الفساد المستشري يلوّث مياه البحر وشطآنه!

يارا نصر
يارا نصر

صيف لبنان بات مناسبة لاختبار مأساة مصير بحره الملوث، فبعد ان كان البحر الأجمل بشطآنه وخلجانه، غدى البحر الأسوأ في العالم كله، وذلك بسبب فساد الإدارة، فساد الحكومة، والفساد البلدي والشعبي، والفساد المعشعش في النفوس والذي حوّل الشاطئ الأجمل إلى الشاطئ الأوسخ.

وعند شاطئ الرملة البيضاء، مشهدٌ يلخص حجم الإهمال والفساد الذي يتفشى وينخر في جسد دولة تلتقط أنفاسها الأخيرة بسبب سياسات أنهكتها وأدت الى انهيارها، والتي تكون دائما على حساب المواطن اللبناني وصحته.

فقد غزت القواقع الفاسدة رمل الشاطئ السحري، ومياه الصرف الصحي لم تكفِها مياه المتوسط بل فاضت وتمددت على الرمال لتفوح روائحها وينكشف لونها المستور في عرض البحر. بالإضافة إلى ذلك لم تستكمل معظم شبكات معامل التكرير ولم يتم وصلها بشبكات الصرف الصحي وشبكات المياه، وتتولى في بيروت محطة ضخ في منطقة السلطان ابراهيم جنوبي العاصمة إيصال المياه الى محطة الغدير جنوبي المطار والتي بدورها تقوم بتكرير بدائي لضخ المياه الآسنة إلى مكان على عمق 600 متر تحت سطح البحر وبعيدا عن الشاطئ بنحو 1700 متر، فيما محطة برج حمود لم تنتهِ بعد.

وحسب خبراء بيئيين فان معظم محطات التكرير لا تعمل بكامل طاقاتها انما بشكل جزئي، ولفت متعهد إحدى محطات تكرير مياه الصرف الصحي، ان متعهدي المحطات لم يتقاضوا من الجهات الحكومية كامل مستحقاتهم المالية بعد.

ولفت جمال عيتاني رئيس بلدية بيروت، الى ان المشكلة ليست جديدة والبلدية عملت بجهد لحل الأمور، وذلك عبر اقامة خط موقت الى البحر بحدود كيلومتر ونصف، لكن الأزمات المالية المتوالية ادت الى وقف التلزيمات في كل الدولة، وأوضح ان المعني الأساسي بتلزيم محطات الضخ والتكرير هو مجلس الإنماء والإعمار ولا علاقة للبلدية بذلك.

وأشار ميلاد فخري مدير المركز الوطني لعلوم البحار إلى أن “المشكلة قديمة، وهذا الشاطئ غير مؤهل للسباحة لأن مجارير العاصمة بأكملها تصب فيه، وعلى المسؤولين العمل بجدية للحد من تدفق المياه المبتذلة على الشاطئ العام الوحيد في بيروت”. كما لفت إلى أن “المياه مليئة بالبكتيريا والناس تسبح بالمجارير، مشددا على عدم وجود مضخات عاملة والموجود مجرد تحويلات غير موصولة بمحطات التكرير، بالإضافة إلى معمل غدير الذي يكرر بشكل بدائي ومع مشكلة الكهرباء قد يكون عمله تراجع في المنطقة لان القسم الأكبر من المجارير يصب في بحر الأوزاعي”.

وهذه الكارثة كغيرها من الكوارث التي ستمر مرور الكرام والتي يتحمّل تبعاتها المواطنون بعد نهب ما هو حق لهم على شاطئ مصنف ضمن الأملاك العامة، فلو كنا في دولة تحترم حقوق مواطنيها وقوانينها، لكان ثمة اليوم العشرات خلف قضبان السجون، أو يمثلون الآن أمام القضاء، ولكنا شهدنا أيضا إقالة عدد كبير من المسؤولين، وتحويلهم إلى النيابة العامة، وهذا أقل الإيمان، فهم المسؤولون عن هذه الجريمة والفضيحة ومشاركون فيها مباشرة أو عبر تغطية الفاسدين.

شارك المقال