“الطفلة والكلب” بين رد الفعل وانتهاك حقوق الحيوان!

راما الجراح

كثُرت جرائم القتل في لبنان في الفترة الأخيرة، وأصبحنا نسمع عن أسباب ودوافع غريبة وعجيبة، فاليوم قتل الأخ أخاه في محلة تلة الذهب في مجدليا – قضاء زغرتا، ومنذ ثلاثة أسابيع قتل الحبيب حبيبته وأمها وأختها، وقبل ذلك رمت إحدى الأمهات طفلها المولود حديثا من شرفة الحمام بعدما قامت بقتله بـ”السيفون”، وجرائم كثيرة وردتنا على خدمة الخبر العاجل أو نقلتها وسائل الإعلام عبر نشرات الاخبار.

أما حادثة اليوم فهي من نوع آخر، أُم قتلت كلباً بعد هجومه على ابنتها، واختلفت الآراء بين مؤيد ومعارض للحادثة، حتى حصل جدل كبير عن حقيقة المرأة إذا كانت متزوجة أم لا لوضعها في خانة الفبركة، وقد ضجّت وسائل التواصل الاجتماعي والجميع أدلوا بدلوهم، حتى أن بعض الحقوقيين حاكموا المرأة، وآخرون أيدوا موقفها، ووزير الزراعة عباس الحاج حسن يتابع الموضوع، واختصاصيين نفسيين بدأوا تشخيص الحالة النفسية للأم والطفلة، مما اضطرنا إلى العودة إلى الأهل مباشرة لنعرف حقيقة ما جرى.

تواصل “لبنان الكبير” مع السيدة سلمى الغندور، والدة الطفلة المُصابة، فقالت أن “ابنتي كانت تضع طعاما للكلب أمام المنزل، وهي من النوع الذي يحب الحيوانات كثيرا وبالأخص الكلاب، وكانت تحاول اللعب معه، وفجأة سمعت ابني يصرخ “يا أمي أختي أكلها الكلب”، كانت لحظة مرعبة، أسعفناها بشكل مباشر إلى المستشفى، وتم “تقطيب” جروحها بحوالي ٤٠ غرزة في وجهها وشفتها”.

وأضافت: “عندما حصلت هذه الحادثة، وعلى الرغم من انتشار الصور، ومعرفة الناس بالموضوع، إلا أنه لم يلقَ أي ضجة إعلامية ولم يصبح الموضوع حديث الساعة على السوشل ميديا، وعلى الرغم من ذلك حمدنا الله على عافيتها وأن جروحها لم تكن بليغة لدرجة تهدّد حياتها”.

وتابعت الغندور: “بعدما أسعفناها تواصلت شخصيا مع البلدية ومع عائلات عدة في البلدة حتى يسعوا لإبعاد الكلب عن بيتي من أجل سلامة أولادي، لأنه يبقى في هذه النقطة بسبب وجود ملحمة تقوم بإطعامه دائما، لكن للأسف لم يكن هناك أي تجاوب معي. في المقابل، أنا لم اقصد انتشار الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي للتباهي بالموضوع أبدا، لكني قتلته من أجل ابنتي البالغة من العمر ٥ سنوات والتي أصبح وضعها النفسي سيئا وبالأخص مع الأدوية والابر بسبب داء الكلب وغيره”.

وأردفت: “لم أقرر قتله في البداية، وحاولت اقناع طفلتي بأنه لطيف ولم يكن يقصد إيذاءك وسيذهب لوحده من أمام المنزل لا تقلقي، لكن بعد اسبوعين من الحادثة والكلب لا يزال أمام المنزل وكلما خرجنا ودخلنا ابنتي تصرخ من البكاء، وأصبحت تعاني من الهلوسات والكوابيس بسببه طوال الليل، حتى حرارة جسمها كانت ترتفع عندما تراه، بالإضافة إلى أنها بقيت أكثر من أسبوع لا تستطيع الطعام والشراب إلا بالشليمون”.

وبحسرة أشارت إلى أنه “للأسف عندما وقفت عند خاطر ابنتي وبعدما وجدت أن الجميع غير مبالٍ بوضعنا ولا بحالة ابنتي النفسية، قتلت الكلب، فتعرضت لهجوم شرس من كل رواد التواصل الاجتماعي، والحقوقيين الذين أصبحوا يتكلمون عن حقوق الحيوان وأصبحوا محامي الكلب! لست فرحة بقتل الكلب، لكنني قمتُ بعمل يحمي ابنتي التي ستتدمر نفسيتها أكثر في حال لم يكن هناك أي رد فعل أو أي حل سريع للموضوع”.

وتوجهت في ختام حديثها للأشخاص الذين قالوا بحقها كلاماً معيباً: “حسبي الله ونعم الوكيل فيهم، ابنتي اليوم تعاني وظروفها النفسية سيئة أكثر بسببكم لأنها تقول لي اليوم الناس بحبو الكلب أكتر مني وعم بدافعو عنو”!.

رأت الناشطة في حقوق الحيوان روعة ماضي أنه “يبدو أن السيدة سلمى ليست طبيعية بالقدر الكافي حتى تتجرأ على قتل روح، ولو انها قامت بقتل الكلب لحظة هجومه على ابنتها، ربما قد نقول انها لم تستطِع ضبط نفسها، لكن أن تأتي بعد أكثر من أسبوعين من الحادثة لتقتله، وهو كلب “ختيار”، وبشهادة عدد من أهالي بلدة كامد اللوز هو غير شرس، وموجود منذ سنوات في تلك الساحة، ولو لم تكن هذه المرأة مجرمة لما فعلت ذلك، وللأسف كان واضحاً على ولدهم الذي قام بالتصوير في الفيديو مدى فرحته والدته”.

من جهته اعتبر غندور الغندور، والد الطفلة المتواجد في كولومبيا، أن “ابنتي من النوع الذي تألف اللعب كثيرا مع الحيوانات، حتى عندما كانوا مع والدتهم هنا، ذهبنا سويا إلى جزيرة “سان أندريس” حيث تتواجد أعداد كبيرة من الكلاب، وهنا الدولة تهتم بهم وتقوم بتطعيمهم والاهتمام بهم، وكانت ابنتي تلعب معهم وتقوم بإطعامهم بشكل يومي، أي أنها لا تخاف من الحيوانات، حتى أنه لدينا في منزلنا حوالي ١٠ قطط، وبسبب ذلك اعتقدت ابنتي أن جميع الكلاب في كل البلاد هي عينها، وعندما قامت باللعب مع الكلب في لبنان حصل ما حصل”.

وتابع لـ”لبنان الكبير”: “على الرغم من أن زوجتي تواصلت مع البلدية، إلا أنني أصررت على الاتصال برئيس البلدية لكونه صديقي أيضا، لكنه لم يحرك ساكناً ولم أدرِ ما السبب حتى اليوم، كما أنني حاولت التواصل مع أصدقاء لي في البلدة كي يقوموا بربطه واخراجه من الضيعة وأن أدفع شخصيا بدل إيجار التاكسي لهم أو البنزين، لكنهم لم يقوموا بشيء بحجّة أنهم لم يجدوا الكلب مكانه”.

شارك المقال