“الحاكورة” المنزلية للاكتفاء الذاتي بالخضار

سماح عاكوم
سماح عاكوم

فرضت الأزمات المتلاحقة التي يعيشها لبنان في الفترة الأخيرة توجهاً أكبر نحو الزراعة، التي لم يسعفها الجهاد ولا زالت تصارع الأزمات، آخرها “رمان الكبتاغون”.

ففي بلدات وقرى إقليم الخروب، حيث كان الأهالي يزرعون ورودهم وأزهارهم تحولوا إلى زراعة الخضار، بحثاً عن الاكتفاء الذاتي في ظل الغلاء الحاصل، حيث قام بعض الأهالي إلى مزارعين “بيتيين”، فقاموا بغرس شتول الخضروات الصيفية في مساحات صغيرة ملحقة بمنازلهم. وعلى الرغم من أن الزراعة في أفنية المنازل هي تقليد ريفي شائع بكثرة وليس وليد ارتفاع الأسعار، إلا أن بعض العائلات ترى في هذا التقليد اليوم عوناً لها للتخفيف من حدة الغلاء خصوصاً خلال شهر رمضان وفي ظل إجراءات الحظر للوقاية من فيروس كورونا.

محاصيل صيفية متنوعة

إختلفت مواعيد زراعة المحاصيل الزراعية في لبنان وتنوعت نسبها لعدة عوامل أهمها موقع لبنان الإستراتيجي ومناخه المعتدل. فتزرع بدءاً من نهاية آذار إلى منتصف شهر أيار، وذلك بعد تحضير التربة، من خلال إزالة الأعشاب وتنقية الأحجار الكبيرة وتسميد التربة. وتشمل هذه المحاصيل البندورة، الباذنجان، الملوخية، الفاصولياء الخضراء، الكوسا، الخيار، اللوبية، الملفوف، الذرة، الخس، القرع، البامية، بالإضافة إلى الزعتر، النعنع، الميرمية.. وهي محاصيل تزرع إما بالشتلات أو بالبذور.

تكلفة الحاكورة

كانت الحاكورة، ولا تزال عند البعض، ملجأً آمناً وبعيداً عن فوضى الأسواق وأزمات البلاد. ومع انهيار الليرة وزيادة أسعار المواد والبذور والأسمدة، ارتفعت كلفة تجهيزها إلا أنها تظل مقبولة نوعاً ما مقارنةً بالغلاء الحاصل، لا سيما وأن هدف الزراعة كان ولا يزال الحصول على غذاء نظيف وآمن.

من خلال حسبة بسيطة وبحسب إحدى المزارعات، فإن كلفة تحضير التربة من فلاحة وعملية “حش” الأعشاب وتسميد لمساحة متوسطة في قرى الأقليم لا تتعدى الـ 200 ألف ليرة، وذلك إذا قمنا بالاستعانة بيدٍ عاملة، فتسعيرة عملية “الحش” تقارب 25 ألف ليرة بالساعة الواحدة و40 ألف ليرة لساعة الفلاحة على أن تكون فلاحة سطحية وأقلّ عمقًا من فلاحتي الخريف والربيع بهدف الحفاظ على رطوبة التربة لأطول فترة ممكنة، من خلال تنعيمها وتسويتها والقضاء على الأعشاب البريّة. فيما يباع كيس السماد الطبيعي بعشرة الآف ليرة.

وبالنسبة لبذور الخضار فهي تباع بالغرام بسعر يتراوح بين الألفين والأربعة الاف ليرة لبنانية حسب النوع، أما الشتلة الواحدة فيتراوح سعرها بين ألف ليرة وألف وخمسمائة ليرة لبنانية.

إذا تبلغ مجموعة هذه العميلة كحد اقصي حوالي 400 ألف ليرة، أي أنها لا تتعدى تكلفة صحن الفتوش لعائلة مؤلفة من خمسة أفراد ما يقارب الـ 555 ألف ليرة خلال شهر كامل بحسب ما ورد في دراسة “مؤشر الفتوش” التي أجراها باحثو مرصد الأزمة في الجامعة الأميركية.

بعد الحاكورة الصيفية، يأتي دور الشتوية منها على أمل أن تتحسن الأوضاع وتتلاشى الأزمات ويظل صحن الفتوش على الموائد في كل الفصول.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً