“جبل النفايات” في طرابلس “قنبلة موقوتة”… وتهديدٌ بيئي جديد!

إسراء ديب
إسراء ديب

عانت مدينة طرابلس كما غيرها من المدن من “جبل النفايات” والمطامر القديمة منها والحديثة وما تتسبّب به من تداعيات بيئية، وصحية خطيرة حذرت منها الهيئات المحلّية والدّولية بشكلٍ واضح، لكن لا حياة لمن تُنادي، ولا اهتمام رسمياً حثيثاً بهذه الأزمة المستمرّة والتي تعود إلى الواجهة من جديد مع النشاط الانتخابي، الذي يدفع بعض المرشحين إلى تركيز حملاتهم الانتخابية عليها سعياً إلى حلّها، على الرّغم من مرور أعوام وأحداث كلّها أشارت إلى عدم رغبة الطبقة السياسية الحاكمة في حلّ هذه الآفة من جذورها، مع العلم أنّها قد تكون مكسباً كبيراً من الناحية الاقتصادية يُمكن الافادة منه والتعويل عليه مالياً.

يُشكّل “جبل النفايات” الذي يمتدّ على مساحة نحو 67 ألف متر مربع، وبارتفاع يزيد عن 45 متراً، مصدراً يُهدّد المدينة وأهلها، بسبب العصارات السامّة والغاز المنبعث من تراكم هذه النفايات المكبوتة والتي لا تقتصر تداعياتها على التربة فحسب، بل تنسحب على الأجواء والبحر حيث يكمن هذا الجبل وترتكز هذه المشكلة المستمرّة منذ السبعينيات إلى يومنا هذا، بلا أيّ حلول مقنعة وجذرية على الرّغم من وجود حلول ممكنة تخفض من نسبة الخطورة المتوقّعة، إذْ يتحدّث خبراء عن احتمال حصول انفجار كبير بسبب هذه الجبال التي إنْ لم “ينفّس” الغاز الخطير المنبعث منها، ستكون نتائج كبته كارثية، وقد تكون شعلة صغيرة كفيلة بحصول كارثة بيئية واقتصادية، ما يعني أنّ طرابلس وغيرها من المدن أيضاً تعيش ضمن إطار قنبلة موقوتة خطيرة، وذلك وفق تقارير بيئية محلّية ودولية.

وفي وقتٍ كانت تقارير محلّية أكّدت وجود خطر بيئي كبير، أشارت بعض المراجع الرسمية شمالاً إلى أنّ “لا داعي للهلع”. وفي 18 كانون الثاني 2018، أعلن مجلس الإنماء والإعمار المكلّف إدارة وتنفيذ الأعمال في المكب بقرارٍ من الحكومات المتعاقبة، أنّه “حفر 3 آبار لسحب الغازات المنبعثة لتفادي وقوع أيّة مخاطر محتملة”.

ومنذ العام 2015، لم تتوقف الأصوات التي رفعت لمعارضة سياسة الدولة كما مجلس الإنماء والإعمار في إدارة هذا الملف ومراقبته بشكلٍ فاعل، إذْ أكّد خبراء وناشطون بيئيون إضافة إلى حقوقيين، أنّ هذه الفاعليات “لم تلتزم بالضوابط البيئية المطلوبة للتخلّص من النفايات بشكلٍ صحي أكثر”، الأمر الذي أدّى إلى اندلاع احتجاجات شعبية عرفت في تلك الفترة باسم “طلعت ريحتكم” كما ظهرت مجموعات احتجاجية أخرى بدءاً من شهر آب 2015.

قنبلة خطيرة جديدة

وفي حديثٍ لـ “لبنان الكبير”، حذر الناشط البيئي بول أبي راشد من أنّ الثروة السمكية مهدّدة بأزمة علمية جديدة لم يكشف عن تداعياتها الصحية حتّى هذه اللحظة بشكلٍ كامل. وقال: “نيكروبلاستيك أيّ البلاستيك الذي يتفتت ويتفكّك، يأكله السمك الذي نصطاده في طرابلس مثلاً، وفي الحقيقة نحن نأكل سموماً لا ندرك مدى خطورتها، ووفق الدراسات فإنّ هذه السموم البلاستيكية تدخل إلى الرئة والقلب ولها آثار جسيمة. فعلياً هذه التفاصيل لا تزال جديدة وتأثيرها الحقيقي مجهولاً في انتظار دراسات دقيقة لندرك حجم الكارثة أكثر، لكنّها كارثة بكلّ ما للكلمة من معنى”.

أضاف: “قصّة جبال النفايات التي تكبر شيئاً فشيئاً بسبب انعدام التنظيم الصحيح، بدأت مع مطمر الناعمة، صيدا وبرج حمود ومناطق أخرى، وهي كالعادة أزمة تأتي بسبب مجلس الإنماء والإعمار الذي لا يفرض بدقة على المتعهدين كيفية الفرز السنوي ككلّ الدّول في العالم، فمن مسؤولية هذا المجلس إدارة هذا الملف ورصد الثغرات بشكلٍ صارم وأن يقول لهم انّ المطمر يمنعكم من طمر أكثر من 10، 11 أو 15 بالمئة كحدّ أقصى من النفايات أي العوادم والمرفوضات، ولو تمّ الالتزام لما وصلنا إلى هذا الواقع”.

أمّا عن الغاز الخطير المنبعث، فأوضح أن “جيوب الغاز تأتي من تخمّر النفايات العضوية ما يُولّد غاز الميتان، وهو غاز متفجّر ومسبّب للانحباس الحراري وإذا لم يتمّ الاهتمام بشكلٍ صحيح بهذا الأمر، فسنكون في خطر حتّى ولو أقفل المطمر أو المكب، فاحتمال انفجاره يبقى موجوداً. وفي الوقت عينه يُمكن القول انّ هذا الغاز له وجهان، الأوّل متفجر والثاني قد يكون مصدراً للطاقة ويُمكن استغلاله إذا تمّت هذه الخطوة بطريقة صحيحة بعيداً من العشوائية التي تضرّ بهذا الملف الذي يزيد من خطورته قرب هذه الجبال من البحر أو الثروة المائية…”.

شارك المقال