الأسواق الإلكترونية للثياب المستعملة تزدهر… والزبائن طبقات راقية

راما الجراح

ظاهرة بيع الألبسة المستعملة قديمة في لبنان لكن المستجد فيها هي أنها أصبحت تباع على المواقع الإلكترونية وصفحات الانستغرام، وهي مشاريع رابحة أبطالها نساء، يروجون البضاعة بطريقة ذكية لكسب الزبائن.

سوق الملابس المستعملة أو المعروفة بـ”البالة” كانت سابقاً حكراً على الفئات المُعدمة من الناس، أصبحت اليوم الأكثر طلباً في ظل الأزمة الاقتصادية الصعبة التي يمر بها لبنان والارتفاع الجنوني للأسعار التي أعجزت أكثر من ٥٠٪ من اللبنانيين عن إمكانية شراء “الماركات” التي اعتادوا عليها في السنوات الماضية. فقد أدى انهيار الليرة اللبنانية إلى انهيار القدرة الشرائية لمعظم الناس، وانخفضت الحركة التجارية بنتيجة تداعيات كورونا أيضاً، فكان الحل باللجوء إلى الأسواق الإلكترونية التي اجتذبت الكثيرين وخففت من هم الغلاء.

تقول الناشطة الاجتماعية وصاحبة صفحة the charity store سيرين منصور لـــ”لبنان الكبير”، إنها خصصت هذه الصفحة لبيع الثياب المستعملة والجديدة الموجودة داخل الخزائن في المنازل، وإنها بدأت تنفيذ فكرتها عندما أيقنت أن هناك “عدداً من ملابسنا إما تبطل موضتها أو تصبح غير مناسبة لمقاس أجسادنا وثياب مناسبات لا يكون لنا حاجة لها فيما بعد، ففكرت لمَ لا يتم بيعها، بدل توزيعها بشكل عشوائي”.

وتضيف: “بدأت بإعلان الفكرة والترويج لها عبر صفحتي الخاصة على انستغرام وعلى صفحة خاصة للبيع تحت اسم The charity store، ولاقت تفاعلاً قوياً من الناس، وبالأخص أنني خصصت الربح لمساعدة الفقراء والمحتاجين بطريقة منظمة وبهذه الطريقة لا تذهب الثياب للتلف أو التوزيع العشوائي ويستفيد منها الآخرون، وهذا ما حصل وتواصلت مع شركة وكلني للديليفيري وكانوا متعاونين جداً معي وبالأخص عندما علموا أن المشروع هدفه خيري بحت ولا يبغى الربح”.

وتوضح منصور: “كانت الأسعار جداً مقبولة وأرخص من محال الــ Outlet وكان الإقبال على البضاعة المستعملة، التي كانت تشمل ثياب واكسسوار وأدوات مطبخ وأدوات زينة كبير جداً، ولم يقتصر المبيع على ذوي الدخل المحدود لرخص الأسعار مثلاً، بل إن أغلب الزبائن كانوا من الطبقة الغنية لأن البضاعة المعروضة مرتبة وتجتذب الزبائن، فهي بالاسم تعتبر مستعملة أو بالية”.

وتشير منصور إلى أن مشروعها “ناجح جداً في ظل الوقت الصعب الذي يعيشه وطننا لبنان والغلاء الفاحش في المحال التجارية”.

“بعد انتشار جائحة كورونا والإقفال العام الذي امتد إلى العالم بأسره، ازدهر العمل “أونلاين” بشكل كبير في لبنان وكانت الحصة الأكبر للبضاعة المستعملة ومن هنا بدأ مشروعنا”، تقول مايا الخطيب صاحبة صفحة Restyle zone لبيع الملابس المستعملة والجديدة، مضيفة “شاء القدر أن ألتقي بتاجر جملة يبيع ثياباً بماركات أوروبية ونوعية مميزة، ليكتمل مشروعي”.

وتوضح: “الثياب المستعملة التي يتم عرضها ليست مستعملة فعلاً، فأغلبها مستعمل لمرة واحدة فقط ونحن نقوم بكيها وتنظيفها في المصبغة لتكون جاهزة للاستعمال المباشر وأسعارنا مقارنة مع السوق التجاري اليوم رخيصة إلى أبعد الحدود”.

وتشير الخطيب إلى أن “الإقبال على الشراء من الصفحة كبير جداً والبيع سريع، فمجرد عرضنا لأي قطعة ثياب يأتي الطلب عليها في الوقت نفسه، لأن الكنزة اليوم في المحال التجارية أصبح سعرها لا يقل عن ١٥٠ ألف ليرة لبنانية اليوم بينما في صفحتنا تتراوح أسعارها بين ٣٥ و ٤٠ ألف ليرة فقط ونوعيتها تساوي النوعية نفسها في المحال التجارية وتضاهيها في أغلب الأحيان”.

انقلبت أمورنا وكان الحل سوق ثياب مستعملة إلكترونياً، شكّل خياراً بديلاً للطبقات الوسطى والدنيا وأصبح مشروعاً بين الناس، فهل هذه الظاهرة ستكون مؤقتة أم أنها فتح آفاق لأساليب تجارية جديدة تلقى الرواج المستمر؟.

كلمات البحث
شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً