الحرمان يُحاصر العكاريين… والعزلة مصيرهم!

إسراء ديب
إسراء ديب

ليست المرّة الأولى التي تُطلق فيها محافظة عكار سلسلة من النداءات والمناشدات لتحصل على أدنى حقوقها الوطنية من المعنيين الذين لا يُعيرونها أيّ اهتمام، إذْ لا مؤشر يوحي بانتماء هذه البقعة الجغرافية إلى هذا البلد مهما بلغت حكايات أهلها من قسوة وغبن، ومهما ارتفعت أصوات المقهورين فيها.

ومنذ أكثر من 10 أيّام، تُحاول ما يقارب 50 بلدة عكارية تأمين التيّار ‏الكهربائي الذي انقطع عنها بعد أعطال ناتجة عن سقوط خطيّ التوتر العالي في عكار وذلك في واقع مأساوي يتكرّر كلّ فترة، ويُمكن التأكيد أنّه خلال هذه الأيّام لم يلمح العكاريون أيّ “بقعة ضوء” تُخفّف من حدّة غضبهم على هذه السلطة الحاكمة باداراتها لا سيما مؤسسة كهرباء لبنان التي أعلنت نقابة العمّال والمستخدمين فيها الاضراب منذ أيّام، ما يعني أنّ محافظة كاملة تنتظر لحظة تعليق الاضراب لتعود الحياة إلى طبيعتها إليها، فضلاً عن انتظارها تحسّن الظروف “المناخية” بحسب ما أشارت مؤسسة الكهرباء في بيانها التوضيحي.

في الواقع، ليست المرّة الأولى التي تُعلن فيها نقابة عمال ومستخدمي مؤسسة كهرباء لبنان الاضراب للمطالبة بحقوقهم، إذ كانوا قد أعلنوا في فترة سابقة الاضراب لمدّة زمنية محدّدة، ولكن بعد إهمال الدولة وزارياً وإدارياً مطالبهم، شعروا بـ “تآمرهم المشكوك فيه على العمال والمستخدمين وذلك لصالح شركات مقدّمي الخدمات”، ما دفعهم إلى إعلان الاضراب والاعتصام داخل مراكز المؤسّسة ودوائرها كافّة، إلى الخامس عشر من هذا الشهر ضمناً، وذلك مع عدم إجراء المناورات على الشّبكة العامة، باستثناء ما يشكّل خطراً على السّلامة العامّة وبالتّنسيق مع النّقابة.

وكانت المؤسسة أشارت في بيان، إلى أنّ “سرقة زوايا التّشبيك الحديديّة العائدة لأبراج التوتّر العالي في محافظة عكار، وتحديداً ضمن خراج بلدتَي ذوق الحبالصة والحسنية، أدّت إلى سقوط برجيّ توتر عال، ما تسبّب تباعاً بانقطاع كليّ للتيار الكهربائي عن المحافظة”. ومع أنّ المواطنين في عكار كانوا قد أعربوا عن غضبهم واستنكارهم لهذه الأزمة التي تعود إلى قيام أفراد بسرقة الأسلاك الكهربائية لمرّات عدّة بلا حسيب أو رقيب، لم تلق النداءات التي أطلقت باستمرار استجابة تضمن لهم حقاً حرموا منه بشكلٍ كامل لأيّام.

العزلة كهربائياً

وأكد العديد من سكّان هذه المحافظة لـ “لبنان الكبير” أنّ “السياسيين في عكار لا يكترثون للعزلة التي بات العكاريون يشعرون بها عن هذه الدّولة التي تُعامل المواطنين باستنسابية كبيرة ولا تُبالي إلّا بمحاصصتها الطائفية، المذهبية والمناطقية، وما يزيد الطين بلّة قيام بعض أصحاب المولدات بتهديد السكان بإطفاء مولّداتهم بعد عجزهم عن تأمين التيّار الكهربائي مع غلاء المازوت وارتفاع الدولار من جديد، إضافة إلى أزمة المياه التي يُواجهها الكثير من النّاس مع حاجتهم إلى التيّار الكهربائي لتأمينها وغياب وسائل التدفئة اللازمة في هذا الطقس البارد”.

ووصف مرجع بلديّ في عكار الوضع بـ “المأساوي”، وقال لـ”لبنان الكبير”: “في بلدتي مثلاً هناك الكثير من الحالات الصحية التي تحتاج إلى كهرباء، وقمنا بالتواصل مع العديد من المراجع السياسية ولكن لا حياة لمن تُنادي، فالمؤسسة لا تقوم بواجباتها وتتحجج بإضرابات وحال طقس وغلاء سعر صرف الدولار في ظلّ تحكم مافيات المولّدات بمصير النّاس، خاصّة مع عدم تسليم أصحاب المحطات مادة المازوت والبنزين وقيام بعضهم بإقفال أبوابهم لفترة ما يرفع من مستوى الأزمة أكثر”.

أمّا عن المعنيين الأمنيين، فأشار إلى أنّ “بعض عناصر القوى الأمنية لا يقوم بواجبه المتمثل بكشف هذه المافيات التي تسرق الأسلاك لتستثمر فيها، بل يقوم بتغطية أفعالها الاجرامية التي تحرمنا من نور الكهرباء التي بالكاد تكفينا لتشغيل غسالة أو حمام لساعة واحدة فقط”.

وبعد التواصل مع مصدر في مؤسسة كهرباء لبنان، أكد لـ”لبنان الكبير” أنّ المؤسسة عاجزة عن تحمّل الأعباء الاقتصادية الناتجة عن السرقات التي تعرف كلّ بلدة هوية من يقوم بها، وتعرف أيضاً أماكن سكنهم. وقال: “المؤسسة لن تترك عكار بلا كهرباء وهي ستبدأ تصليحاتها الأسبوع المقبل كما ذكر البيان، لكن الظروف التي تُواجهها البلاد صعبة للغاية كما أنّها لا تقتصر على عكار، إذْ واجه الكثير من المدن والمناطق هذه الأزمة لكنّها حلت بعد مبادرات ومساعدات لا سيما من المغتربين في كلّ منطقة، إذْ أسهموا في شراء الأسلاك أو مولّدات الكهرباء التي يدفع ثمنها بالدولار، وبالتالي ليس كلّ جرم سيُلقى على عاتق المؤسسة، كما لا بدّ للبلديات من أن تتحمّل مسؤولياتها أمام القاطنين فيها أيضاً”.

شارك المقال