“جدري القرود” ينتشر…

تالا الحريري

“جدري القرود” هو فيروس حيواني نادر، ينتشر أساساً في المناطق النائية وسط أفريقيا وغربها بالقرب من الغابات الاستوائية الماطرة. وتنجم العدوى عن مخالطة مباشرة لدماء الحيوانات المصابة أو لسوائل أجسامها أو آفاتها الجلدية أو سوائلها المخاطية. كما تقول منظمة الصحة العالمية أنّ السبب قد يكون تناول اللحوم غير المطهوة جيداً من الحيوانات المصابة بالعدوى. أمّا بين البشر، فلا ينتشر هذا الفيروس بسهولة ولكن يمكن أن يحدث ذلك بصورة أساسية من خلال قطرات تنفسية كبيرة.

تاريخ الفيروس

كشف للمرة الأولى عن “جدري القرود” بين البشر في العام 1970 في جمهورية الكونغو الديموقراطية (التي كانت معروفة باسم زائير آنذاك). وأبلغ منذ ذلك الحين عن حدوث معظم الحالات في المناطق الريفية من الغابات الماطرة الواقعة في حوض نهر الكونغو وغرب أفريقيا، وخصوصاً في جمهورية الكونغو الديموقراطية، التي اندلعت فيها فاشية كبرى للمرض في العامين 1996 و1997. ومع أن الجدري استؤصل في العام 1980 لكنه لا يزال يظهر بشكل متفرق في بعض أجزاء أفريقيا، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.

وفي خريف 2003، أبلغ عن وقوع حالات مؤكدة من “جدري القرود” في المنطقة الغربية الوسطى من الولايات المتحدة الأميركية، ما يشير إلى أنها أولى الحالات المبلغ عنها للإصابة بالمرض خارج نطاق القارة الأفريقية، وتبين أن معظم المرضى المصابين به كانوا قد خالطوا كلاب البراري الأليفة.

دول الاصابات

وفي السياق، سجلت كل من إسبانيا والبرتغال أكثر من أربعين إصابة يشتبه بأنّها مرض “جدري القرود”. فقد أعلنت السلطات الصحية في مدريد الأربعاء، إكتشاف 23 إصابة، وفي البرتغال أكثر من 20 إصابة. وفي الشهر الماضي، حددت سبع حالات إجمالاً، كان أولها في نيجيريا.

وفي ولاية ماساتشوستس الأميركية، أعلنت وزارة الصحة، إكتشاف الحالة الأولى لفيروس “جدري القرود” في العام 2022 في ​الولايات المتحدة​. وفي وقت سابق، سجلت تسع حالات إصابة في ​بريطانيا.

ولفتت هيئة حماية المستهلك الروسية، إلى أن خطر إستيراد “جدري القرود” إلى ​روسيا​ منخفض جداً، وتتخذ جميع التدابير اللازمة لمنع إستيراد المرض.

وأعلنت منظمة الصحة العالمية أنّها وثقت في أفريقيا حالات عدوى، نجمت عن مناولة القرود أو الجرذان الضخمة أو السناجب المصابة بعدوى المرض، علماً بأن القوارض هي المستودع الرئيس للفيروس.

الأعراض ومراحل الاصابة

تشمل أعراض هذا الفيروس في الأيام الخمسة الأولى: حمى، صداع، تضخم العقد اللمفاوية، آلام في الظهر والعضلات، وهن شديد في الجسم. وخلال فترة الاصابة، يبدأ الطفح على الوجه في غالبية الأحيان ومن ثَم ينتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم، ويكون وقعه أشد على الوجه (في 95% من الحالات) وعلى اليدين والقدمين (75%). ويتطور الطفح إلى حويصلات وبثرات، قد يلزمها 3 أسابيع لكي تختفي تماماً.

تتراوح الفترة الفاصلة بين مرحلة الإصابة بالعدوى ومرحلة ظهور الأعراض بين 6 و16 يوماً، أمّا الأعراض فتدوم لفترة تتراوح بين 14 و21 يوماً. وتبيّن أنّ الفئات الأصغر سنّاً هي الأكثر حساسية للإصابة بـ “جدري القرود”. ولا أدوية بعد لهذا الفيروس ولا لقاح متاحاً حتى الآن، ولكن يتعافى معظم المرضى منه في غضون أسابيع قليلة. وثبت في الماضي أن التطعيم ضد الجدري ناجع بنسبة 85% في الوقاية من “جدري القرود”.

وأصدرت منظمة الصحة العالمية تحذيراً خطيراً مع اكتشاف أربع حالات جديدة من “جدري القرود” في بريطانيا. وقالت في بيان: “أي مرض أثناء السفر أو عند العودة من منطقة موبوءة يجب إبلاغ أخصائي الصحة، بما في ذلك معلومات حول تاريخ السفر والتحصين الأخير. ويجب على المقيمين والمسافرين إلى البلدان الموبوءة تجنب الاتصال بالحيوانات المريضة (الميتة أو الحية) التي يمكن أن تؤوي فيروس جدري القردة (القوارض والجرابيات والقرود) ويجب عليهم الامتناع عن أكل أو التعامل مع الطرائد البرية (لحوم الطرائد). ويجب التأكيد على أهمية نظافة اليدين باستخدام الصابون والماء، أو المطهرات التي تحتوي على الكحول”.

ووفقاً للبيان، فان نيجيريا واصلت منذ كانون الأول 2017، الإبلاغ عن حالات الإصابة بمرض “جدري القرود”. ومنذ أيلول 2017 إلى 30 نيسان 2022، أبلغ عما مجموعه 558 حالة مشتبه بها من 32 ولاية في البلاد. ومن بين هذه الحالات، تأكدت 241 حالة، توفيت منها ثماني حالات.

شارك المقال