البقاعيون يستعدون لرمضان بموائد شبه خالية!

راما الجراح

هلّ هلال شهر رمضان في أسوأ وقت يمر على لبنان واللبنانيين، عسى أن يضيء طريق الخير أمامهم في ظل عتمة قلوبهم المليئة بقهر الفقر، وخوف الحاجة، والتفكير الدائم بالصعوبات المعيشية وبأن الآتي أعظم عليهم من كل الجوانب لأن لا وجود لأي خيط رفيع يُبشر بالسَكينة والأمان.

رمضان هذا العام لا يُشبه السنوات الماضية على الرغم من ظروفها التي كانت صعبة، ولكن ليس بالمستوى الذي تأهلنا إليه مع بداية العام 2022 حتى وصلنا إلى العجز عن شراء مُتمّمات صحن الفتوش ليس أكثر!. وذكرت “الدولية للمعلومات” أن رمضان عادة يواكبه ارتفاع في أسعار السلع الغذائية، لاسيما الخضار اللازمة لتحضير طبق الفتوش” وهو طبق الافطار الأساسي للصائمين. وفي لبنان تبدو الأزمة أكثر حدة من غيرها في دول العالم بفعل الانهيار المالي والاقتصادي الذي يشهده، ففي العام 2020، بلغت كلفة طبق الفتوش لـ 5 أفراد 4,250 ليرة، وارتفع في العام 2021 الى 12,290 ليرة، وبلغ في العام الحالي 50,530 ليرة أي بارتفاع سنوي مقداره 38,240 ليرة ونسبته 311%، أي أن كلفة وجبة الفتوش فقط خلال شهر رمضان تصل إلى 1.5 مليون ليرة وذلك استناداً إلى أسعار المواد والخضار التي تدخل في إعداد هذا الطبق كما هو متوسط الأسعار في أسواق البيع بالمفرق وهي تزيد عن تلك المعتمدة في سوق الجملة بنحو 30% – 40%.

مع الإشارة الى أن أسعار الخضار وهي منتجات محلية ارتفعت بنسبة أعلى من إرتفاع سعر صرف الدولار، فمثلاً سعر الخسة ارتفع من 3000 ليرة إلى 15,000 ألف ليرة، ومن ناحية أخرى فإن وزن طبق الفتوش 1,500 غرام تساوي كلفته 50,530 ليرة، ووجبة الفرد الواحد تكون 300 غرام أي الضعف، ما يعني 100 ألف ليرة لطبق الفتوش للفرد.

من هذا المنطلق، قام “لبنان الكبير” بالاستفسار من عدد من المواطنين في منطقة البقاع عن تحضيرات رمضان التي اعتادوا عليها، والصعوبات التي يواجهونها بشكل عام، وكان هناك إجماع على الغلاء المعيشي الذي يكتوون بناره، فالمائدة ستكون شبه خالية إلى خالية تماماً من أطباق كثيرة عند نسبة كبيرة من المواطنين، والحلويات “نسينا أمرها” بحسب وصفهم لأنها من الكماليات، وأما بالنسبة الى أسعار اللحوم والدجاج وقدرتهم على شرائها فكان جوابهم “لنأمن سعر الخضرا منفكر باللحم”.

وأكد خالد. ج أحد المسؤولين عن تنظيم زينة رمضان في مناطق بقاعية محددة أن “لا زينة جديدة هذا العام، وحاولنا قدر المستطاع استعمال ما تبقى من زينة العام الماضي وهي بسيطة جداً فقط للشعور بشغف المشاركة في التزيين لهذا الشهر الفضيل، ولكن للأسف لم نتلق أي دعم من أي جهة على الرغم من أننا كنا نتوقع عكس ذلك بسبب قُرب الاستحقاق الانتخابي ولهفة المرشحين في هذه الفترة، ولكن هذا لم يحصل”.

وعلى الرغم من كل الصعوبات، تشهد منطقة سهل البقاع مبادرات فردية وحملات جماعية لمساعدة الناس قدر المستطاع من خلال توزيع حصص غذائية بشكل خاص، وتوزيع لحوم على عدد معين من العائلات بعد احصائها، إضافة إلى دعم العائلات الأكثر فقراً بمبالغ مالية بحسب حجم التبرعات. وقال أحد المتطوعين للمساعدة في هذه الحملات: “نقوم كل عام بحملة أو مبادرة مختلفة لمساعدة الآخرين إيماناً منّا بأنه عمل فرض علينا القيام به على أن يكون هذا سرياً نوعاً ما، ولكن لا يخفى على أحد هذا العام أن القدرة المادية والتبرعات أقل بأضعاف من العام الماضي مما سيحُد من عملنا، وندعو الله الفرج”.

وأشار الفلاح أبو أحمد، الذي يملك أكثر من مئة دونم من الأراضي في سهل البقاع الى أن “هناك عدداً كبيراً من محاصيلنا لم يحن موعد حصادها ولا قطافها، فلا القمح متوافر ولا الخضار بغالبيتها جيدة، وقد اضطررنا إلى التقاعس عن الاهتمام بها بسبب غلاء السماد وايجار الفلاحين وآلياتهم، مما ينذر بمحصول لا يشبه ما قبله. ولكن من يملك المال واهتم بمحصوله جيداً ووفر ما يلزم فوضعه جيد جداً وخاصة مع ارتفاع أسعار الخضار في السوق”.

صعوبات معيشية، أسعار خيالية، وتبرعات قليلة، كل هذه المؤشرات تُنذر بزيادة المعاناة لدى الصائمين، عسى أن تحل بركة هذا الشهر ورحمته على العباد والبلاد.

شارك المقال