فطر سعيد حقاً… جنوباً

نور فياض
نور فياض

من منا لا ينتظر الأعياد ليشتري ثياباً جديدة، أو ليجتمع مع الأصدقاء والأحبة؟ أين السهرة، أين سنجتمع؟ ماذا سنرتدي؟ وأسئلة غيرها كانت محور اهتمام اللبناني قبل الأزمة الاقتصادية، ولكنها تحوّلت الى “عيد بأية حال عدت يا عيد”، التي أصبحت شعاراً يستخدمه ليختصر وضعه المأساوي والتعيس الذي يعيشه في الفترة الأخيرة.

في العادة قبل أيام قليلة من العيد، تكتظ الشوارع والمحال وتصدح أصوات الناس وهي “تفاصل” على شراء لوازم العيد، فهل لا يزال سكان الجنوب يستمتعون بالعيد أم أصبحوا من فئة “عيد بأية حال عدت”؟…

يبدو أن غالبية سكان مدينتي صور والنبطية تستمتع بأجواء العيد. يقول مهدي صاحب محل للثياب في النبطية لـ “لبنان الكبير”: “أجواء العيد حاضرة ولكنها ليست بوتيرة السنوات الفائتة، وعلى الرغم من ذلك لم تخف الزحمة في الأسواق والمحال”.

ويضيف: “الشراء ليس حكراً على الطبقة الميسورة وحسب، انما الطبقة المتوسطة تتواجد أيضاً بكثرة والعائلات تشتري الثياب لكل أفرادها، باستثناء الموظّف الذي لم نعد نراه في الآونة الأخيرة.” ويشير الى أن “غالبية الناس تدفع بالدولار أكثر من الليرة اللبنانية والحمد لله الأجواء جيدة والبيع ممتاز”.

ويقول علي من سكان النبطية: “السوق يزدحم باللبنانيين ذوي الطبقة المتوسطة والغنية، والجديد هذه السنة الوجود المتزايد للنازحين السوريين الذين ينشّطون الأسواق، اما الفقير فقد سرقت منه الدولة بهجته.”

في الطرف الآخر من الجنوب وتحديداً مدينة صور ينسحب الوضع نفسه وجو الفرحة والبهجة لا يزال منتشراً بين أزقتها وأرصفتها وأسواقها ومطاعمها المكتظة بالمعيّدين.

“جو العيد طبيعي” بهذه العبارة يختصر أحد أصحاب المحال حالة العيد في صور. ويقول: “الناس لديها مصاري ومن يقول غير ذلك هو كاذب، وأكثر منطقة فيها مال هي صور.”

ويؤكد أن “السوق لم يتراجع، وجميع المحال نسبة مبيعاتها مرتفعة والعائلات تدفع بالعملة الصعبة وتشتري لجميع الأفراد وليس لواحد منها فقط، اضافة الى أنهم يشترون قطعاً كاملة من الرأس الى القدمين.”

اما في المقلب الآخر فتختفي الفرحة من عيون الفقراء الذين ينظرون بحسرة الى ما ليس في جيوبهم ولا أحد يساعدهم، فهم يبحثون عن العيد ولا يجدونه، يتمنون ثياباً جديدة لا يهم ان كانت مستهلكة أو قديمة فهي بنظرهم ثياب عيد.

تقول زينة وهي أم لثلاثة أولاد: “انّ هذا العيد ليس كغيره في لبنان، فأطفالي لن يحصلوا على أبسط حقوقهم بسبب تردي الأوضاع المعيشية والغلاء الفاحش. فالأهل أصبحوا غير قادرين على رسم البسمة العريضة على وجوه أولادهم، إذ اضطرت عائلات كثيرة ممن فقدت مصدر دخلها وأنا اوّلهم بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة أن تقتصر تحضيراتها على مظاهر متواضعة للعيد، قد يغيب عن بعضها ملابس الأطفال، وتخلو من الحلوى والهدايا والثياب والزينة المميزة”.

على عكس خديجة التي تؤكد أن “الأطفال لا يستطيعون التمييز بين الظروف التي يعاني منها لبنان حالياً أو بين الوضع من قبل، فهم لا يستغنون عن فرحة العيد، لذا من واجب الأهل أن يكونوا صانعي الفرح في قلوب صغارهم، لذلك سأشتري لهم ثياباً جديدة ولو كلّفني الأمر الاستغناء عن أي أداة كهربائية أو شي آخر أو الطلب من أخي المسافر أن يرسل لي المال، فالأهم عندي أن يفرح أولادي”.

اذاً في الجنوب لا غياب للأفراح ولا حتى لعجقة العيد، وحالة من الانتعاش تسيطر على حركة المبيعات. هذا العيد ينتظره الكبار والصغار فهو يشعرهم بالسعادة ولو لوقت قصير، اما الفقراء فينتظرون أموال الزكاة لتلبية ولو جزء قليل من مطالب أولادهم.

عيد فطر سعيد… حقاً سعيد جنوباً.

شارك المقال