كورونا تهدد منقوصي المناعة… والرعاية الصحية أولوية

تالا الحريري

رفع القيود والتخلّي عن الحماية وتطبيق الاجراءات الوقائية وعدم القيام باختبارات الـPCR في ظل إستمرارية تواجد فيروس كورونا، ستؤدي إلى تفشٍ جديد بالتأكيد. فمع مرور الوقت، ستنخفض المناعة التي تشكلت ضد الفيروس وستعود الدول إلى نقطة الصفر ولن تكفي حينها اللقاحات للحماية لأنّ الجسم إعتاد عليها وما عاد يتفاعل معها. لكن ماذا عن الناس الذين يعانون من نقص في المناعة أساساً وكيف تتم حمايتهم؟.

يحتوي المتحور أوميكرون الأخير حتى الآن من فيروس كورونا، على أكبر عدد من الطفرات بين جميع المتحورات. فهناك 32 طفرة موجودة داخل بروتين سبايك، وهو المكون الفيروسي الرئيس الذي يحدد قدرة الفيروس على تجاوز المناعة والتفاعل مع مضاداته، وثبت أن هذه الطفرات تغيّر حساسية الفيروس للتحييد بواسطة الأجسام المضادة الوقائية المكتسبة من العدوى السابقة أو التطعيم بلقاحات كورونا. وبالتالي تتمكن طفرات أوميكرون من الهروب من المناعة المكتسبة بسبب العدد الكبير في هذه الطفرات.

وقال قائد فريق البحث في المعاهد الوطنية لمراقبة الأغذية والأدوية في الصين يوتشون وانج: “وجدنا أن عدداً كبيراً من الطفرات في متغير أوميكرون قد يسبب تغييرات كبيرة في استجابة الجهاز المناعي لدى الأشخاص الذين أصيبوا بالفعل بفيروس كورونا، لذلك فإن اختراق عدوى أوميكرون سيحدث بدرجة معينة”.

منقوصو المناعة عرضة للأخطار

في السياق، أعلنت جمعيات المرضى العالمية في بيان، أنّ “جائحة فيروس كورونا أحدثت تغييرات جذرية في حياة الناس حول العالم، لكن مجموعة محددة من المرضى، وتحديداً ذوو المناعة المنقوصة، تبقى الأكثر عرضة لمخاطر هذا المرض مقارنة بباقي سكان العالم، ولا تزال حاجات هؤلاء غير ملبّاة حتى يومنا الحاضر”.

وأشارت إلى أنّ “أصحاب المناعة الضعيفة يشكلون نحو 2% من سكان العالم، وهم عرضة لأخطار متزايدة نتيجة عدم قدرة أجسامهم على توليد استجابة مناعية كافية بعد تلقي اللقاح المضاد لفيروس كورونا، وتشكل هذه الفئة 40% من مرضى كورونا الذين تسببت العدوى المنتشرة بدخولهم المستشفيات على الرغم من حصولهم على اللقاح، كما سجلت معدلات وفيات مرتفعة بين المرضى مقارنة بباقي السكان”.

منقوصو المناعة مهمّشون

نرى اليوم أنّه على الرغم من وجود دعم وعلاجات لمصابي كورونا إلّا أنّ ذلك يقتصر على الحالات العادية وليس غيرها، كالأشخاص الذين يعانون من نقص في المناعة أو من أمراض مزمنة وغيرها ولا يزالون حتى الآن يعانون تجاه كورونا التي أثرت على حياتهم بشكل كبير. ومع إلغاء القيود اليوم، نلاحظ الخطر الكبير على منقوصي المناعة الذين زادت خطورة تعرضهم للفيروس.

وأوضح بيان جمعيات المرضى أيضاً أنّ “مجتمع ذوي المناعة المنقوصة عانى لمدة تزيد عن عامين، العزلة عن الأصدقاء والعائلة والمجتمع، الأمر الذي أثر سلباً عليهم بأشكال عديدة. وهذا يشمل أطفالاً عجزوا عن الالتحاق بمدارسهم أو التفاعل مع أقرانهم في المجتمع، وبالتالي تأثر نموهم النفسي”.

وبعد إلغاء البرامج المالية المخصصة لمساعدة ذوي المناعة المنقوصة على البقاء في منازلهم خلال الجائحة في معظم الدول، أيقن العديد من هؤلاء عدم وجود خيار آخر سوى العودة إلى عملهم، لذلك فإن هذا التقصير في تحديد الأولويات يُفاقم انعدام المساواة في الوصول إلى الرعاية الصحية.

ومن جانب أنظمة الرعاية الصحية في الدول كافة، فإنّ جائحة كورونا فرضت ضغوطاً متزايدة عليها، ولكن يجب منح المتضررين منقوصي المناعة، الدرجة الأولى في الحماية من الفيروس نظراً الى ارتفاع أخطار دخول المستشفيات والتعرض لأمراض خطيرة تهدد حياة أصحاب المناعة الضعيفة عند إصابتهم بكورونا.

ولذلك على الحكومات وأنظمة الرعاية الصحية وغيرها من المؤسسات بذل الجهود لمراعاة ظروف منقوصي المناعة وإيجاد حلول للتفاوت في مستويات الرعاية الصحية وإلتزام المؤسسات والأماكن العامة بتطبيق إجراءات السلامة اللازمة للحفاظ على سلامة هذه الفئات. وهذه الإجراءات عناصر محورية لتمكين منقوصي المناعة من العودة إلى العمل، والاستمرار في أداء مهماتهم على أكمل وجه.

وهناك بعض الاجراءات التي يجب القيام بها من جانب منقوصي المناعة لحماية أنفسهم أهمّها تلقي اللقاح والمحافظة على التباعد الاجتماعي وإتباع الاجراءات الوقائية ومتابعة الطبيب كل فترة.

اللقاحات لا تضر بمنقوصي المناعة

وأشارت الدراسات إلى أن اللقاحات الحالية المضادة لفيروس كورونا التي توصي بها منظمة الصحة العالمية (أسترازينيكا/أكسفورد، وجونسون آند جونسون، ومودرنا، وفايزر/بيونتيك، وسينوفارم وسينوفاك) آمنة للأشخاص الذين يعانون من نقص في المناعة. فمنتجات اللقاح المتاحة حالياً ليست لقاحات حية، بل إنها تشتمل على مواد جينية مستمدة من فيروس كورونا، لا يمكنها التناسخ. ولذا، من غير المتوقع أن تكون هذه اللقاحات أقل أماناً لدى الأشخاص المنقوصي المناعة. إضافة إلى ذلك، لم يُبلغ عن أي تفاعلات دوائية بين لقاحات فيروس كورونا والأدوية المضادة للفيروسات القهرية، التي ينبغي أن يستمر منقوصو المناعة في تناولها بعد تلقي التلقيح للحفاظ على صحتهم.

شارك المقال