فصح أرمني في مخيم البص

لبنان الكبير

عند ركن منزل عائلة أطاميان العائلة الأرمنية الوحيدة التي بقيت في مخيم البص شجرة توت كبيرة صامدة تروي حكاية الهجرة، وقصة الآباء الذين زرعوا أشجار التوت التي تثمر في مثل هذه الأيام لتذكر بتاريخ لا يمضي، “لعائلات بلغ عددها قرابة الألف سكنوا منطقة البص لأكثر من ستين عاماً، فيما سكن في مخيم الرشيدية قرابة

الــ٥٠٠ منهم وذلك ما بين ١٩١٥ و١٩٧٥، كما قال لنا مختار المحلة محمد سعيد دقور.

احتفل أفراد عائلة أطاميان المؤلفة من ثلاثة أشخاص، بعد أن فقدوا كبيرهم العام الماضي، بعيد الفصح وحدهم، فالعائلة التي تقيم في منزلها الواقع عند الطرف الشمالي للمخيم، تعيش على ذكريات لا تنسى، ولم يكن لها في هذا العيد من يشاركها فرحه، فالكنيسة مقفلة، وكورونا تمنع التواصل الاجتماعي.

بحسب عدد من أبناء المخيم، فإنه لم يكن يفصل بين أرمن البص وأرمن الرشيدية، سوى امتداد رملي على طول الشاطئ وامتداد حرجي من أشجار الجميز وحقول القمح والحبوب، قبل زراعتها بالبرتقال والحمضيات بعد النكبة.

وقد غادرت العائلات الأرمنية مخيمي البص والرشيدية في هجرة شبه جماعية إلى منطقتي برج حمود وعنجر، “حيث لم يبق إلا هذه العائلة في البص وعائلة أخرى تقيم في المدينة الصناعية”، كما يشير الأهالي.

في عودة إلى الوراء يتبين أن الحكومة الفرنسية كانت قد قامت في الأساس ببناء مخيم البص الفلسطيني في عام 1939 من أجل اللاجئين الأرمن. وحضر الفلسطينيون لاحقاً إليه من منطقة عكا في الجليل في عقد الخمسينيات حيث تم ترحيل الأرمن إلى منطقة أنجا، وقد عرف مخيم البص بأنه مخيم شجرة التوت، التي زرعها الأرمن في المخيم، وكان أن امتلكت العائلات منازل صغيرة عبارة عن غرفة ومطبخ وحمام لكل أسرة أرمنية تهجرت، في أواخر الثلاثينيات، وبإيعاز من الجمعية الخيرية العمومية الأرمنية، اشترى العديد من اللاجئين الأرمن لاحقاً قطع أرض دفعوا ثمنها في بنك سوريا ولبنان، إلا أنهم لم يحصلوا على صكوك ملكيّة.

ولفت المختار دقور إلى أن “لوائح الشطب للانتخابات تشير إلى أن الكثيرين منهم هم من المواليد ما بين عامي ١٩٢٠ و١٩٢٥ وأن نسبة مشاركتهم في الانتخابات متدنية جداً جداً”. وقال: “إن الأرمن الذين أقاموا في هذه المنطقة شكلوا مجتمعاً زراعياً بامتياز، فاستثمروا في أرض الجف تلك في رأس العين كما في الشواكير، وكانوا أول من أدخل زراعة شجرة التوت التي لا تزال تظلل منازل البص في الربيع والصيف حتى يومنا هذا”.

وتحدث عدد من أبناء البص عن أن “الأرمن الذين أقاموا فيه قبلهم، برعوا في الصناعات الدقيقة لا سيما منها اليدوية وتصليح الساعات وكانوا أول من أدخل المخرطة إلى منطقة صور”.

وتعترف مصادر عائلة أطاميان بأن “أفرادها ترعرعوا في بيئة حاضنة لم يشعروا فيها بأي تمييز، حيث يحتضن أهالي المخيم العائلة وعدداً من العائلات المسيحية الأخرى التي لا تزال تقيم جنباً إلى جنب مع الفلسطينيين”.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً