الناس عن قليل من الفرح في الأعياد، في أجواء يسودها الكثير من الحزن.

تُحاول مايا عبثًا الحفاظ على بهجة عيد الفصح مع ولديها، فبعد مرور “أحد الشعانين” من دون أيّ مظاهر احتفال، اشترت مؤخرًا بعض البيض من أجل تزيينه علّها تتمكّن من الاندماج في أجواء هذا العيد.

 تعيش مايا في حيّ مار الياس في الميناء، ويحلّ العيد عليها هذا العام من دون شراء ملابس جديدة، أو زينة العيد، أو حتّى حلويات، فهي مثلها مثل الكثير من الناس الذين حرموا من فرحة هذا العيد. ولكن على الرّغم من الأزمات الاقتصادية التي اشتدّت بشكلٍ كبير مؤخرًا، تُبدي مايا فرحتها بالعيد، معتبرة أنّه “أفضل بكثير من العام الماضي الذي منعهم من حضور قداديس العيد واكتفوا بمتابعتها “لايف”، أمّا هذه السنة فسمحوا بدخول 30 بالمائة من المؤمنين للصلاة والاحتفال”. وتقول: “أجمل ما في هذا العيد، رغبة الناس في مساعدة بعضهم بعضًا، إذ ارتفعت نسبة المساعدات بشكلٍ واضح. ولكن ما ينقصه هو التجمّعات والزيارات العائلية كالسابق، ولكن للأسف لا استقبالات ولا قرب بين الناس هذا العام كما العام الماضي”.

وللعام الثاني على التوالي، يحلّ عيد الفصح على المسيحيين في ظلّ انتشار وباء كورونا، الذي فرض حدودًا كثيرة بين فئات المجتمع كافّة، فلم يعد عيدًا لاستقبال الزائرين والأقارب، ولم تعد هناك بهجة في استقباله، فالفرحة “منقوصة” بسبب التباعد الاجتماعي، فضلًا عن الأوضاع الاقتصادية الصعبة، ولكن يصرّ الكثير منهم الحفاظ على الطقوس، من خلال الحضور إلى الكنيسة والاحتفال، فيما يبتعد آخرون عن الساحة خوفًا من وباء كورونا وذلك وفق ما يقول الأب جوزف عرب.

عرب: الصلاة عبر الشاشات

ويوضح عرب لـ “لبنان الكبير”: “لا نسمح بدخول أيّ شخص بدون كمامة، ونضطر إلى اعتماد التباعد الاجتماعي في الكنيسة، ومن لا يتبع هذه الإجراءات الوقائية لن نسمح له بدخول الكنيسة ونعتذر منه”، منوّهًا إلى “ضرورة تحمّل الوضع الاستثنائي في البلاد.

ويُتابع قائلًا: ” نصلي لتُفرج على الناس جميعًا، فنحن لا نواجه أزمة صحية أو اقتصادية فحسب، بل نحن نواجه ما يُمكن أن يُقال عنه (فوق الموتة عصّة قبر) للأسف، ولكنّ الله موجود وسيُفرجها قريبًا”.

وتعتمد كنيسة مار الياس في الميناء هذا العام، للحفاظ على التباعد أمرين، الأوّل فتح باب الكنيسة لعددٍ محدود من الناس، أمّا الثاني فهو يكمن في فتح باب الملعب خلف الكنيسة ووضع الكراسي والشاشات فيها ليُتابع الناس الصلوات”.

العادات تغيّرت

يعتاد رندلي رطل من الميناء على أداء الصلاة في الكنيسة، ثمّ الالتقاء مع الأهالي والجيران. لكنّه يشير الى مدى تغيّر العادات والتقاليد التي كانت متبعة في السابق، ويقول: ” كانت علاقة الناس ببعضهم البعض متينة جدًا، ولا يفوّت أحد أيّ مناسبة لمساعدة الآخر والوقوف إلى جانبه في العيد وغيره، حتّى كانت الفئة الشابة تهتم بالطقوس الدينية أكثر من الجيل الجديد الذي بات اهتمامه يرتكز على وسائل التواصل الاجتماعي التي أضاعت جيلًا بحاله، فهناك نسبة كبيرة منهم غير مبالية، فنحن منزعجون مثلًا من فيروس كورونا وما فرضته من حدود، ولكن الهواتف وتطبيقاتها لم تسمح لهم بالتفكير في الواقع، بل باتوا في عالم آخر افتراضي تناسوا بسببه الواقع المعاش”.

أمّا كريستيان مطرق، فتعتبر أيضًا أنّ “الوباء أثر كثيرًا على الإقبال على الكنائس أو على التجمّعات، فالمجتمعات باتت تخشى كثيرًا من كلّ شيء”.

بدوره، يرى طوني ب. أنّ الوضع السياسي المتأزم هو من أوصل الناس إلى وضع لا يُحسدون عليه، ويقول: “السياسيون بدءًا من رأس الهرم حتّى أسفله ليسوا أهلًا لتحمّل مسؤولية إدارة البلاد، فالناس تشتكي من وضع اقتصاديّ لم نشهده من قبل، وهم وبكلّ بساطة يكترثون بصغائر الأمور والتي يُريدون إقناعنا بأنّها مهمّة، ونحن حالنا إلى تراجع وتردّ واضحين، كيف يُمكنهم أن يناموا فعليًا وهم في غفلة عن الناس جميعًا؟”.

ويُؤكّد طوني أنّ العيد في الميناء يبقى مختلفًا ومميزًا، “فالناس في الميناء تحبَ بعضها بعضًا وعلى الرّغم من كلّ الصعوبات، نجد هنا محبّة مشتركة قد لا نجدها في أيّ مكان آخر”.

وتشير زوجته جانيت الى أنّ “من تمكّن من شراء محتويات المعمول مثلًا هذا العام، لم يشتر بالكمّية التي كان يعمد على شرائها مسبقًا وذلك لسببين الأوّل أنّ الناس في أزمة اقتصادية معروفة، والسبب الثاني أنّ منع الزيارات لا يُتيح الإكثار من الكمّيات الكبيرة، كما بتنا نعتمد على الأولويات في الشراء وأصبحت حياتنا كلّها تعتمد على اقتصاد دقيق وإن لم نفعل ذلك، فلن نتمكّن من تحمّل الأعباء المختلفة التي نشهدها”.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً