الانفجار الاجتماعي مرتقب… والمجاعة تهويل عبثي

جنى غلاييني

وصل الشعب اللبناني الى مرحلة يرثى لها، بعدما باتت القوة الشرائية لديه تتضاءل يوماً بعد يوم، وفوق ذلك مع “كل دبّة نملة” يعلو الدولار مقابل الانهيار المستمر لليرة اللبنانية. وما يزيد الوضع سوءاً هو عدم وجود أي حلول في الأفق أو معالجات وتدابير عاجلة تنقذ لبنان من الغرق في دوامة الأزمات الأكثر فتكاً، ولا سيما منها المجاعة!.

ففي العام 2020، تفاقمت الأزمة الاقتصادية والمالية غير المسبوقة، وترافقت مع جائحة كورونا، وانفجار مرفأ بيروت، ما أدى الى تهديد اللبنانيين في لقمة عيشهم ومعيشتهم وباتوا مهددين بالغرق في دوامة الانهيار. وفي ضوء ذلك، يؤكد كل المحللين والخبراء أن المؤشرات سلبية، ويحذرون من أن الانفجار الاجتماعي بات قريباً لأن قدرة الناس على تحمل الأوضاع المعيشية نفدت. كما تتحدث التقارير الدولية عن أن 80% من الشعب اللبناني بات تحت خط الفقر، وأن الأطفال يعانون من سوء التغذية ولا يتلقون لقاحاتهم الدورية، محذَرة من مجاعة في لبنان خصوصاً في حال لم تتخذ اجراءات سريعة من شأنها الحد من التدهور.

وفي السياق، يشير رئيس قسم الأبحاث الاقتصادية في “بنك بيبلوس” نسيب غبريل الى أنّ “هناك الكثير من المزايدات العبثية والشعبوية الزاحفة والتهويل والتخويف مما له علاقة بالمجاعة، وذلك لوجود جهات من مصلحتها ألا يكون هناك استقرار اجتماعي في لبنان وأن يبقى في جو من الضبابية الخالية من الرؤية الواضحة فيه”.

ويؤكد أنّ “العملية الاصلاحية لم تبدأ بعد، ولا يزال الجميع في ذهنية الحملات الانتخابية على الرغم من انتهاء الانتخابات النيابية، إضافة الى المناكفات المتعلقة بمجلس النواب والأفق لتشكيل حكومة جديدة، أما على أرض الواقع فالوضع مختلف حيث الضغوط المعيشية والأزمة الاقتصادية الحادّة والشح في السيولة وغلاء الأسعار والتضخم المفرط. ولكن هناك فرق بين هذه الضغوط، وهذا لا يعني أنني أقلّل من أهمية الأزمة وعمقها، لكن الكلام عن أنّ لبنان مقبل على مجاعة هو كلام غير مسؤول برأيي”.

ويعتبر غبريل أنه “في حال البدء بالعملية الاصلاحية تدريجاً بحسب خريطة الطريق التي وقعتها الدولة اللبنانية مع صندوق النقد الدولي ستستعاد الثقة تدريجاً، وأولوية هذه العملية هي دعم النمو الاقتصادي وتوسيع حجم الاقتصاد وتحسين بيئة الأعمال والمناخ الاستثماري، ليكون القطاع الخاص قادراً على أن يقوم بدوره الطبيعي، وهو العمود الفقري للعجلة الاقتصادية في لبنان، لكن اليوم وفي ظل غياب أي خطط إصلاحية نرى تعدداً في أسعار الصرف وانفلاتاً في التسعير وتراجعاً مستمرأً في القدرة الشرائية للأسر اللبنانية. وعلى الرغم من هذه الأوضاع السائدة إلاّ أنّه لا يمكن القول انّ لبنان متجه الى مجاعة، ومن يربط المجاعة بمؤامرة خارجية تُفرض على لبنان، يتهرب من المسؤولية، فربط كل قرار خارجي بلبنان كالتطورات الدولية والاقليمية يعتبر مجرد كلام وهروب من المسؤولية”.

ويقول غبريل: “كان بالإمكان معالجة الأزمة منذ اندلاعها ولكن ليس هناك حس بالمسؤولية ولا بضرورة معالجتها بشكل سريع، واليوم وبعد سنتين ونصف السنة من اندلاع الأزمة لم يُتّخذ قرار واحد للجم التدهور وبدء استعادة الثقة، وبالتالي بدء الخروج من الأزمة، فالعكس صحيح إنما تؤجل الاجراءات هذه ويماطل فيها”.

ويرى أن “لبنان ليس مقبلاً على مجاعة، بل هو مقبل هذه السنة على موسم صيف واعد غير مسبوق يمكن مقارنته بصيف 2009 و2010 الذي كان من أفضل المواسم السياحية في تاريخ لبنان المعاصر، والدليل هو حجوزات الطيران المفوّلة حتى آخر شهر آب، وحجوزات الفنادق أيضاً، وهذا من شأنه أن يدعم الحركة الاقتصادية ولو لفترة الصيف فقط”.

ويختم غبريل: “إنّ نسبة البطالة في لبنان بحسب الاحصاءات الرسمية والتي لم تصدر عن مديرية الاحصاء المركزي بعد هي 29%، وعلى الرغم من أنّ الرقم يعتبر كبيراً إلّا أنّه رقم رسمي يجب أن يؤخذ به في الحديث عن البطالة، إذ نرى الكثيرين يقومون بالتهويل والتخويف بأن لبنان مقبل على مجاعة وأنّ نسبة البطالة 70 و80% إلّا أنّ هذا غير صحيح إطلاقاً”.

شارك المقال