القطاع الصحي ينهار… والمريض يكتوي بالدولار

جنى غلاييني

الأزمة الاقتصادية المتمادية التي يمر بها لبنان استطاعت أن تقضي على كل القطاعات، فأصبح البلد كجسمٍ تنخره الأمراض ولا يعرف صاحبه من أين يأتيه الألم فيصرخ “آخ”!.

ومن بين هذه القطاعات وفي مقدمها القطاع الصحي الذي كان ولا يزال يتعرض لضغوط شديدة، ويكافح حتى اليوم “باللحم الحي” ليبقى المواطن اللبناني حياً. فبسبب نقص الوقود والأدوية المستمر وسط أزمة اقتصادية مشؤومة أصبحت الحياة لا تطاق بالنسبة الى العديد من الأطباء والممرضات الذين قرّروا مغادرة هذه البلاد المنكوبة بالأزمات اللامتناهية.

لبنان الذي اشتهر برعايته الطبية، صار المسؤولون عن هذه الرعاية يهاجرون بحثاً عن حياةٍ لائقة لشهاداتهم، وهذا ما أكّده نقيب الأطباء شرف أبو شرف عن هجرة ما لا يقل عن ثلاثة آلاف طبيب من ذوي الاختصاصات والكفاءات العالية.

وما يضاعف الانهيار الطبي هو عدم قدرة الأطباء على التصرف بأموالهم وبالأموال التي تصلهم من الجهات الضامنة الرسمية أو الخاصة، إذ لا يستطيعون سحبها من المصارف لتأمين الحد الأدنى من العيش اللائق، والمستلزمات الضرورية، بحسب أبو شرف، الذي شدد على أن “القطاع الصحي خط أحمر، كونه يتعلق بصحة الناس التي يجب أن تكون أولوية”، وهذا ما يدفع نقابة الأطباء الى تنفيذ وقفة تحذيرية ضد المسؤولين عن وضعهم أي الدولة والمصارف ومصرف لبنان، محذرة من أنها في حال لم تلق تجاوباً فستتجه الى تحركات تصعيدية وتنفيذ وقفة تضامنية مع كل نقابات المهن الحرة لتصويب الأمور، قبل أن تتفاقم الأزمة لتصل الى كارثة اجتماعية كبيرة.

الأزمة الاقتصادية الحالية وانهيار الليرة اللبنانية أثّرا بشكل كبير جدّاً على القطاعات وخاصّةً على القطاع الطبي في لبنان، بحسب رئيس لجنة الصحة النيابية النائب السابق عاصم عراجي، الذي أشار في حديث لـ “لبنان الكبير” الى أن ذلك أدّى الى تدني نسبة الدخول الى المستشفيات حيث أن 50% من أسرتها مشغولة فقط والـ50% الباقية فارغة. ولفت الى أن “المريض الذي يدخل أي مستشفى يدفع مبالغ خيالية وهذا ما ينعكس عليه، ما يعني أنّه الأكثر تضرراً من الأزمة إذ يضطر الى الدفع إمّا بالفريش دولار أو على سعر صرف السوق”.

المصارف هي أحد أسباب انهيار القطاع الصحي في لبنان، أكد عراجي “فالمشكلة الأساسية تكمن في عدم إعطائها أموال الأطباء خاصّة الأموال التي تأتي من الجهات الضامنة، وذلك حين يتم تحويل المال من هذه الجهات إمّا الرسمية أو الخاصة الى حسابات الأطباء، ولكن السبب الرئيس لهذا الانهيار يعود الى تدني سعر صرف الليرة اللبنانية”.

وأوضح أن “جراحة القلب كانت تكلف سابقاً مليوناً ونصف المليون ليرة، أمّا اليوم فأصبحت تكلفتها 130 مليوناً!. أمّا عملية التمييل فتصل كلفتها كحد أدنى الى 12 مليوناً، فكيف باستطاعة المواطن أن يؤّمن هذا المبلغ؟ عدا عن عملية الراسور التي تكلّف 1200 دولار أو 500 على الراسورات القديمة”.

وقال: “عندما تنهار كل القطاعات في لبنان فهذا يعني أنّ الأمر يتطلّب حلاً مستعجلاً وآمناً يضمن استمرار عملها، وقد وصلنا الى مرحلة بات المواطن غير قادر على إجراء صورة إشعاعية في المستشفى إلا من كان يملك الفريش الدولار، لذا أصبح الاستشفاء والطبابة في لبنان حكراً على الأغنياء”.

وعن احتمال تجاوب الدولة مع اضراب الأطباء، أعرب عراجي عن اعتقاده أن حض الدولة على النظر الى القطاع الصحي “لن يجدي نفعاً، فالدولة مفلسة تماماً أو بالأصح سرقت، وهذا ما أوصل كل القطاعات في هذا البلد الى الانهيار”.

شارك المقال