لا حالات من “جدري القرود” في لبنان… والاحتياط واجب

تالا الحريري

بعد أكثر من عامين على إنتشار فيروس كورونا الذي فتك بالجميع وأثار الرعب في أرجاء العالم، إعتاد عليه الجميع وتشكلت ضده مناعة مجتمعية. وعلى الرغم من أنّه لم يختف بعد ولم يتم القضاء عليه، إلّا أنّ الناس لم تعد تكترث له وأصبحت مطمئنة. ولكن يبدو أنّ هذا الاطمئنان لن يدوم طويلاً، بعد الاعلان عن عودة ظهور فيروس “جدري القرود” الذي تم الانتصار عليه في العام 1980، وعودته بقوة وكثافة مع البدء بتسجيل إصابات مرتفعة في وقت قصير.

وطمأن وزير الصحة العامة فراس الأبيض، الى أن “لبنان لغاية اللحظة بمنأى عن الإصابة بفيروس جدري القرود، إلا أن الاحتياط واجب، خصوصاً في الفترة التي يزداد فيها السفر بين البلدان”.

أضاف: “في ما يخص الأمراض الوبائية الجرثومية نلتزم بالإجراءات المطلوبة من منظمة الصحة العالمية لناحية تجهيز أماكن عزل وغيرها من الإجراءات الخاصة بمجرد ورود شكوى عن أية إصابة”.

وأعطى الأبيض التوجيهات لمديرية الوقاية في وزارة الصحة العامة لاتخاذ الإجراءات، سواء من خلال المنافذ، لا سيما مطار رفيق الحريري الدولي أو من خلال المعاينة في العيادات مع أطباء الأمراض المعدية.

من جهته، أشار طبيب الأمراض الجرثومية جاك مخباط، الى أن “لا خطر على لبنان في الوقت الحالي من فيروس جدري القرود. ولكن من الوارد قدوم بعض هذه الحالات إلى لبنان، خصوصاً بعد أن ظهرت مؤخراً حالات معدودة منه في بريطانيا وإسبانيا وفرنسا وغيرها من الدول الأوروبية وفي الولايات المتحدة الأميركية وكندا”.

ولم ينف مخباط “خطر حدوث حالات وفاة بسبب الفيروس، فنسبة الوفاة من جراء الإصابة بجدري القرود تتراوح ما بين 3.5 إلى 10%، خصوصاً لدى حديثي الولادة وكبار السن ومن يعاني من أمراض مزمنة مثل نقص المناعة. كما لا يوجد علاج في الوقت الحالي لفيروس جدري القرود، وقد يؤمن اللقاح ضد الجدري حماية كافية، إذ أن هذين الفيروسين من الفصيلة نفسها”.

دول الاصابات

الى ذلك، أعلنت 11 دولة في أوروبا عن رصدها إصابات بـ “جدري القرود”، بينها إيطاليا، البرتغال، السويد، فرنسا، ألمانيا، بلجيكا، هولندا، بريطانيا وإسبانيا (الدولة التي فيها أكبر عدد من حالات الإصابة بالمرض في العالم – 39 إصابة) إضافةً إلى كندا، الولايات المتحدة وأستراليا.

وتسبب “جدري القرود” منذ كانون الثاني الماضي بوفاة 58 شخصاً على الأقل في الكونغو الديموقراطية، حيث أصيب أكثر من 1200 شخص، بحسب مكتب المنظمة الدولية في البلد الأفريقي.

وتوجد سلالتان رئيستان الأولى سلالة الكونغو، وهي أكثر خطورة إذ تصل نسبة الوفيات فيها إلى 10%، والأخرى سلالة غرب أفريقيا ويبلغ معدل الوفيات فيها حوالي 1%.

ينتقل هذا الفيروس عن طريق اللعاب وإفرازات الأنف والطفح الجلدي الناتج عنه، أو الاتصال الوثيق بدرجة كافية لاستنشاق القطرات المحمولة بالهواء، وكذلك استخدام الأدوات المشتركة مثل الفراش والمناشف إلى جانب العلاقات الجنسية، والشاذة منها بوجه خاص. وأثارت البيانات الأخيرة مخاوف من انتشاره على مستوى العالم في الأشهر المقبلة.

وقال مدير الصحة العامة في لندن كيفين فينتون: “قمنا مؤخراً بتشخيص عدد من الحالات الجديدة لمرض جدري القرود في إنجلترا، وتحديداً في منطقة لندن الكبرى. وفي هذه المرحلة، نطلب من الجميع أن يكونوا على دراية بالعلامات والأعراض التي تشمل الطفح الجلدي حول الفم، وكذلك حول المنطقة التناسلية. نحن نطلب بشكل خاص من الرجال المثليين وثنائيي الجنس، الذين رأينا نسبة متزايدة من الحالات بينهم، أن يكونوا على اطلاع على مرض جدري القرود”.

كما عقدت منظمة الصحة العالمية اجتماعاً طارئاً، ليل الجمعة، تناول تفشّي مرض “جدري القرود” بعد الاشتباه بأكثر من 100 حالة في أوروبا، وتعمل المنظمة مع شركائها على فهم أفضل ومعرفة مدى انتشاره وسبب تفشيه. وأشارت في بيان إلى أنّ “هذا الفيروس يستوطن في بعض المجتمعات الحيوانية في عدد من الدول، ويتسبّب أحياناً بتفشي هذا المرض بين السكّان المحليين والمسافرين. لكن حالات التفشي الأخيرة لهذا الفيروس التي رُصدت في 11 دولة، تعتبر غير مألوفة لأنها اكتشفت في دول غير موبوءة”.

وأوضح البيان أن “نحو 80 حالة سجلت في العالم حتى الآن، و50 أخرى تخضع للتدقيق. ويرجّح الإبلاغ عن المزيد من الحالات بالتوازي مع توسع نطاق عملية المراقبة”.

وتعمل منظمة الصحة العالمية مع الدول المتضررة وبلدان أخرى بهدف توسيع نطاق مراقبة المرض لرصد الأشخاص الذين تحتمل إصابتهم وتقديم الدعم لهم، وتزويدهم بالإرشادات الخاصة بكيفية التعامل مع المرض.

شارك المقال