رمضان بعلبك: غائب بالترتيبات وحاضر في النفوس

آية المصري
آية المصري

بدأ شهر الرحمة والمغفرة ولكن بطريقة مختلفة هذا العام، في منطقة بعلبك التي كانت دائماً تستعد لرمضان بأفضل الطرق الممكنة، الا أنها لم تتمكن من إستقباله كما يجب، فالحالة الاقتصادية والمعيشية يرثى لها والأوضاع اختفلت كثيراً لدى الأهالي، وهذا ما أثر سلباً على الحركة التجارية. أزمات لا تنتهي في البلد والأجواء من سيء الى أسوأ، وللأسف رمضان غائب عن المواطن البعلبكي بالترتيبات والاستعدادات لكنه حاضر في نفوس محبيه.

في السابق، كانت البلديات وبعض العائلات الميسورة الحال تنفق مبالغ كبيرة على تزيين الشوارع وإضاءتها بالمصابيح والانارة اللازمة، اضافة الى اللافتات الرمضانية، ولكن اليوم من يقصد هذه الشوراع يجدها فارغة من الزينة وبهجة رمضان. ومن الطبيعي أن يشتري المواطن ما يلزمه من أجل موائد الافطار ولكن ما الذي تغير هذا العام؟ وهل تمكن من تأمين كل ما يحتاج اليه؟

“رمضان حلّ هذا العام والجيوب فارغة من الفريش دولار، والأسعار لم تعد مناسبة لملء الثلاجات”، جملة رددها الكثير من المواطنين، ما يعكس حجم الأسى والحزن لديهم، فالموائد ستفتقد عاداتها وأصنافها المتنوعة، واللحوم بمختلف أنواعها باتت حكراً على الأثرياء، اما حال الطبقة الوسطى والفقيرة فحدث ولا حرج. واذا قصدت السوق القديمة في المدينة فلن تجد صاحب التنور الشهير أبو علي، الذي كان يقوم بصنع خبز رمضان الشهير المتعدد النكهات من السكر، التمر، والسمسم… وبحركاته الخفيفة واللطيفة والرائحة الزكية التي تفوح من تنوره كان يجلب الزبائن. وللأسف اضطر أبو علي الى الاقفال بسبب الغلاء المستشري، فخبزه كان يباع بما يقارب الـ 5 آلاف ليرة وهذا المبلغ لن يمكنه اليوم من تأمين مستلزمات بيته وعائلته.

التوقف في الشوارع التي توصلك الى محل أبو عمر الذي يبيع تشكيلة كبيرة من التمر وقمر الدين والجلاب وعصير التوت، كان صعباً جداً في السابق لكثرة الزبائن التي ترتاده. أما اليوم فباتت الكميات قليلة لديه، ويقول: “كانت الدنيا بألف خير، وهذه الطبقة الفاسدة عادت بنا الى الوراء سنوات، لا أريد الاكثار من المنتجات والأصناف، لأنني لا أعلم الكمية التي ستباع ولا يمكنني ضمان الربح، وفي حال بيع كل الموجود في المحل سأطلب المزيد. المؤسف أنني اعتدت على تزيين المحل خلال هذا الشهر الكريم، ولكن في ظل ما نعيشه أصبحنا عاجزين عن شراء أدوات الزينة الجديدة فالأسعار خيالية ولا قدرة لنا على تأمين الكماليات”.

أما بالنسبة الى العم صالح صاحب محل الأدوات الحرفية، فيعتبر أن من المحزن والمعيب أن يمر رمضان بهذا الشكل، ويقول: “عمري 70 عاماً ولم أتخيل يومياً أن أعيش ما أعيشه اليوم. ولكن الحمدلله قمت بشراء الضروريات منذ ما يقارب العشرة أيام وذلك تحسباً لارتفاع الأسعار، وهذا أمر جيد لأن الفارق في الاسعار زاد حوالي النصف”.

ويشير الى أن “المسلسلات الرمضانية باتت مماثلة لواقعنا المرير ولن أتابع الا ما يعرض تزامناً مع وجود التيار الكهربائي، فالمولدات تطفأ عند الساعة العاشرة والنصف”، معتبراً أن “الأحداث التي نعيشها في الآونة الاخيرة يصعب تصديقها”.

من المؤسف أن يعيش الشعب هذه الفوضى والانهيارات، والمؤسف أكثر أن تمر كل هذه الأزمات على اللبناني المحب للحياة. ومن الواضح أن أجواء البهجة غابت هذا العام في مختلف المناطق اللبنانية، لكن المعروف أن هذا الشهر الفضيل يجلب معه الخير والبركة، فعسى أن يحمل معه نهاية للمشكلات والأزمات المالية والاقتصادية والاجتماعية في وطننا الحبيب.

شارك المقال