فرق وداع رمضان تنشر الفرح في أحياء طرابلس

إسراء ديب
إسراء ديب

لا تنام طرابلس في شهر رمضان، ولا يعرف أهلها معنى رمضان إلّا بإحياء مختلف الطقوس والشعائر الدينية التي اعتادوا إحيائها بمشاركة من الشماليين أيضًا.

فالجميع في المدينة يحرص على التقاليد الرمضانية ويحيي طقوسها من بداية رمضان حتى آخر يوم فيه، بهدف إدخال الفرح في القلوب لا سيما الجيل الجديد، من خلال التذكير بعادات جميلة يحفظها الأهل وينقلونها الى أبنائهم ويشجعون الشباب والصغار على إحيائها.

والحقيقة أن لرمضان في طرابلس نكهة مختلفة عن أيّ منطقة أخرى، فمن يجول في أحياء المدينة وطرقاتها يستكشف تلك النكهة المميّزة في احتفالات رمضان وإحياء لياليه، ومن هذه الطقوس وداع الأيام الأخيرة حيث تجول فرق وداع رمضان في الأحياء وتنشد الأناشيد الدينية على وقع الطبول، وزيارة الأثر الشريف في آخر يوم جمعة من هذا الشهر.

الوداع في طرابلس

جولة فرق الوداع في طرابلس تشمل مختلف الأحياء في المدينة، في أيام العشر الأواخر من الشهر، وتحمل هذه الفرق الطبول والصنوج والدفوف، كما تقوم بإنشاد موشحات دينية وتنتقل بين الأبنية أو المحلّات التجارية المختلفة لجمع تبرّعات من الناس، وهي فرق تنقسم وفق مناطق معيّنة، منها: آل بارودي في الزاهرية والمئتين، آل منوري لمنطقة أبي سمراء، آل الخولى لمنطقة الضم والفرز، آل الزاهد لحارة البرانية والقبة.

هذه الطقوس ما تزال قائمة على الرّغم من الابتكارات التكنولوجية، وهي كانت رائجة في العهد العثماني وما تزال حتّى اللحظة، فهي تُحيي المشاعر الدينية وتُذكّر بضرورة مساعدة الآخرين والتمسّك بالعطاء والكرم.

لعب ارتفاع العدد السكاني في المدينة دورًا مهمًّا في دور فرق الوداع، فهذه الفرق كانت تكتفي بتجوّلها في آخر أيّام رمضان، ولكن بسبب الكثافة السكانية التي ازدادت بشكلٍ واضح مؤخرًا، يضطر هؤلاء إلى التجوّل في الشوارع بدءًا من العشر الأواخر أو بعد النصف من رمضان 15 رمضان، وفق ما يقول خضر خالد بارودي المسؤول عن فرقة الوداع في منطقة الزاهرية، المئتين، خان العسكر والغرباء.

ويُواجه فرق الوداع في المدينة تحدّيات كبيرة بسبب انتشار وباء كورونا وخوف الكثير من الناس منه، ويقول بارودي لـ “لبنان الكبير”: “نواجه تراجعًا في عملنا بسبب خوف الناس من وباء كورونا، إذ يضطر البعض منهم الى عدم فتح الأبواب لفرق الوداع التي تطرق أبوابهم خوفًا من احتمال حدوث أيّ عدوى”.

ويُضيف:” الطرابلسيون يفهمون هذه الطقوس جيّدًا ويشعرون بها لهذا السبب ما تزال هذه الشعائر تجد رواجًا وتقبلًا رغم التغييرات المختلفة “.

ولا يُخفي الكثير من الطرابلسيين امتعاضهم من تجوّل أكثر من فرقة في منطقة أو حيّ واحد وقيام بعض الأهالي بإعطاء تبرعات أكثر من مرّة، من هنا يلفت بارودي إلى وجود بعض الفرق التي تتعدّى على عملهم، ويقول: “نحن نحصل على ورقة وهي بمثابة رخصة للعمل في نطاق جغرافيّ محدّد، نحصل عليها من قبل الأوقاف الإسلامية، ولكن فرقاً أخرى نجدها تجول وهذا الأمر غير مسموح لأنّه يُسيء إلى سمعتنا ويدفع الناس إلى اتهام بعض الفرق بالنصب عليهم وهذا غير صحيح”، مؤكّدًا أنّه منع إحدى الفرق من العمل ضمن نطاقه الجغرافيّ بأسلوب راق.

وبمناسبة قرب حلول العيد، تقوم فرق الوداع بجولة على الأسواق، ” لبث السرور والبهجة في قلوب الناس ليلة العيد”، بحسب بارودي.

زيارة الأثر الشريف

ومن عادات أهالي طرابلس والشمال في آخر يوم جمعة من شهر رمضان، الاحتفال بإخراج الأثر الشريف من المسجد المنصوري الكبير لرؤيته والتبرك فيه وتقبيله وسط احتفالات وابتهالات دينية ومدائح نبوية وحضور شعبيّ ودينيّ كبيرين. فهذا الأثر الذي وهو عبارة عن شعرة من لحية النبي محمّد معطّرة بالمسك داخل علبة من الذهب الخالص التي أهداها لهم السلطان العثماني عبد الحميد الثاني عام 1890، تُعدّ عادة عثمانية أيضًا ما تزال رائجة بين أهالي المدينة، ويُقدّمها مفتي المدينة للناس بدءًا من الرجال ثمّ النساء، وهي احتفالية تُدخل السرور في قلوب المؤمنين في آخر أيّام رمضان.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً